يتابع قادة المعارضة السورية ما يجري في الدول العربية الأخرى من انتخابات وتحركات اصلاح بمزيج من اليأس والرغبة والأمل في ان تشهد سوريا مثل تلك الانتخابات والتحركات الاصلاحية في سياق المسيرة البطيئة المستمرة للديمقراطية في الشرق الأوسط.

ويقول هؤلاء ان ما جرى ويجري في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية ومصر من تغييرات وخطوات اصلاح يبعث على الأمل في ارساء نقطة انطلاق قريبة من بلادهم التي لا بد وان تمر بها رياح التغيير التي تهب على المنطقة.

وفي سلسلة مقابلات معهم مؤخراً قال مواطنون سوريون ان نظام حزب البعث العربي الحاكم في سوريا برئاسة الرئيس بشار الأسد يبدو غير قادر على القيام بالكثير او تقديمه باستثناء القدرة على الاستمرار والبقاء بالحد الأدنى وتحت مراقبة مستمرة ومتابعة مشددة من المجتمع الدولي، وان أي تغيير لن يحدث فارقاً كبيراً وحقيقياً في حياة شعب يعيش عقده الرابع على التوالي في ظل نظام سياسي سلطوي مثل انظمة اخرى كثيرة.

وقالت بيسان البوني الناشطة المدافعة عن حقوق الانسان ابنة عضو الحزب الشيوعي الذي كان معتقلا معظم سنوات عمرها: «ان المنطقة بأسرها تتغير حالياً وبقينا في مؤخرة الركب.. وكنا متفائلين في بادئ الأمر ولكننا لم نعد كذلك، وتلاشى كل أمل كان لدينا، ومن الواضح اننا سنكون اكثر عزلة».

ومن وجهة نظر الولايات المتحدة ومحللين غربيين فإن سوريا تبدو الدولة الوحيدة البعيدة عن سرب الدول العربية وتتسم بالعناد وتؤوي منظمات وجماعات معادية لأمريكا وتشكل تهديداً متزايداً لها ول «اسرائيل».

وتحت ضغط دولي متزايد سحبت سوريا قواتها من لبنان بعد وجود استمر اكثر من ثلاثة عقود. وعقد حزب البعث هذا الشهر اول مؤتمر عام له منذ عام 2000 وتعهد بالسماح بتأسيس احزاب سياسية اخرى منافسة للبعث بعيدة عن الأسس العرقية والدينية في ضربة موجهة الى الجماعات والقوى الاسلامية والكردية وهي ابرز رموز وملامح المعارضة في سوريا.

وقال محمد شحرور الكاتب وأحد منتقدي النظام: المشكلة في هذا البلد مماثلة لمشكلة العراق انها المادة 8 من الدستور التي تنص على ان حزب البعث يجب ان يكون الحزب الحاكم في سوريا وان المساس بهذه المادة امر مستحيل ومجرد اوهام واحلام وسيبقى النظام حتى نهاية هذا القرن لأن قادته ومسؤوليه ليسوا خائفين من المعارضة الداخلية.

ومن جانبه قال هيثم المعلا احدى الشخصيات المعارضة والذي امضى سبعة ايام في السجن بعد دعوته الى التغيير: ان النظام في سوريا يقدم التنازل تلو الآخر للولايات المتحدة متمسكا بالحد الأدنى من السياسات والقرارات والاحكام لتجنب هجوم او غزو بقيادة الأمريكيين. بينما يقول كاتب آخر هو ميشيل كيلو «نعتقد بأن الأمريكيين يعملون على اضعاف الأنظمة الاستبدادية ولكننا لسنا متأكدين من انهم يدعمون المعارضة ويعملون على تقويتها، وحينما كنا نطالب بالديمقراطية كانت امريكا تساند الديكتاتورية والطغيان والآن يطالب الأمريكيون بالديمقراطية ويريدونها على طريقتهم».

وقال رياض الداوودي عميد احدى الكليات الجامعية والمستشار في وزارة الخارجية السورية انه التقى مسؤولين امريكيين في لندن العام الماضي للاستماع لمطالبهم وكانت: اغلاق كافة مكاتب المنظمات والفصائل الفلسطينية، وقطع العلاقة مع حزب الله اللبناني، والعمل على تحسين اجراءات الأمن والمراقبة على طول الحدود مع العراق، واتخاذ خطوات نحو الاصلاح السياسي لكن المحادثات بين الجانبين انهارت كما قال الداوودي لأنه لم يكن لدى المسؤولين الأمريكيين ما يقدمونه مقابل تنفيذ تلك المطالب واضاف: «نسعى من جانبنا الى تجنب اي صدام مسلح او مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة ولكن الى حد معين، وطلبوا القيام بإصلاحات ونحن نقوم بذلك وأطلعناهم على تصوراتنا بهذا الشأن، لا يمكنك تغيير هياكل ومؤسسات قائمة منذ 40 عاماً هكذا ببساطة ولا يمكنك ان تطلب من حكومة حل نفسها».

من جانبه قال احمد الحاج علي احد أعضاء اللجنة الحكومية لاصلاح حزب البعث: ان حل هذا الحزب سيضعف كثيراً القوى والتيارات العلمانية ويمهد الطريق امام الإسلاميين المتطرفين الذين قال ان وصولهم الى السلطة والحكم سيكون كارثة.

ويرى المحامي الناشط في حقوق الانسان انور البني ان اعضاء النظام ومسؤوليه لا يغيرون ولا يتغيرون وكل ما يفعلونه هو اضافة لمسات شكلية على المكياج للوجوه ذاتها وادخال الأيادي نفسها في قفازات جديدة انهم مستعدون لاعطاء الولايات المتحدة كل ما تريده مقابل بقائهم في السلطة انهم يحاولون شراء الوقت وكسبه حتى تمر الأوقات الصعبة ويجتازوها. «كي.آر.تي»

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)