تحدث المرجع الديني الابرز في التيارات الاسلامية الاصولية الشيعية اللبنانية عن الدور السوري والاميركي والاوروبي والاسرائيلي في الوضع اللبناني التعس، قال:

«بالنسبة الى مسألة سوريا نحن نعرف أن النظام الامني السوري إعترف بالاخطاء وإن يكن لم يتحدث عن حجمها. ومن الطبيعي أننا نعرف ان كل دولة لها مصالح في دولة مجاورة ولاسيما إذا كانت بحجم سوريا ولبنان من جميع الجهات فمن الطبيعي ان تستغل نفوذها لتحقيق مصالحها في هذا المجال. ولا إشكال في أن سوريا أساءت في المسألة الداخلية بحصول بعض السلبيات الكبيرة التي خرّبت الوضع اللبناني الداخلي، مع تحمّل الكثير من اللبنانيين مسؤولية ذلك. وأحسنت في ما يتعلق بوقف نزف الحرب اللبنانية، وقضية التحرير الكبرى. وفي هذا المجال أذكر ان شخصية سورية كبيرة تحدثت إليّ سابقاً قبل التطورات في لبنان وقالت أن غالبية اللبنانيين الذين يأتون اليهم لا يُحدثونهم عن مؤسسات الدولة بل يحدثهم كل فرد عن فرصته الانتخابية او الوزارية. أما اسرائيل - اضاف المرجع الابرز نفسه - فنحن نعرف انها دمّرت لبنان في حروبها عليه، ونحن نفكر ان اسرائيل لا تريد الاستقرار للبنان لأن لبنان المستقر هو البديل من اسرائيل في المنطقة، لأنه البلد الذي يمكن ان يكون مصرف المنطقة وثقافة المنطقة وسياحتها. ولهذا فاني استغرب من خلال كثير من الناس عندما تحصل بعض الاوضاع الامنية كالاغتيالات الأخيرة أنهم لا يذكرون اسرائيل على نحو الاحتمالات وإنما يوجهون الاتهامات الى سوريا دون أدلة وإثباتات.

إن اسرائيل تبقى خطراً على لبنان بصرف النظر عن مظاهر هذا الخطر».

أما مسألة فرنسا وأميركا تابع المرجع الابرز اياه: فان فرنسا تمثل تاريخ لبنان – كما نعرف – وربما منذ ما قبل رحلة الاستعمار، ونحن نعرف أنه يهم فرنسا أن يبقى نفوذها في لبنان لأن فرنسا لا تملك نفوذاً في العالم العربي بالطريقة التي تملكها في لبنان باعتبار هذا التداخل بين الثقافة الفرنسية والثقافة اللبنانية، ولذلك فإن فرنسا تريد تركيز نفوذها في لبنان ولعلها تريد الاستفادة من اتفاق المصالح بينها وبين أميركا بغية تركيز هذا النفوذ.

بينما اميركا تريد للبنان ان يكون موقعاً من مواقع تحريك استراتيجيتها في المنطقة وهو ما لاحظناه من جهة المسألة المتعلقة بالقرار 1559 الذي ركّز على مسألة الانسحاب السوري حيث تريد الضغط على سوريا وليس لمصلحة لبنان. وإنما لمصلحتها في الموضوع العراقي والحرب على الارهاب الذي يتمثل بنظر أميركا في دعم سوريا للقيادات الفلسطينية.

وثانياً في ما يتعلق بنزع سلاح “حزب الله”، تحت عنوان أن أميركا تريد أن تزيل كل مواقع الخطر على اسرائيل في هذا المقام، وهكذا بالنسبة الى نزع سلاح المخيمات الذي لا يصل الى المستوى نفسه ولكن من الممكن ان يحقق بعض الشروط كالتوطين وغيره. ربما يمتد الى أن يكون خطراً في بعض الحالات ولو من خلال التعاون مع “حزب الله” وبالنسبة الى المواجهة مع اسرائيل.

وهو ما لاحظناه أيضاً، أن الرئيس الاميركي كان يتحدث صباح مساء عن الديموقراطية اللبنانية وأنه انتج الديموقراطية اللبنانية، وخصوصاً التظاهرات التي حصلت ونحن نعرف ان لبنان كان ديموقراطياً منذ الاربعينات بصرف النظر عن اشتمال الديموقراطية على سلبيات. إنه اراد أن يقول للرأي العام الاميركي أننا نجحنا في "دمقرطة" لبنان مثلاً في وقت يشكك فيه آخرون بنجاح هذه التجربة في العراق وافغانستان.

ان الفرق بين أميركا وفرنسا أن فرنسا تريد من تحركها في لبنان إبقاء نفوذها فيه بينما أميركا تريد ان تجعل من لبنان موقعاً يمتد الى المواقع الاخرى في استراتيجيتها في المنطقة كلها".

واضح الآن ان هناك صراعا اميركيا – سوريا حادا. وواضح ايضا ان لبنان صار الساحة الاساسية لهذا الصراع او اداة له. والاجواء السائدة توحي وخصوصا بعدما ضعف الامل في اجراء تغيير في رئاسة الدولة قبل انتهاء الولاية الممددة للرئيس اميل لحود بنحو سنتين ونصف سنة من عدم الاستقرار. هل ستبقى الحال الراهنة غير المستقرة في لبنان على حالها ام ستتفاقم؟ وهل ستشهد عراقاً مصغراً في لبنان؟

اجاب المرجع الاسلامي الابرز:

«كيف تكون صورة الوضع في لبنان مع استمرار الرئيس في رئاسته؟ إن هذا يتوقف على الفرص التي يملكها المعارضون في مسألة إيجاد الاهتزاز في موقع الرئاسة فيما بدا يعيش تعقيداً إن من خلال الموقع الماروني او من خلال عدم وجود خطّ قانوني يسمح بذلك.

لهذا وفي تصوري أن اللبنانيين يتأقلمون حتى مع المرض. إن تصوري أن لبنان لا يمكن أن يكون بلا حكومة، ولا بد ان تنطلق الحكومة من شرعية رئيس الجمهورية.

إذا ساعدت الظروف على بقاء الرئيس في رئاسته فمن الصعب جداً ان يكون هناك فراغ دستوري، لأن هذا الفراغ سيمتد لسنتين أو أكثر. إلا اذا حصلت هناك ظروف فوق العادة في هذا المجال.

ان المسألة لن تصل الى المستوى الذي تتجمد فيه الأمور».

هذا على المستوى السياسي.

تابع المرجع الابرز نفسه:«اما على مستوى ان يكون لبنان عراقاً آخر فإن هذا بعيد جداً، لأن اللبنانيين – كما نراهم – ليسوا مستعدّين للدخول في اية حرب. وأما قضية الاغتيالات فهي حتى الآن مما لم يُكشف عنه حتى بالنسبة الى الاغتيال الكبير للرئيس الحريري – رحمه الله – الذي كان الفريق الكبير ممن يحيط بعائلته يرى بتفجير داخل الارض وجاء القاضي الألماني ليقول بخارجها مما يتجه بالمسألة اتجاهاً آخر. إن مسألة الاغتيالات هي من المسائل غير الواضحة ولن يُكشف عنها. فكيف سنركّز على أن سوريا وراء المسألة مثلا. ان المسألة أنه عندما تتنوع الجهات التي لها مصلحة في اهتزاز الواقع اللبناني تجعلنا نتساءل عن التركيز على جانب واحد».

هل يمكن ان تستمر موجة الاغتيالات في ظل شلل اجهزة الامن وشلل الدولة في صورة عامة؟ وهل يمكن ان تتطور؟

مصادر
النهار (لبنان)