تتصاعد الهجمة الظالمة على سوريا التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل ويباركها بل ويساهم فيها بعض العرب الذين يسبحون في مستنقع الذل والخيانة ويسبحون بحمد الغرباء ويسعدون بعطاياهم ودعمهم.

ان المتابع لأحاديث الرئيس جورج دبليو بوش او وزيرة خارجيته او حتى الناطق باسم البيت الابيض، يلمس نوعاً من التجني ومحاولة تزييف الحقائق تمهيدا للقيام بعمل عدواني غاشم يستهدف سورية.

فالفشل الامريكي الذريع في العراق والخيبة الاكبر للديمقراطية العراقية التي تواجه مقاومة عنيفة من العراقيين وبعض المجموعات الاصولية التي وجدت في العراق ارضاً خصبة لتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة، تلك المجموعات المقاتلة التي عجزت الوية الذئب والخنجر والثعلب وغيرها من القضاء عليها، اصبحت حجة للقول بأنها تأتي من سورية وان الحدود السورية الغير امنة هي معبر هؤلاء الخارجين على القانون، وكأن العراق لا يمتلك حدوداً برية إلا مع سورية.

ان رفض سورية للعدوان من اساسه هو الشعرة التي قصمت ظهر البعير الامريكي فساعة يتهمون سورية بإيواء رجالات النظام السابق وساعة يتنطح دمى الحكومة العراقية لاتهام سورية بتسهيل مرور المقاتلين وساعة يتهمون سورية بأنها تقف ضد الديمقراطية العراقية الوليدة.

الامريكيون يدركون انهم فشلوا في العراق ورئيسنا يرفض جدولة الانسحاب ويعترف بصعوبة الايام القادمة وهو يعلم بأن خروج قواته تحت ضغط ضربات العراقيين سيكون صفعة قوية للقوة الوحيدة المسيطرة في العالم... اما في لبنان الذي يعيش اسوأ مراحل تاريخه التي بدأت باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووفاته واستمرت باستشهاد الصحفي سمير قصير واخيراً السيد جورج حاوي ودلائل وجود اصابع للموساد والمخابرات الغربية واضحة في كل ما حصل، يصر البعض على اتهام سورية!!

واذا كانت الجهات التي نفذت تلك الجرائم الفظيعة لا زالت مجهولة فالمنطق والعقل يدركان بأن الجهات المنفذة لا تريد الخير للبنان و لسورية ولا لشعبيهما وخصوصاً حين تكون الضحايا بمستوى الرئيس الحريري الذي سمي يوماً بوزير خارجيتي لبنان وسورية وحامي المقاومة او بمستوى سمير قصير الصحفي والمثقف الاصيل الذي فضح ممارسات اسرائيل في عقر فرنسا وأوروبا.

اما حين نتحدث عن جورج حاوي فنحن نتحدث عن صوت العقل وصوت الوطني المتوازن ذلك الرجل الذي اعتاد على ان يقول لسورية ان اخطأت واين اصابت.. حاوي الذي كان اكبر من لبنان عربياً ودولياً، كان سياسياً وقائداًً لا يعوض. انه السياسي العربي الوحيد الذي زاوج بين الشيوعية والوطنية، وهو السياسي الرافض للميليشيات الطائفية والمؤسس لحركة ديمقراطية يساريه تنقذ لبنان من مستنقع الطائفية التي بدأ يسبح بها منذ مدة وخصوصاً قبل الانتخابات النيابية الاخيرة، وهذا سبب وجيه لأن تطاله يد الغدر.

جورج حاوي كان المدافع الاول عن الثورة الفلسطينية في احلك ساعات الازمة اللبنانية، جورج حاوي لم يتخل عن ابو عمار حين هجره الاقربون وظل حتى يوم رحيله يرفض الخضوع والخنوع والاستسلام.

