بغية فهم المعركة الكبيرة بشأن فك الارتباط، يجب العودة إلى المعركة على الانتفاضة. فالجيش الاسرائيلي هزم الارهاب، لكن دولة اسرائيل هزمت في المعركة على الرأي العام في العالم. وهذا الأمر حصل، من جملة الأمور، لأن الجيش الاسرائيلي رفض فهم قواعد اللعبة الجديدة. لقد رفض الجيش الاسرائيلي إدراك أن الفلسطينيين يحاربون من أجل كسب الرأي العام بشكل رئيسي، وكلما كان انتصار الجيش الاسرائيلي على المجموعات الارهابية أكبر، كلما كانت خسارة الرأي العام أوضح.

في اليومين الماضيين بدأت المعركة على فك الارتباط. وقد جرت هذه الحرب في وسائل الاعلام أيضاً. ومن المفترض بالجيش الاسرائيلي أن يعلم أنه لا توجد أي وسيلة في العالم قادرة على منع المعلومات. فالساحة مليئة بعدسات التصوير التلفزيونية، آلات التصوير العادية، وبكل وسائل البث التي يمكن تخيلها. لن يكون ممكناً سد الطريق أمام المعلومات. المسألة لا تتعلق بنوعية المعلومات فقط. فخلال أيام الانتفاضة، كل ما لم يرغب الجيش الاسرائيلي بتسربه إلى خارج، تدفق بشكل كبير عبر الصحافيين والمصورين الفلسطينيين، وهكذا، بدل السماح بحصول تدفق نزيه للمعلومات، جاءت الصورة أحادية الجانب جداً. وقد رسمت الصور الوضع بالأسود والأبيض، جيش وحشي مقابل أشخاص يناضلون لنيل حقوقهم الأساسية. هذه هي الدعاية التي تبرز في كل صحيفة وعلى كل شاشة في العالم.

حقيقة أن صحفيين تعرضوا أمس للتقييد بالأصفاد والالقاء على الأرض، هي شهادة معادية للجيش الاسرائيلي، فالقصة تكرر نفسها. الجيش الاسرائيلي يصر على أن يلحق الهزيمة بالمستوى السياسي، الجيش الاسرائيلي لم يتعلم شيئاً ولم يفهم شيئاً. وأحياناً، وهذا ليس أقل سوءاً، يبدو للجيش الإسرائيلي أنه يفهم. القيادة تفهم، لكن الأوامر لا تنزل إلى تحت. وثمة قادة من مستوى متدنٍ يعانون من البلبلة بشأن مسألة من هو العدو أو ما هو الهدف. وهم يرفضون أن يفهموا أنه إذا لم يقم صحافي مهني بنقل المادة والتقارير كما ينبغي، فستكون المعلومات المنقولة حينها موجهة، وستكون خسارة الجيش الاسرائيلي مزدوجة. لن يقتصر الأمر على تدفق المعلومات فحسب، بل ستكون هذه المعلومات معادية.

ثمة من يجب عليه دفع ثمن الاخفاق الذي حصل أمس “توقيف صحافيين اسرائيليين ومنعهم من تغطية الأحداث”. وليس مكر الجيش الاسرائيلي هو من وجه ركلة إلى شارون، بل البلاهة. وقبل أن يفوت الأوان، يتعيّن على أحد ما في المستويات العليا وقف هذه البلاهة.

مصادر
معاريف (الدولة العبرية)