في هذه الأيام تلفظ الطريقة السياسية الإسرائيلية أنفاسها. لماذا إذن لا نقبرها، فلا يوجد لها مكان تعود إليه من المقبرة. الصورة واضحة: الليكود، كحزب السلطة، تحوّل الى ملجأ لمن يبحثون عن الوظائف المهمة، ولا يوجد أي رابط سياسي أو إيديولوجي بين أجزائه، فذكر اسم شارون كاستمرار لجابوتنسكي ومناحيم بيغن هو بالنسبة للكثيرين من أعضاء الحزب القدماء بمثابة "الكفر بالله". الحزب لا يقرر، لا يحكم، هو فقط يقترع لشخص ما أن يكون رئيساً عاماً في مشروع اليانصيب الإسرائيلي.

لا توجد لحزب العمل البائس حتى إمكانية لتقديم وظائف مهمة: كم عاطلاً عن العمل يحتاج حاييم رامون بمكتب الوزير في مكتب رئيس الحكومة؟ كما أن العملية التي تحصل مع حزب "شينوي" لا تبشّر بالخير. فشينوي فقدت البوصلة. أما حركة شاس، فهي حزب مهم وتمثيلي، شروط القبول لها قريباً ستكون عدد سنوات الأقدمية في سجن معسياهو.
لم يعد هناك نقاش سياسي عميق في الأحزاب. لا توجد جدالات حتى ساعات متأخرة من الليل، لا تقارير للأعضاء. القيادة السياسية من نهاية القرن الماضي أدت الى تردّي البنية الداخلية وشارون ما هو إلا ضارب المعول الأخير على الرمل الذي يلقى به على الميت في مقبرة السياسة. بالنسبة إليه، فإن زيارة لبيت العزاء في “متسودات زئيف” لن تواسي الباكين، وهو لا يستطيع قول الجملة الغبية: “جئنا لشدّ العزيمة فخرجنا بعزيمة أقوى”. لنُعزز؟ مُعززون؟ حتى لو صمد بعد تنفيذ فك الارتباط، بات شارون من الماضي. الى جانبه، شمعون بيرس، يحلق، لكنه عندما ينظر الى الخلف لا يوجد معه من يستطيع “احتلال الجبل”. فحزب العمل أنهى مسيرته.
السؤال هو ما العمل الآن. من المريح للجميع التعلّق بفك الارتباط، كسبب لتأجيل التفكير في أمور تخص “اليوم الذي سيلي” ولكن اليوم الذي سيلي فك الارتباط يدق على الباب، وفي الليكود يفهمون جيداً حتى وإن كانوا لا يقولون بصوت عال إن الرحلة صوب الخط الأخضر قد بدأت، الى حدود 1967. ومن هنا مفهوم أن الأيام التي ستلي فك الارتباط ستكون مصيرية أكثر وحماسية أكثر، ماذا سيحصل؟

إنهيار المنظومة السياسية ستقود الى انتخابات في ربيع 2006. الادعاء الصحيح جداً سيكون أنه لا يوجد وقت كاف لتحضير منظومات وأساليب سياسية جديدة، خصوصاً وأن بعضها جربناه. النتيجة ستكون أن أشخاصاً متوسطين وما دون هم الذين سيقررون في المهمات المصيرية. هؤلاء الذين عافتهم أنفسهم منذ زمن لا يوجد تقدير من قبلنا تجاههم. في ربيع 2006 سنذهب لصناديق الاقتراع مع حبوب ضد القرف.

الحل الموقت والذي قد يكون الأمثل ـ الى أين وصلنا ـ هو أن تعود الأحزاب الكبيرة عشرات السنين الى الوراء وتقيم “لجنة تنظيمية”. وهذه تدعو عند الطوارئ أفضل ما عندنا من الأكاديميين، رجال الأعمال، العسكريين في المؤسسات المختلفة. على أن يتشكل جزء على الأقل في القيادة من أناس ناجحين وحكماء. هذا بالطبع اقتراح سيئ. وإلى حد ما إنه غير ديموقراطي، ويعيدنا الى أيام ظلام، لكن لا يوجد بديل آخر. الوضع سيكون أسوأ من ذلك.

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)