تسارعت الخطى الفلسطينية و”الإسرائيلية” لتأمين الانسحاب من قطاع غزة، لا سيما بعد الاعتداءات التي قام بها مستوطنون خلال الأيام الماضية على الأراضي الفلسطينية ومواجهتهم قوات جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، ما دفع رئيس حكومة الكيان ارييل شارون إلى تحذير المستوطنين، الذين أعلنوا مواصلة تحركاتهم ووجهوا تهديدا إلى رئيس أركان جيش الاحتلال دان حالوتس، فيما أعلنت السلطة الفلسطينية وضع الحكومة في حالة طوارئ إلى حين تأمين الانسحاب من قطاع غزة، داعية الفصائل الفلسطينية إلى المشاركة في جهود الحكومة والالتزام بالتهدئة، كما أعلن عن نشر 5 آلاف شرطي فلسطيني حول المستعمرات التي تعتزم “إسرائيل” إخلاءها لمنع الهجمات خلال الانسحاب. وفي أول رد له على أعمال العنف التي ينفذها المستوطنون المعارضون لخطة الانسحاب من قطاع غزة وشمالي الضفة الغربية، قال رئيس الوزراء “الإسرائيلي” ارييل شارون إن “فك الارتباط ناجم عن الاعتراف بأنه لا يمكن التوصل لاي اتفاق من خلال السيطرة على قطاع غزة”، وأضاف “من الواضح انه لا يمكننا ضمان غالبية يهودية في كل أنحاء البلاد ورعاية ملايين السكان الفلسطينيين”، وأضاف أن “إسرائيل” ستتمسك “بالمناطق الأكثر أهمية لضمان وجودنا”، بما في ذلك مستعمرات أكبر كثيرا في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وقال شارون، في خطاب أمام مؤتمر للوكالة اليهودية في القدس المحتلة، اعتبر رفض تنفيذ الأوامر وخرق النظام العام يشكلان خطرا على “إسرائيل” وامن “الإسرائيليين”، داعيا إلى معارضة ذلك. وحذر شارون معارضي الانسحاب من مغبة استخدام العنف ضد الجنود والشرطة وعرقلة سير الحياة الطبيعية في “إسرائيل”. وقال شارون “أنا احذر بشكل خاص من قيام الاقلية الصغيرة من منتهكي القانون باستخدام العنف ضد الجيش وعناصر قوات الامن، كما رأينا خلال الايام القليلة الماضية على جهة الشاطئ في غوش قطيف”، وأضاف “أن هذه الأقلية لا تمثل جماعة المستوطنين. يجب علينا أن نتذكر جميعا أن الدعوة إلى رفض الخدمة في الجيش “الإسرائيلي” ومحاولات عرقلة سير الحياة في “إسرائيل” تعرض للخطر وجود دولة “إسرائيل” كدولة يهودية وديمقراطية”.

وصعد المستوطنون احتجاجهم على خطة الانسحاب من قطاع غزة ورفض رئيس المجلس الإقليمي المعروف ب “حوف عزة” (شاطئ غزة) تسليم الخرائط التفصيلية عن المناطق الموجودة فيها المواد السامة والخطيرة في “غوش قطيف”، الأمر الذي اعتبره المسؤولون في وزارة البيئة “الإسرائيلية” خطرا على حياة الجنود الذين سينفذون الإخلاء ثم حياة الفلسطينيين. من جهته، انتقد وزير الحرب شاؤول موفاز عنف المستوطنين ضد جنود الاحتلال، ودعاهم إلى الامتناع عن رفع الأيدي على الجنود الذين يؤدون رسالة الحكومة. وطالب موفاز المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز اتخاذ كافة الخطوات القانونية لمحاكمة الجهات التي تحاول المس بالجنود. واعتبر ظاهرة رفض تنفيذ الأوامر العسكرية خطيرة، قائلا إن “الجيش سيتعامل معها بكل شدة”.

