عن العراق قال احد العاملين المتخصصين في الادارة: «لا يمكن القول منذ الآن ان “المجاهدين” سينسحبون من العراق والى اين. بعض هؤلاء يقاتل لسبب ايديولوجي. وبعضهم الاخر لسبب ديني. وبعضهم الثالث لمنع سيطرة شيعة العراق “65% من شعبه” عليه. وهناك مجاهدون غير عراقيين هدفهم محاربة اميركا التي ستبقى في العراق بعد الانتخابات المقبلة التي يفترض ان تجرى اواخر السنة الجارية. وهناك مجاهدون سنّة يحاربون الشيعة "الكفار". وهناك من يحارب قوى الامن العراقية لعرقلة اعادة بنائها مع الجيش. لكن هذه القوى كلها بعد حصولها على التدريب اللازم وبعد انتهاء المرحلة الانتقالية وقيام النظام العراقي الجديد وحصوله على الشرعية اللازمة شعبيا وسياسيا، هذه القوى ستحارب عندها وان كان الشيعة عصبها. ولن تكون حربها ضد السنّة لان المرجعيات الشيعية تسعى وتعمل لادخال السنّة في العملية السياسية الجارية حاليا».

وعن العراق ايضا قال مسؤول متخصص، اذا جاز التعبير، في احدى مؤسسات الادارة الاميركية: «العراق يتحسن. اميركا لم تتدخل في الانتخابات النيابية التي اجريت اخيرا ولم تدعم حزبا او فردا او مرجعية دينية او مجموعة. وفي عملية تأليف الحكومة التي طالت كثيرا لم تتدخل اميركا. تركت العراقيين يعملون “البازارات” والمساومات والاتفاقات ويتفاوضون عليها ويختلفون في شأنها وذلك حتى لا يقول احد يوما ما إن كل هذه العملية السياسية الجارية اميركية. وهذا امر مهم. هناك بداية وعي عند السنّة للاخطاء التي ارتكبوا او التي ارتكبها قادتهم وزعماؤهم. غالبيتهم بدأت تذهب الى القادة والزعماء السنّة وتسألهم: ماذا فعلتم بنا؟ ولماذا فعلتم هكذا؟ لماذا قررتم مقاطعة الانتخابات والابتعاد عن العملية السياسية كلها؟ المشكلة انه ليس عند السنّة زعامات حقيقية. لكن هناك الآن سعي سنّي وعمل سنّي لدخول العملية السياسية. وهناك رغبة شيعية في ذلك وعمل شيعي لذلك. طبعا لا يشمل ذلك على الاطلاق “الوهابيين” ولا “مجموعة الزرقاوي” ومجانينه. وهذا يعني ان العنف سيستمر لفترة رغم الاتفاقات السنية – الشيعية التي قد يتم التوصل اليها". ماذا عن ايران في العراق؟ سألت. اجاب المسؤول المتخصص نفسه: "ايران موجودة في العراق اجهزة وفلوسا. فهي تدفع اموالا لكثيرين. واتخذت قرارا استراتيجيا بالتدخل في العراق ولكن على نحو محدود محافظة على مصالحها لدينا “اميركا” وحماية للعراق الجديد “الشيعي الغالبية” ومنعا له من مواجهة الفشل. ذلك ان فشل هذا العراق سيعني حتما فشلها. هي لم تفعل ذلك من اجل اميركا. بل ان خطتها الاساسية هي افشال اميركا او تفشيلها. لكن المصادفات تشاء ان يكون نجاح العراق الجديد نجاحا لاميركا في الوقت نفسه. ذلك ان شيعة العراق تعاونوا مع اميركا اثناء الاعداد للانتخابات وبعد اجرائها. وآية الله علي السيستاني المرجع الديني الشيعي الابرز في العراق قام بدور مهم في كل ذلك. على كل حال ان قائمة المرشحين للانتخابات التي الفها او بالاحرى اشرف عليها السيستاني لم يأخذ فيها المحسوبون على ايران من العراقيين عدد المقاعد الذي كانوا يريدون بل اقل منه. علما انهم بوضعهم وبامكانات ايران المادية كان يمكن ان يحصلوا على مقاعد اكثر من التي حصلوا عليها. لاحظ الفرق بين ايران وسوريا المرتبطتين بتحالف تسميانه استراتيجيا. سوريا لم تفعل في العراق مثل ايران. لم تتخذ قرارا استراتيجيا بعدم خربطة الاوضاع في العراق ولم تقم باللازم من اجل مواجهة الكثير من المشكلات مع انها كانت قادرة على ذلك ولا تزال. صحيح ساعدت بعض الشيء. لكن ذلك لم يكن كافيا. وربما كان الهدف منه رفع العتب وتجنب تقديم المساعدة المطلوبة». ماذا عن تمويل الارهابيين الذين يسميهم البعض مجاهدين في العراق؟ سألت. اجاب المسؤول المتخصص اياه: «التمويل متعدد المصدر. هناك تمويل يأتي من السعودية لسنّة العراق او للمقاتلين منهم. لكنه لا يأتي من الجهات الرسمية في السعودية. ويلزم وقت طويل لمنع المساعدات والتمويل من العالم العربي السني او الاسلامي السني لـ“مجاهدي” العراق السنّة وتاليا لجعلهم يقبلون او يستوعبون فكرة قيام عراق للشيعة كلمة مهمة فيه استنادا الى عددهم».

