رغم انه من السابق لأوانه ابداء الفرحة جراء اتمام العمل، الا انه رويدا رويدا تقترب دولة اسرائيل من احد الاختبارات الحاسمة في تاريخها. صحيح ان فك الارتباط لم يصبح حقيقة ناجزة، لكن على افتراض انها ستنفذ بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني الذي سيتحمل المسؤولية عن المناطق التي ستخلى، وعلى امل ان تنتهي العملية بهدوء نسبي، داخلي وخارجي ـ سيتعين علينا جميعا التصدي للسؤال التالي: هل يتعين مواصلة العملية السياسية وكيف؟

منذ 1967 تخصصت حكومات اسرائيل المتعاقبة بالمماطلة وبتأجيل القرارات المتعلقة باخلاء مستوطنات وهو تصرف كان له دور كبير في الثمن الدموي الكبير الذي ارغمنا على دفعه طوال السنين. والآن، ومع بدء عملية اخلاء المستوطنات للمرة الأولى والخروج من تلك المناطق التي يعتبر تواجدنا فيها من دون فائدة ومضراً، فإن من شأن عدم استغلال الزخم الحالي بهدف مواصلة خطوات الخروج من معظم اراضي الضفة الغربية في الطريق نحو التسوية الدائمة مع الفلسطينيين، ان يكون نكبة لأجيال.

خلافا لمعارضتي لحكومة الوحدة السابقة، ايدت دخول هذه الحكومة انطلاقا من اعتقادي بانه يتعين على حزب العمل تعزيز رئيس الحكومة خلال سيره نحو اخلاء غوش قطيف وشمال الضفة. الى جانب ذلك فان الالتزام الحقيقي لشارون بالتسوية مع الفلسطينيين سيختبر من خلال خطواته بعد اتمام خطة فك الارتباط وبقدرته على قيادة دولة اسرائيل باتجاه التسوية الدائمة.

خطة فك الارتباط لوحدها لن تجلب تغييرا جوهريا في علاقاتنا مع جيراننا. الأسوأ من ذلك هو نشوء فراغ سياسي بعدها، لان من شأن هذا الامر ان يعيدنا الى ايام الارهاب السوداء. ان خطوة الى الامام وخطوتان الى الخلف ينتجان رقصة تانغو لطيفة، لكن اذا جربنا خطوات الرقص هذه مع شركائنا الفلسطينيين فمن شأننا السقوط معا في هاوية العنف والارهاب السحيقة.

في اليوم الذي يلي فك الارتباط يتعين على حكومة اسرائيل ان تقدم خطة سياسية ـ امنية واضحة للسير باتجاه التسوية الدائمة. فأبو مازن والقيادة الفلسطينية الحالية اثبتوا التزامهم بالتهدئة، ويتعين على اسرائيل استغلال وجود شريك فلسطيني مناسب والسير معه سوية باتجاه انهاء النزاع.

ان شعار «احادية الجانب»الذي كان جيدا للفترة التي شهدت عمليات ارهابية يومية والتي كان فيها ياسر عرفات المحاصر في المقاطعة الزعيم الفلسطيني من غير منازع، لم تعد ذي شأن الآن حيث القيادة الفلسطينية برئاسة ابو مازن تحاول محاربة العناصر الارهابية وان كانت هذه المحاربة لا تتم بالشكل المطلوب دائما. ولا تستطيع حكومة اسرائيل ايضا تجاهل ان القيادة الفلسطينية تعمل بهدف تنسيق تنفيذ فك الارتباط والتصرف الامني العام، وهو ميل يجب علينا تعزيزه وتشجيعه.

اثبت التاريخ ان الوقت هو العدو الاكبر لكل من يريد ان يخلق هنا واقعا مغايرا، فالانجازات التي استطعنا الوصول اليها في السابق لم تعد واقعية في الحاضر، والنتائج التي يمكن احرازها اليوم ستكون مستحيلة في المستقبل. مع نهاية عملية فك الارتباط سيضطر شارون لاختيار وجهة سيره، هل سيسير نحو متطرفي مركز الليكود ام نحو شراكة شجاعة مع حزب العمل. اذا اختار مواصلة التقدم بالعملية السياسية فسنكون معه. لكن اذا تحولت سياسة الحكومة الى سياسة مترددة وملتوية فان حزب العمل لن يشكل ورقة توت لغياب الفعل السياسي الذي يهدف للفوز مجددا بتعاطف الفايغلينيم «نسبة الى اليميني المتطرف في مركز الليكود موشيه فايغلن» واللاندويين «نسبة الى الوزير السابق عوزي لانداو في مركز الليكود».

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)