اجاب المرجع الديني الابرز في التيارات الاسلامية الاصولية الشيعية اللبنانية عن سؤال: هل تذهب البلاد الى ثنائية طائفية ومذهبية تمسك بها مسيحية – سنية – درزية او شيعية – مسيحية او سنية – شيعية، قال: «عندما ندرس هذه العلاقات في لبنان، فاننا لا نجد انها تملك الكثير من العمق لاننا عندما ننفذ الى داخلها نجد ان هناك اعتبارات معيّنة تكمن وراءها قد تكون انتخابية ومالية وناتجة من بعض العوامل الخارجية كالسورية التي كانت سابقاً، لهذا فان مسألة الثنائية التي كانت موجودة في بداية الاستقلال مثلا (سنية – مسيحية) لم تعد هناك ظروف لتأكيدها لدرجة الخطورة وتبقى العلاقات خاضعة لبعض الاعتبارات التي تتغير بين مرحلة واخرى في هذا المجال وهو ما لاحظناه في مسألة الانتخابات كيف صارت التحالفات مثلا. ان مسألة الثنائية كانت تخضع لظروف معيّنة أعتقد انها انتهت وليست موجودة الآن.

اما قصة السنية – الشيعية فأستطيع القول ان الشيعة لا يفكرون على الاقل من جانبهم في اية حالة من الحالات التي يعيشون فيها عقدة من السنّة في هذا المجال. ومن الطبيعي ان الاثنية او التعددية تخلق تحديات احياناً وخصوصاً عندما تثار مسائل المقدسات ولكنها لن تصل الى مرحلة تشكل خطراً لأن مصالح الناس صارت متشابكة وخصوصاً في بيروت وغيرها».

طبّق حتى الآن من القرار الدولي 1559 البند المتعلق بانسحاب سوريا من لبنان. كيف سيتم التعامل مع سلاح المقاومة والفلسطينيين المقيمين في لبنان الذين اعتبرهم القرار المذكور ميليشيات لبنانية وغير لبنانية وطالب بنزع سلاحها؟ هل سيستكمل تنفيذ هذا القرار في رأيكم؟

اجاب المرجع الاسلامي الابرز: «من الصعب جداً ان يطبّق عسكريا بل ربما سيصل الى حد مستحيل. لأنه بالمعنى العسكري سوف يُنهي لبنان، ولكنه بالنسبة الى المسألة السياسية التي تتحرك باعتبار الحوار وأنه شأن لبناني يتوقف على طبيعة ادارة هذا الحوار ونحن نعرف ان المعركة السياسية تحتاج الى آليات وطروحات معينة قد لا يملك “حزب الله” الكثير منها على مستوى المقبولية الدولية او المحلية ولكني اعتقد انه من الصعب ان يطبّق لو كانت هناك ظروف للتطبيق».

كيف يمكن معالجة موضوع سلاح المقاومة “حزب الله” بطريقة تجعل قوتها قوة للدولة اللبنانية ولا تسمح بنشوء دولة داخل الدولة لها ارتباطات مع جهات اقليمية معروفة؟ اجاب المرجع الابرز نفسه: "يعني، من الصعب جداً، ما دامت العلاقات العربية - الاسرائيلية على حالها ان يُنزع سلاح “حزب الله”، او ان يقتنع الحزب بنزع سلاحه، أما مسألة ارتباط “حزب الله” بالآخرين بناء على الحديث القائل ان سلامه مرتبط بالجولان او النووي الايراني فانا لا اجد ان هذا يمثل حالة واقعية على الاقل في التوازنات الدولية في هذا المجال. من الصعب جدا لـ“حزب الله” ان يدخل سوريا مثلا ليدافع عن الجولان لانه لم يدخل فلسطين مثلا قبل ذلك كان الاولى به لو كان مستعداً للمغامرة لدخول فلسطين وهو اسهل وخاض حرباً وفق ما يملك من صواريخ في فلسطين، لهذا هذه مسألة غير واقعية. واما بالنسبة الى ايران فانا لا اتصور ان اسرائيل ستغامر بقصف المفاعل النووي الايراني لان ايران تملك قدرة الرد والردع وكذلك “حزب الله” الذي ليس من الممكن انه توصل الى حد تلقي الاوامر من ايران او سوريا وقد جرّب طيلة المدة الماضية التنسيق مع الجيش اللبناني، وهذا التنسيق يمكن ان يبقى اذا لم يوجد حل لسلاح المقاومة وخصوصاً ان تجربة “حزب الله” بالنسبة الى الحدود كانت رائدة فهو لم يضغط على المسيحيين، حتى على عملاء اسرائيل وقت التحرير وبعده لهذا لم نجد اية مشكلة مثلا في المنطقة الحدودية.

