خطيب بدلة يرد على بهية مارديني

إنني من المتحمسين للنشاط الصحفي الكبير الذي تبديه الصحفية بهية مارديني، وأقرؤه على نحو يومي تقريباً في نشرة “كلنا شركاء” منقولاً عن موقع إيلاف الذي يعتمدها مراسلةً له.

وبتاريخ 25 / 6 / 2005 ، وعلى موقع “كلنا شركاء” توجهت بهية مارديني بنداء إلى المثقفين والصحفيين السوريين للتضامن مع صحيفة المبكي. وفي معرض مناقشة هذه الدعوة أقول:

أولاً – أنا مع كشف أوراق الفاسدين والمفسدين على صفحات الصحف السورية، بشقيها الحكومي والخاص، على غرار ما فعلت صحيفة “المبكي” في عددها الأخير أزاء محافظ حمص وغيره، الأمر الذي أدى إلى توقيفها. وأنا، من جهة أخرى، ضد مصادرة، أو منع، أو توقيف، أية صحيفة أو مطبوعة سورية سواء أكانت جيدة ومتميزة، أو متوسطة المستوى، أو هزيلة بائسة.

ثانياً – .. ولكنني لم أتحمس للدفاع عن صحيفة “المبكي” بحد ذاتها، فهي مطبوعة تعيسة طباعةً وإخراجاً، وموادها الصحفية أقل من مستوى المواد التي تنشر في أية مطبوعة أو نشرة سورية، بما في ذلك نشرات صحف الجبهة الوطنية التقدمية.

ثالثاً – إنني لا أحكي عن “المبكي” منطلقاً من غاية شخصية، كما يفعل بعض الأشخاص الذين يتبادلون المهاترات على المواقع الإلكترونية بين الحين والآخر، وحينما سأتحدث، بعد قليـل، عـن تجربتي مع “المبكي” فإنني أرجو السيدة بهية مارديني، وغيرها من المهتمين، أن ينظروا إلى حديثي على أنه مثال بقصد المناقشة واستخلاص النتائج، فالقضية عامة وليست خاصة على الإطلاق.

رابعاً – ما حصل بحذافيره، دون زيادة أو نقصان هو التالي: اتصل بي الأستاذ هاني الخير مدير تحرير المبكي في مرحلة التأسيس وطلب مني أن أكتب لـ “المبكي” زوايا صحفية، بدءاً من العدد الأول، فقلت له:

من حيث المبدأ أنا موافق، ولكن عندي ثلاثة تحفظات، وشرط الحقلة- كما يقول المثل- ولا خناقة على البيدر. الأول أن تُنشر موادي على مسؤوليتي دون زحزحة فاصلة أو نقطة من مكانها، فأنا لست ابن البارحة واليوم في هذه المهنة المتعبة. الثاني أن تدفعوا لي استكتاباً مالياً مناسباً، فأنا لست من أنصار النشر ببلاش لأنه ينطوي على استغلال من الجريدة للكاتب. والثالث أنني سأقلع عن النشر في “المبكي” إذا لم تعجبني سويتها.

قال: وأنا موافق.

بعد نشر المادة الأولى في العدد الأول بيومين فقط التقيت بالأستاذ هاني الخير في دمشق، وقلت له إن الجريدة أضعف بكثير مما كنت أتخيل. فقال لي، وكان ذلك بحضور بعض الأصدقاء الذين شاركوني الرأي حول كونها ضعيفة جداً: «تحملونا ثلاثة أو أربعة أعداد فقط، وستغيرون رأيكم فيها بالتأكيد» .

ومن باب التحمُّل الذي طالبنا به الأستاذ هاني الخير أرسلتُ إلى “المبكي” مقالتين أخريين، نشرت إحداهما في العدد الثالث بعنوان “ميلودراما” ، وأما الثانية فنشرت في العدد الخامس، بعد أن شُوهت ونُكل بها واكتظت بالأخطاء الطباعية، وزيادة في التنكيل غُيِّر عنوانها فأصبح “ميلودراما” أيضاً، وكأن لدي يا ست بهية، بعيداً عنك، أزمة عناوين.

خامساً – لست أدري إن كانت كتاباتي جذابة بالفعل، أم أنني محظوظ مع القراء الذين دائماً يثنون على ما أكتب وأنشر في الصحف،.. ولكن المرة الوحيدة في حياتي التي تلقيت فيها عدة بهادل من القراء «هاتفياً وعبر الإميل» كانت خلال الأسابيع التي نشرت خلالها المواد الثلاث في “المبكي” ! وقد خرج أحد قرائي عن طوره وكتب إلي في رسالته بالإميل بالحرف الواحد « .. أنت وجريدتك التافهة» !

سادساً – وطبعاً توقفتُ عن النشر في هذه الجريدة الـ .. كما قال صديقي القارىء، وكما اشترطت على الأستاذ الخير. والشيء الوحيد الذي بقي معلقاً بيني وبينها هو الاستكتاب الذي أكلوه علي “عينك عينك” !

سابعاً- إن الشيء “المضحك” في هذه الجريدة “المبكية” - يا سيدة بهية- هو أن السيد هاني الخير، المؤسس الفعلي للجريدة، سرعان ما استبعدوه منها، وحينما اتصلت به لم أسأله عن سبب الاستبعاد، “إذ لم يكن لدي فضول لأعرفه !” وإنما طالبته بالاستكتاب المالي، فقال لي ما معناه أن له في ذمتهم رواتب لم يدفعوها له، وإن شاء الله سيحصِّل له ولي. ولست أدري إن كان قد نجح في تحصيل رواتبه أم لا.

ثامناً – أنا لا أنكر أن الصحفيين الألمعيين يعرب العيسى وخالد سميسم قد نجحا في إعداد عددين متميزبن من المبكي، وهما رقم 15 و 16، ولكن هذا الأمر يقودنا إلى نقطتين تبدوان قمة في الإثارة والروعة. النقطة الأولى تتلخص في السؤال التالي:

ماذا تشكل تلك الأعداد المتميزة بعد 14 عدد ( تعيس )؟ وهل يكفي لنقول إن المبكي جريدة عليها القيمة؟

النقطة الثانية، وهي الأهم والأكثر إثارة، تتلخص في أن جماعة الرقابة عندنا لا يمنعون ولا يصادرون “سوى” الأشياء المهمة، ولو أن ألف عدد صدر من جريدة “المبكي” من ذلك المستوى “المبكي” لما قال أحد لهم: مرحبا خيو. «بالمناسبة ما كتبته عن المبكي ينطبق على معظم الصحف والمجلات الخاصة التي صدرت في سورية حتى الآن، ونحن بصراحة نحتاج إلى صحف سورية خاصة مثل الخلق، لأن الصحف الحكومية وصحف الجبهة والمنظمات الشعبية على حطة يدك!»

تاسعاًً – أكرر: أنا ضد أي نوع من المصادرة لرأي وحرية وإرادة المواطن السوري. وأكرر تحياتي للصحفية اللامعة بهية مارديني. وأرجو أن تغير مسار حملتها، لتكون: لأجل حرية الصحافة بشكل عام، وإذا لم يكن للمبكي علاقة بالموضوع فأنا أول الموقعين المتضامنين.