ماذا عن مقتدى الصدر واحمد الجلبي؟ سألت. اجاب:«كان دائما هناك تناقض أو تنافس بين عائلتي الصدر والحكيم العراقيتين. وهذا التناقض يحكم الكثير من مواقف السيد مقتدى الصدر. لكنه اقدم اخيراً على خطوات حكيمة. تظاهرته الاخيرة مثلا كانت صغيرة وغير مسلحة. اراد منها ان يقول فقط انه موجود. الانتفاضة التي قام بها كان قرارها الذي اتخذه هو خاطئا. هناك قسم من جماعته المقيمة في مدينة الصدر في بغداد او بالقرب منها ينسقون معنا. اما احمد الجلبي فقد كان دائما على جدول الرواتب الايراني او جدول الدفع. انه ذكي جدا. علاقته جيدة مع الصدر ومع ايران ومع الجميع. لكن ذكاءه الحاد قد يقتله».

ماذا عن كركوك التي يختلف عليها العرب والاكراد؟ سألت. اجاب المسؤول المتخصص نفسه: «تعالج مشكلة كركوك او قضيتها بالتفاهم بين الجميع. لكن يجب اولا نزع الطابع السياسي عن النزاع عليها. اذ بدلا من ان يدور الصراع حول تبعية كركوك لكردستان العراقية او لمنطقة اخرى يجب أن يتركز البحث في موضوعها من الناحية الاقتصادية. مثلا يدرس موضوع النفط في العراق ككل وكذلك في كركوك. ويجب ان يقال انه ملك لدولة العراق ولشعب العراق اينما كانت مناطق وجوده. وعائداته تاليا يجب ان تكون للعراق ويجب ان يفيد منها كل العراقيين. بعد ذلك يبدأ البحث في ملكية اراضي كركوك. وهنا يجب ان تصبح القضية قضائية فلا تبقى سياسية. في اي حال تصرّف الشيعة في العراق بحكمة على وجه الاجمال. اذ حاول الوهابيون ومجموعة الزرقاوي استدراجهم الى حرب مذهبية واهلية. لكنهم رفضوا ذلك ولم يقعوا في الفخ رغم ان معظم ضحايا العمليات والتفجيرات الارهابية منهم. ان استمرار السنّة او بعضهم في المغامرة غير مفيد. فالشيعة والاكراد يمثلون الغالبية».

ماذا عن العراق ايضا في الادارة الاميركية؟

مصادر
النهار (لبنان)