شهداء لبنان الكبار، هم اعلام القومية والعروبة والوطنية والجهة التي اغتالتهم واحدة. والهدف واضح وهو إعادة لبنان الى اتون الحرب الطائفية والتقسيم والذي لا يستفيد منه سوى الصهاينة. لماذا تطال عمليات الاغتيال شخصيات محسوبة على الخط الوطني الذي يؤكد على عروبة لبنان ويرى في اسرائيل العدو الاول والوحيد؟

وعوضاً عن انتظار نتائح التحقيق او البحث عن المستفيد الحقيقي من تلك الجرائم تخرج علينا ابواق الدعاية في لبنان لتتهم سورية واجهزة الامن اللبنانية بالجرائم... لا ادري كيف يفكر هؤلاء؟! وكيف يتطاولون على رئاستهم ويحتمون بالقرار 1559 وبالسفارتين الفرنسية والامريكية؟ انه لمن الغباء والجهل اتهام سورية بتلك الجرائم، وهي التي سحبت قواتها من لبنان لتصحيح مسار العلاقات السورية الاوروبية.

سورية تدرك تماماً انها محاصرة من الشرق والجنوب والشمال ليست بحاجة لاعطاء الذرائع لأحد حتى تتعرض للمزيد بل للهجوم فهل يعقل أن تقوم سورية باعطاء المبررات لضربها واستباحة دماء أبناء شعبها؟ ان الخاسر الوحيد في كل ما حصل هي سورية لأنها تفقد الاصدقاء ورموز الكرامة والشرف في لبنان، ولو كانت الاغتيالات تدبر في سورية فمن الطبيعي ان تستهدف الذين تعاملوا او يتعاملون الان مع اعداء سورية ويستيغيثون بالشيطان لضربها. الاغتيال عمل جبان ولا ينفذه الا الجبناء وسيأتي اليوم الذي يكتشف فيه اللبنانيون ان الايادي المجرمة التي نفذت كل تلك الجرائم هي اياد اسرائيلية مئة بالمئة. يقول مسؤول كبير في ادارة الرئيس بوش بان سورية مشكلة كبير في الشرق الأوسط، فهي تسبب المشاكل في لبنان ولم نتأكد من خروج مخابراتها وهي تدعم الفلسطينيين المعارضين “للسلام” ولا تتعاون معنا بالشكل المطلوب في العراق وعليها انتظار عقوبات جديدة....

هل يصدق عاقل بأن سورية قادرة على تحدي الثور الامريكي المرابط على الحدود الشرقية والذئب الاسرائيلي في الجولان وتعطيهما الضوء الاخضر لضربها من خلال اغتيال شخصيات وطنية لبنانية؟ هل يظن البعض بأن سورية ستمشي على خطى بن لادن وابراهيم الجعفري وترهن مستقبل الامة والشعب بيد بوش وبالمجان؟

ان ما تريده امريكا من سورية واضح وبسيط ويتلخص في الرضوخ للشروط الاسرائيلية والتنازل عن الجولان والكف عن الحديث عن حقوق الشعب الفلسطيني التي يفاوض بها ابو مازن وطرد المنظمات الفلسطينية وقطع الدعم عنها، والتخلي عن حزب الله ...

وعندها سيرفع اسم سورية من لائحة دول محور الشر وتصبح سورية مثالاً للديمقراطية الامريكية (تماماً كالاردن) وعندها ايضاً يمكن لسورية ان تعود الى لبنان لتحطيم اضلاع المعارضة الوليدة لأن امريكا تتصرف حسب اجندة مصالحها فقط، ليس لها صديق دائم ولا عدو دائم، وما حديثها عن الديمقراطية وحقوق الانسان إلا طعماً تلقي به لاؤلئك المتخلفين عقلياً والذين يريدون ان يعبروا الى جزيرة الدولات والمصالح الخاصة والسير على خطى سعد الدين ابراهيم و جماعة الغادري والجلبي وغيرهم.

مصادر
العالم العربي