بلهجة حزينة، أعلن رئيس الحكومة الأسبوع الماضي علمه بأن أعضاء معينين من الليكود يطلبون إقالته وإسقاط الحكومة. لكنه قال «لا أنوي تغيير قراري في شأن فك الارتباط عن غوش قطيف. لقد جربت مثل هذه التهديدات وصمدت في وجهها، ولن يؤدي الاصطفاف السرّي ضدي الى تغيير موقفي».

لقد أصاب شارون في فراسته. فالمعارضون لنهجه يبذلون الآن جهوداً حثيثة لصده، وثمة من يعمل لإبعاده. قليلون فقط ربما يتسلّون بأمل عدم خروج فك الارتباط الى حيّز التنفيذ. لكن إذا تحوّل الاقتلاع الى حقيقة، فستُطرح على بساط البحث مسألة مستقبل شارون في الليكود. وفي ضوء بعض التصريحات الصادرة عنه، يخشى كثيرون من أعضاء حزبه عدم اكتفاء شارون بتنفيذ فك الارتباط. فهؤلاء الذين يصطفون الآن ضده يشتبهون به في أنه على الرغم من تصريحاته السابقة المؤيدة للاستيطان في الضفة الغربية، فإن من شأنه تغيير رأيه.

كما هو معروف، قال شارون للمستوطنين في أعقاب الخلاف معهم، أنه يتعيّن التسليم بحقيقة عدم تحقق جميع الأحلام. لذلك لا يعتقد المستوطنون اليوم أن شارون سيكتفي بما سبق أن قدمه بشكل أحادي الجانب. ويبدو لهم أنه في أعقاب الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة والأسرة الأوروبية للانسحاب من مناطق أخرى، من شأن شارون إظهار المرونة والموافقة على تنازلات إضافية في إطار خارطة الطريق التي وافق عليها، والتي يتعيّن بموجبها إقامة دولة فلسطينية.

حتى الآن ساد الاعتقاد أن خطة فك الارتباط تهدف لرفع الضغوط عن إسرائيل من أجل تنفيذ انسحابات من الضفة الغربية. وقد تحدث مستشار رئيس الحكومة، دوف فايسغلاس، عن هذا الأمر بشكل صريح. لكن لا يوجد حتى الآن دليل دامغ يفيد أن الولايات المتحدة ستسلم فعلاً بضم مناطق من الضفة الغربية والتي يجري تعريفها من قبل شارون كمناطق أمن حيوية. هذا الموضوع لا زال غامضاً لأنه بحسب وزيرة الخارجية الأميركية، ينبغي لكل اتفاق سلام أن يكون مشروطاً بموافقة متبادلة بين إسرائيل والفلسطينيين. لكن إذا أصرّ الفلسطينيون على مطالبتهم بمكانة سيادية في القدس، وعلى العودة، ولو الرمزية، للاجئين الى أماكنهم في إسرائيل، وإعادة معظم الأراضي في الضفة الغربية، ومن دون أن يجتثوا البنية التحتية للإرهاب، فلن يكون في وسع شارون حينها التسليم بـ“شروط سلام” كهذه.

يبدو أن شارون يشعر بأن الكيل طفح من طريقة تعاطيه مع زملائه في مؤسسات الليكود عندما يتعاملون معه بقلة احترام. ويمكن أن نلاحظ في الآونة الأخيرة نهجاً أكثر تسامحاً على صعيد تعامله معهم، ودعوته لهم من أجل التوحد استعداداً للمعارك المقبلة التي يواجهها الحزب. بيدَ أنه فقد كثيراً من صدقيّته. وإذا كان يعتزم امتصاص الغضب الذي تراكم ضده، سيتعيّن عليه كسب ثقتهم من جديد. ثمة قليلون فقط ممن هم حوله يعرفون وجهة سيره بعد تنفيذ فك الارتباط. شارون وحده يملك إمكانية تبديد الشكوك تجاهه.

مصادر
معاريف (الدولة العبرية)