وتلقى رئيس أركان الجيش “الإسرائيلي” الجنرال دان حالوتس رسالة تهديد مجهولة وصلت إلى مكتبه، يرجح بأنها صادرة عن الأوساط المتطرفة التي تعارض الانسحاب من قطاع غزة. وذكرت صحيفة “يديعوت احرونوت” أن التهديدات التي تلقاها حالوتس تستهدف خصوصا عائلته، علما انه مكلف تطبيق خطة الانسحاب من غزة، وأضافت الصحيفة انه جاء في الرسالة “اذا كنت حريصا على عائلتك فلا تسر على خطى رئيس الوزراء”.

ورد المستوطنون على تهديدات القادة السياسيين والعسكريين بالإصرار على مواصلة احتجاجهم، وأعلنوا انهم سيواصلون لعبة “القط والفأر”، وقال أحد قادة فندق “معوز هيام” ويدعى ارييه يتسحاقي إن “الجيش ارتكب خطأ حين بدأ هذه الحرب، ونحن الآن سنلعب القط والفأر، حيثما يهدمون سنبني من جديد موقعنا الاستيطاني”.
على الجانب الفلسطيني، ولضمان تنفيذ خطة الانسحاب من دون هجمات ضد أهداف “إسرائيلية” قررت السلطة نشر 5 آلاف شرطي فلسطيني حول المستعمرات التي ستشملها الخطة.

وأعلن رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع أمس عن وضع الحكومة الفلسطينية في “حالة طوارئ” إلى أن تتم عملية الانسحاب “الإسرائيلي” من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية. وقال للصحافيين عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة الفلسطينية في غزة إن “الوزراء المسؤولين عن عملية الانسحاب من قطاع غزة سيتواجدون من اليوم لمدة يومين إلى ثلاثة أيام أسبوعيا في قطاع غزة ويوم واحد أسبوعيا في جنين” في شمال الضفة الغربية، حيث ستخلي “إسرائيل” اربع مستعمرات عشوائية.

واشار قريع إلى ان هذه الخطوات تهدف إلى تحقيق “انسحاب هادئ ومنظم حتى تكون خطوة الانسحاب رافعة حقيقية تؤدي إلى نيل حقوقنا الوطنية وكسب العالم إلى جانبنا”. ودعا قريع جميع القوى والفصائل الفلسطينية إلى المشاركة في الاشراف والتحضير لعملية الانسحاب، مشيرا انه “لا مانع” لدى السلطة الفلسطينية من تشكيل “حكومة وحدة وطنية للإشراف على الانسحاب إن أرادوا”. وتابع “كل من يريد ان يشارك فليدخل الحكومة وهي مفتوحة أمام الجميع ونرحب بذلك”.

وأكد قريع أهمية الالتزام بالتهدئة قائلا “نحن بحاجة اليها حتى تمر خطوة الانسحاب بشكل ناجح وهادئ وجميع القوى والفصائل مدركة أهمية ذلك”. كما طالب “إسرائيل” بوقف “اعتداءاتها” على الشعب الفلسطيني، موضحا ان “الفصائل الفلسطينية لا تزال ملتزمة بالتهدئة”.

وعقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله أمس لقاء موسعا مع ممثلي الفصائل الفلسطينية، وأطلعهم على آخر المستجدات السياسية الراهنة على الساحة الفلسطينية.

إلى ذلك، واصلت قوات الاحتلال اعتداءاتها على المواطنين الفلسطينيين، وأصيب ثلاثة فلسطينيين، بينهم طفلان، ومتضامن بريطاني في قرية منيزل بالخليل عندما اعتدى جنود الاحتلال بوحشية على المشاركين في المسيرة السلمية التي نظمت فوق أراضي القرية احتجاجا مصادرة أراضي القرية لمصلحة إقامة الجدار الفاصل. كما اقتحمت قوات الاحتلال بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم وسط إطلاق الرصاص والقنابل الصوتية والغازية باتجاه المنازل، ما أدى إصابة عدد من الأهالي بحالات اختناق جراء استنشاقهم الغاز السام.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)