سجلت العلاقة السورية – العراقية منذ نحو اسبوع تطورات ايجابية عكست وجود توجهات جديدة في ما يتعلق بطريقة التعامل السوري مع الملف العراقي. فبعد طول تردد، ارسلت دمشق وفدا ديبلوماسيا وامنيا برئاسة رئيس الدائرة القانونية والمياه في وزارة الخارجية محمد سعيد البني، وهو سفير سوريا السابق في انقرة، الى بغداد للعمل على اعادة فتح السفارة فيها، ربما لان البني “هو من سيكون سفيرا لسوريا في العراق” على ما قالت مصادر لـ “النهار” على نقيض كل ما اشيع وتردد عن تعيين اللواء المتقاعد قورياقوس قورياقوس.

وما يسترعي الانتباه في الخطوة السورية، التي ترافقت مع اعلان بعض الدول العربية فتح سفارات وتعيين سفراء لها في بغداد، انها اعقبت مؤتمر بروكسيل الخاص بالعراق الذي انعقد قبل نحو اسبوع في رعاية اميركية واوروبية. كما سبقت زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء العراقي ابرهيم الجعفري لدمشق، وتزامنت مع تقارير عن توجيه دمشق دعوة رسمية الى الرئيس العراقي جلال طالباني لزيارتها، ومع تصريحات لرئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي ادلى بها في القاهرة ونفى فيها وجود خلافات بين دمشق وبغداد، واكد ان التنسيق المشترك والتعاون لضبط الحدود بين سوريا والعراق "حققا نتائج جيدة في الفترة الماضية «وان موضوع العلاقات بين سوريا والعراق "سيتطور نحو الاحسن في المستقبل القريب».

وعلى غير طريقة التعامل السابقة، ومثالها وفود العشائر العراقية التي كانت تصل تباعا للقاء مسؤولين سوريين، ها هي دمشق تمضي نحو تكريس اتجاه في اللقاءات والمحادثات الثنائية من خلال القنوات والاطر العراقية الرسمية والمنضوية في العملية السياسية. ولعل المحادثات الاخيرة التي اجراها عضو القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا اسامة عدي مع وفد الاتحاد العام لنقابات عمال العراق برئاسة خليل مشهداني رئيس الاتحاد اخيرا احد الامثلة على التحولات الجديدة.

وتأكيدا للتوجهات الجديدة، وفي الوقت الذي تبذل دمشق جهودا لمنع تسلل المتطرفين الاسلاميين عبر حدودها الى العراق من طريق نشر نحو سبعة الاف من افراد حرس الحدود واقامة مراكز جديدة للمراقبة، وعملت على تحرير كمية من واردات نهر الفرات الى العراق.

ولكن رغم ذلك، باتت الخطوات الاخيرة في ملف العلاقة الثنائية تطرح اسئلة عن حقيقة الدور والرأي الاميركي، كذلك كيف ستنعكس نتائج التحسن على ملف العلاقة السورية – الاميركية، وهل يمكن ان تشكل البوابة العراقية مدخلا لتحسن مواز وانفراج بين واشنطن ودمشق، بعدما شكل العراق خلال السنتين الاخيرتين سببا لكل ما وصلت اليه العلاقة الثنائية من تدهور؟

مصدر ديبلوماسي غير سوري قال لـ“النهار” ان «الخطوة السورية والقرار باعادة فتح السفارة في بغداد، يسبقان خطوة وتوجهات جديدة تخص دولة مجاورة». وهو كان يقصد لبنان. واذا كان ذلك دقيقا، فهذا يعني ان دمشق تتجه في سياستها الاقليمية نحو اقفال الكثير من الملفات التي غالبا ما استخدمتها واشنطن لعزلها وشن حملة عليها.

مصادر
النهار (لبنان)