أضاف رئيس الجمهورية جديدا على ملف الاغتيالات، وأعرب عن اعتقاده بأن المسؤولية تقع إما على الاصوليين، أو على “عدونا الدائم إسرائيل”. حاول ان يخرج السورييّن، والاجهزة الامنية المشتركة من دائرة التصويب والاتهام، وأن يردّ بصورة غير مباشرة على كل الاصوات التي دأبت، منذ مدّة، على توزيع الاتهامات الرائجة.

لم يكن كلامه مقنعا، على الاقل عند بعض الوسط الدبلوماسي المتابع. كان سياسيّا بامتياز، ويفتقر الى الدقة والمعلومة الموثوقة، ولو كانت هذه متوافرة، لجاءت اتهاماته واضحة، ومباشرة، وليس في معرض الافتراض، والتخمين، والتحليل.
ثمة نقاط ضعف كثيرة قد رافقت إطلالته المتلفزة. أولاها وفق اعتقاد بعضهم انه عندما يتحدث الرئيس، عليه ان يجزم، ويحسم، ويأتي بالجواب الفصل، والموقف الجلي الواضح والنهائي، إذا كان الامر يتعلّق بموضوع حساس له تداعياته الواسعة محليّا، وإقليميّا، ودوليّا. إنه في موقعه المسؤول غير مخيّر، فإما الصمت، وإما الجواب الحاسم، وفي الحالين، يتعلّق الامر بما يملك، او ما هو في متناول معرفته، من معلومات صائبة، صحيحة، مدققّة، لا يرقى إليها الشك أو الارتياب؟!.
البعد الآخر في “موقفه السياسي”، يكمن في وضع الاصوليّين في دائرة الشبهات، وجنبا الى جنب إسرائيل، وهو أراد بذلك ان يوجّه أكثر من رسالة باتجاه أكثر من طرف. شاء ربما ان يدغدغ مشاعر الاميركييّن، ويضرب على الوتر الحساس الذي يلهب حماستهم، وينشط ذاكرتهم، عندما أكدّ ان لبنان في مواجهة مع الاصوليّة، والارهاب الاصولي، قبل أحداث 11 أيلول، ولا يزال في مواجهة مفتوحة معهم. شاء ربما أن يوسّع دائرة التحقيق، على خلفية ان ما أعلنه قد يشكل عنصرا إخباريّا برسم لجنة التحقيق الدوليّة المكلّفة بكشف جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. او شاء أن يعيد رسم خريطة مغايرة لتلك التي تحاول ان ترسمها التحالفات السياسيّة بين تيار النائب سعد الحريري، وتيار القوات اللبنانية، مع تحالفات أخرى، بهدف الإفراج عن الدكتور سمير جعجع، عن طريق قانون عفو عام يصدر قريبا عن المجلس النيابي، ويشمل أيضا معتقلي الضنيّة وعنجر.

السؤال الذي يتردد في الوسط الدبلوماسي: هل يصحّ ان يصدر مثل هذا العفو العام، في الوقت الذي يؤكد فيه رئيس الجمهورية أن الاصولييّن “من دون تحديد” هم تحت الشبهات، ومعنيّون بشكل او بآخر بمسلسل التفجير المتمادي منذ محاولة اغتيال مروان حمادة، وصولا الى جورج حاوي؟!. وهل يوافق الاميركي المعني بكل شاردة او واردة على الساحة اللبنانيّة، ان يشمل قانون العفو اصولييّن في الوقت الذي يخوض فيه حربا شعواء ضدّ حركاتهم، ومؤسساتهم، وتنظيماتهم، في العالم قاطبة، تحت شعار مكافحة الارهاب؟!.
قبل الوصول الى خلاصات نهائية، هناك في صفوف الدبلوماسييّن من يستنتج امرين، الاول: ان الموقف الفصل الذي شاء الرئيس تعميمه من خلال المقابلة المتلفزة، أنه باق في سدّة الرئاسة حتى نهاية الولاية.

الثاني: أن التجاذب السياسي بين الموالين الجدد، والرئاسة الاولى، والقائمة على الكيديّة، ومحاولة إلغاء الآخر، او تجاهله، لن تفضي إلا الى نتيجة واحدة، المزيد من الشرخ على المستوى الوطني، والمزيد من النيل من المناعة الداخليّة، كي تصبح الساحة اكثر هشاشة، وربما أكثر ملاءمة، لتقبل الضغوط، والاملاءات الخارجيّة.

مصادر
السفير (لبنان)