قالت مصادر واسعة الاطلاع في بيروت لـ«الحياة» ان الرسائل المتبادلة بين الولايات المتحدة وسورية، قبل زهاء اسبوعين، قد تكون اتجهت نحو تهدئة نسبية لأجواء التشنج بينهما، من دون ان يعني ذلك ان هذه العلاقات تتجه نحو الإيجابية، مع ترجيح مرورها في فترة اختبار جديد لإمكان تجاوب دمشق مع عدد من المطالب الأميركية.

وأوضحت المصادر ان العلاقات بين البلدين راوحت بين درجة عالية من التشنج قبل شهر، وبين حوار غير مباشر بينهما كان الموفد الدولي للأمين العام للأمم المتحدة تيري رود - لارسن احد قنواته خلال زيارته لدمشق يوم الأحد في 12 حزيران «يونيو» الماضي.

وذكرت هذه المصادر ان مرحلة التشنج تجلت في نهاية الشهر الماضي بإبلاغ القيادة السورية بعض من يعنيهم الأمر ان كل ما تقدمه من تسهيلات وتنازلات لواشنطن لم يعد مفيداً، وأن الأخيرة ترفض مقابلة السياسة السورية بوقف الضغوط، وأن الليونة من جانب دمشق لم تعد مفيدة ولا بد من اتباع سياسة المواجهة.

اما من الجهة الأميركية، فإن هذه المصادر اشارت الى تصاعد التشنج في العلاقات بين البلدين في مناسبتين: الأولى إثر اغتيال الصحافي اللبناني سمير قصير في بيروت، ما دفع واشنطن مع شركائها الدوليين الى الإلحاح على الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان إعادة إرسال بعثة التحقق من انسحاب الاستخبارات السورية من لبنان. والمحطة الثانية كانت زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لواشنطن واجتماعه مع الرئيس جورج بوش في 10 الشهر الجاري. وتقول المصادر المطلعة ان سعي اردوغان الى تليين موقف بوش من سورية، مستخدماً امثلة عدة عن الدور الإيجابي لدمشق في مساعدة انقرة ودول اخرى في المنطقة على صعيد مكافحة الإرهاب ومساعدة تركيا على ضبط الأمور وتسليم المطلوبين من الناشطين الأكراد الأتراك المتشددين، لم يلق تجاوباً من جانب بوش. وعزت المصادر نفسها التقارير الصحافية عن خلاف اردوغان مع بوش حول العلاقة مع سورية الى ان الثاني «لم يقتنع بتقويم رئيس الوزراء التركي وجوب اعطاء المزيد من الوقت للرئيس بشار الأسد لإجراء الإصلاحات وتمييزه عن قوى اخرى في النظام السوري».

لكن الأوساط نفسها لفتت الى انه عقب زيارة اردوغان تم تسريب الأنباء عن دور حاسم لدمشق في إلقاء القبض في اسبانيا على 16 شخصاً يشتبه بأنهم على علاقة بتنظيم «ابو مصعب الزرقاوي» ويجندون الانتحاريين الى العراق. وسبق هذا التسريب زيارة رود - لارسن لدمشق اثر اجتماع عقده مع بوش حمل منه الى الأسد مجموعة من النقاط عرف منها الآتي:

- ان لا نية لدى واشنطن المس بالنظام السوري الحالي، لكن على دمشق ان تسرع في اجراءات الإصلاح الداخلي وخطوات الانفتاح وإقرار قانون للأحزاب والتعددية الحزبية وإحداث تشريعات تضمن حقوق الإنسان وإلغاء قانون الطوارئ.
- ان على سورية ان تظهر المزيد من التعاون في العراق، بوقف دعم بعض المقاومة العراقية او الإقلاع عن تسهيل تحركها انطلاقاً من الأراضي السورية.
- مساعدة سورية السلطة الفلسطينية برئاسة «ابو مازن» عبر حض المنظمات الفلسطينية على التفاهم والتعاون معه ووقف اعطاء التسهيلات لهذه المنظمات في سورية (بقاء قياديين من «حماس» في دمشق الذي يرغب الأميركيون بأن يغادروها) وفي لبنان (حيث تواصل «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» تعزيز مواقعها عسكرياً وبشرياً).
- وقف شحن الأسلحة عبر الأراضي السورية الى لبنان، سواء لـ»حزب الله» او لبعض المنظمات الفلسطينية وحصر مرور السلاح الى لبنان بالجيش اللبناني وحده. هذا يشمل إقفال الخط العسكري كلياً بين لبنان وسورية والحؤول دون مرور اسلحة ايرانية لـ»حزب الله». وبدأت الإجراءات في شأن اقفال الخط اول من امس.
- اتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان عدم وجود أي عنصر من الاستخبارات السورية على الأراضي اللبنانية «مهما كانت رتبته»، في ظل المعلومات عن قيام ضباط استخبارات بزيارة لبنان للتدخل في الانتخابات النيابية، وبالتالي وقف التدخل في السياسة اللبنانية الداخلية.
- السعي الى ترسيم الحدود اللبنانية - السورية وإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين.

واعتبرت المصادر ان الرسالة التي حملها رود - لارسن الى الأسد، اضفت اجواء ايجابية على اللقاء، سمحت للاخير بأن ينقل اجواءه الى واشنطن ونيويورك.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)