اعتقد ان “حزب الله” بلغ مستوى من الرشد حيث انه يمتنع عن المغامرة رغم ما اثير في المرحلة الاخيرة من كلمات".

كان يقال ان لكل من سوريا وايران نفوذ واسع داخل “حزب الله”. وكان يقال ايضا ان احد اسباب نفوذ سوريا داخله كان قدرتها على ايذائه لو اتبع سياسة مخالفة لها لانها “كانت” في لبنان وعلى حدوده. هل تبدلت معادلة النفوذ الاقليمي هذه؟

اجاب المرجع الاسلامي الابرز: «استطيع تأكيد قضية وهي ان سوريا في مدى وجودها في لبنان لم يكن لها اية مصلحة لا في توجيه التعليمات الى “حزب الله”، حيث كانت العمليات تنطلق من الوضع الداخلي للمقاومة وفي كثير من الحالات لم تعرف سوريا بذلك، ولم تكن هناك اية مصلحة لسوريا في الضغط على “حزب الله” عندما كانت سوريا موجودة فكيف وهي غير موجودة اليوم. لهذا فالتصور الذي يتصوّره البعض ان سوريا تقول له إفعل واعمل كذا او ايران هو تصور لا معقولية له ولا اهمية في هذا المجال ولاسيما بدراسة منطلقات عمليات “حزب الله”.

سلاح المقاومة هو سلاح وطني. لكن هل هو سلاح شيعي ايضا؟ بمعنى هل يصبح هذا السلاح شيعيا ويستعمل اذا تطورت الاوضاع في لبنان اكثر لا سمح الله نحو الطائفية المذهبية او نحو صراع على اساس اي منهما؟

اجاب المرجع الاسلامي الابرز: «لا، نحن نعرف ان المقاومة لا تفكر في هذه الطريقة، ولكن عندما تتصل المسألة بالحرب على المقاومة، فهذه ليست مسألة شيعية، بل ان القضية تصبح ان هناك مقاومة يراد اسقاطها وهذا شيء آخر. وأستيطع تأكيد مسألة في الواقع الشيعي ان الشيعة هم الطائفة الوحيدة التي ليست طائفة. فهم لا يحملون ذهنية طائفية بحيث ينظرون الى الطوائف الاخرى نظرة سلبية او عدوانية او غير ذلك. وقد كانوا يوزعون كل قياداتهم وعناصرهم على كل المنظمات والاحزاب».

الجميع يعرفون اين اصابت سوريا في لبنان «وقف الحرب، بناء المؤسسات العسكرية والامنية ، المساعدة في عملية التحرير من الاحتلال الاسرائيلي». لكنها اخطأت ايضا بدليل الجو الشعبي العارم في سلبيته حيالها، فاين اخطأت سوريا في رأيكم؟

«إما بالنظام الأمني اذا كان بهذه الخطورة التي يتحدث عنها الناس. والاخطاء التي وقعت فيها وشارك فيها اللبنانيون، وهو ما اعترف به الرئيس الاسد. من الطبيعي انه حصلت أخطاء ربما كانت مميتة، حتى انني سمعت من بعض الشخصيات انه كان هناك اقتراح ان يحصل انسحاب من لبنان عام 2000. اعتقد ان هذه المسألة لا يتحملها السوريون فحسب بل الذين استغلوا الوجود السوري لحساب مصالحهم من اللبنانيين على جميع المستويات بموافقة من السوريين. فهم لهم مصلحة، كالاميركيين الان. فكل دولة لها مصلحة فاذا كانت مجاورة تعمل وفق مصلحتها».

