اظهر وزير الخارجية الفرنسي الجديد قدرا كبيرا من الجهل وتقصيرا واضحا في متابعة التطورات العالمية وما يجري في لبنان ومنطقة الشرق الاوسط‚ خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في بروكسل‚ عندما دعا سوريا الي تطبيق قرار مجلس الامن 1559‚ لا بل انه حث المجتمع الدولي على اتخاذ تدابير حاسمة ضد دمشق‚ اذا ما امتنعت عن الالتزام بالقرار !

وللوهلة الاولى فان من سمع او قرأ تصريحات الوزير الفرنسي لا بد انه تبادر الى ذهنه مباشرة ان سوريا لم تنفذ قرار مجلس الامن 1559‚ ولم تسحب قواتها العسكرية وأجهزة استخباراتها من لبنان‚ بل ان الانطباع الذي تتركه تصريحات رئيس الدبلوماسية الفرنسية هو ان القوات السورية ما تزال موجودة في لبنان‚ وأن القرار ما يزال حبرا على ورق ! ولهذا السبب فقد دعا الوزير الفرنسي ـ وبطريقة التجهيل ـ الجانب السوري الى تنفيذ القرار الامر الذي يؤكد أن الوزير الفرنسي ليس على دراية تامة ان جميع القوات العسكرية السورية استكملت انسحابها النهائي من لبنان في 29 أبريل الماضي‚ وأن بعثة دولية من الأمم المتحدة قدمت في شهر مايو الى لبنان للتحقق من موضوع الانسحاب السوري‚ وهي اقرت في تقريرها الى مجلس الامن بأن مثل هذا الانسحاب قد تم بالفعل وأن سوريا التزمت ونفذت القرار 1559‚ الصادر عن المجلس ! فهل يعقل ألا يكون وزير الخارجية الفرنسي على دراية ومتابعة لمجمل هذه التطورات‚ وهل من المنطقي في شيء ان يصرح في أول ظهور كبير له على مستوى الرأي العام العالمي بمطالبة سوريا بتنفيذ قرار قامت بتنفيذه بالفعل‚ اللهم إلا اذا كان الوزير الفرنسي يقصد ان تقوم سوريا بتطبيق القرار داخل الاراضي السورية‚ اي ان تنسحب القوات السورية من داخل سوريا نفسها !!

إن سياسة الجهل والتجهيل التي تمارسها الدول الغربية ضد حقائق الصراع في منطقة الشرق الاوسط بهدف تضليل الرأي العام وخداعه ومحاولة حجب أشعة الشمس بأصابع اليد هي العنوان الفاضح لما يسمى بالعولمة التي تقودها الولايات المتحدة ليس ضد دول الجنوب فحسب‚ بل حتى ضد البلدان الغربية نفسها ! وقد كان حريا بوزير الخارجية الفرنسي‚ قبل ان يدلي بتلك التصريحات التي اظهرته بأنه جاهل تماما لما يجري في الشرق الاوسط خاصة ان يراجع ملفاته لأنه كان سيوفر على نفسه كل هذا الحرج الفاضح‚

مصادر
الوطن (قطر)