كيف تفسرون فشل حجة الاسلام هاشمي رفسنجاني في الانتخابات الرئاسية الايرانية اخيرا وفوز منافسه رئيس بلدية طهران محمود احمدي نجاد؟

اجاب المرجع الاسلامي ابراز: «افسره من خلال ان نجاد جاء للناس من خلال فرصة العمل ولقمة الخبز والانفتاح الشعبي مع الناس والاندماج معهم وهناك مشاكل كثيرة اقتصادية تحتاج الى حلول، بالاضافة لبعض الاوضاع الداخلية في مراكز القوى. واما رفسنجاني فقد عاش تجربة طويلة وتحدث مع الناس عن المسألة الخارجية اكثر. واما المسائل الاقتصادية فقد عاش تجارب الرئاسة ولم تحل كل القضايا الاقتصادية وهناك تأثيرات موجودة في مراكز القوى كما قلنا».

اليس النجاح في حل المشكلات الاقتصادية يحتاج الى علاقات مع الخارج؟ هل دفع كلام رفسنجاني اثناء المعركة الانتخابية عن ضرورة حل مشكلة العلاقات مع اميركا مراكز القوى التي اشرتم اليها الى التكتل ضده؟

اجاب المرجع الابرز: «من الممكن جداً ان الاوضاع في المسألة الخارجية ولاسيما لاميركا، وقوة رفسنجاني، فهو شخصية قوية وممن صنعوا الثورة، ولا يبعد ان التكتل الذي صار ضده كبيراً».

هل كان فوز رفسنجاني فيما لو حصل، شكل حدا لسلطة المرشد الاعلى اية الله علي خامنيئي؟

اجاب المرجع الابرز: «من خلال درس قوة رفسنجاني نلاحظ عدم بعد ذلك».

هل في انتخابات ايران الرئاسية الاخيرة رسالة من المحافظين الى الخارج تؤكد له ان الحوار لا يمكن ان يحصل الا معهم ومع نظامهم؟

“قد لا يكون ذلك بعيدا”اجاب المرجع نفسه.

هل يؤثر فوز نجاد على الموضوع النووي والمفاوضات الجارية في شأنه بين ايران والثلاثي الاوروبي؟

اجاب المرجع الابرز: «لا أظن ذلك لان المسألة ليست رئيس الجمهورية بل هناك مجلس الامن القومي وعلينا معرفة ان المفاوضات في المشروع النووي كانت بإشراف مجلس الشورى المسيطر عليه من المحافظين».

هل الشباب الايراني الذي يشكل نسبة مرتفعة جدا من مجموع شعب ايران في حالة ابتعاد عن النظام القائم فيها نتيجة امساك المحافظين بمفاصله؟ وهل سيؤدي ذلك الى انتفاضة شعبية ما؟

اجاب المرجع الابرز: «قضية الانتفاضة بالمعنى الحركي لقلب النظام لا وصعبة جدا، لان في ايران ضوابط كثيرة. ولكن انتفاضة جيل شباب قد لا ينفتح على الثورة مطلقاً بل على محاور أخرى ممكن».

كيف سيؤثر فوز نجاد على العراق؟ اجاب المرجع نفسه: «لن ينعكس، لأن قضية ايران في العراق هي قضية تنطلق من سياسة الأمن القومي».

مصادر
النهار (لبنان)