نجح اقتراح رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، على حركة حماس الانضمام الى حكومة برئاسته، في إثارة ردود أفعال إسرائيلية غاضبة حتى قبل أن تحسم حماس موقفها من هذا الأمر. ولم يترك الردّ الإسرائيلي المشروط، في أنها لن تجري مفاوضات مع من تعتبره منظمة إرهابية، مجالاً للتفكير، فما بالك لفحص ميزات الاقتراح.

تُعتبر حركة حماس في المجتمع الفلسطيني جزءاً من الساحة السياسية والثقافية. في إسرائيل يرون فيها منظمة إرهابية. ولا تختلف مكانتها عن مكانة حزب الله في لبنان أو الإخوان المسلمين في مصر. فالقوة الشعبية الكبيرة التي اكتسبتها الحركة، ولا سيما في الانتفاضة، ستترجم الى قوة سياسية في انتخابات للبرلمان الفلسطيني التي كانت مقررة بداية في منتصف تموز وتأجلت الى موعد غير محدد. ويبدو أن تخوّف فتح من مغبة انتصار كبير لحماس في الانتخابات أدى الى التأجيل، وهو الذي دفع عباس الى أن يقترح على حماس شراكة سياسية من دون انتخابات، بمعنى من دون اختبار حقيقي لقوته الجماهيرية.

الخطوة التي اتخذها عباس لا ترمي فقط الى تجاوز مصاعبه ومصاعب تنظيمه السياسية، بل أيضاً لإضفاء معنى لقدرة السلطة الفلسطينية على التنفيذ في مستويين: توحيد أجهزة الأمن بحيث تتضمن أيضاً أجهزة حماس، وضمان انسحاب هادئ لإسرائيل من غزة. ومن دون مشاركة حماس كمنظمة معارضة عسكرية كبرى، لن يتمكن عباس من أن يعرض على الفلسطينيين وإسرائيل سلطة مسؤولة قادرة على أن تفي بتعهداتها.

من ناحية إسرائيل التعاون السياسي وبالأساس العسكري بين السلطة الفلسطينية وحماس يمكنه أن يسمح، وربما أن يضمن، انسحاباً أكثر هدوءاً. وفي هذا السياق يمكن الإشارة الى تمسّك حماس بتفاهم التهدئة المتحقق بينها وبين السلطة في إطار مؤتمر شرم الشيخ. يمكن التقدير في أنه إذا ما توصلت حماس الى اتفاق تعاون مع السلطة فسيعرف الطرفان كيف يضمنا تنفيذ هذا الاتفاق في كل ما يتعلق بفك الارتباط أيضاً.

وإسرائيل، التي أعلنت معارضة هذا التعاون غير مطالبة أو مدعوة في هذه المرحلة الى إجراء أي مفاوضات مع حماس. فأمامها لا تقف سوى هيئة معروفة واحدة: السلطة الفلسطينية. وإسرائيل ملزمة بإجراء مفاوضات مع السلطة ورئيسها. ولما كانت إسرائيل لا تقترح في هذه المرحلة على السلطة الحديث في مسألة المقابل السياسي، بل ترى فيها مجرد منظمة وظيفية مهمتها الحفاظ على الهدوء، فإن من الأفضل لإسرائيل عدم إثارة الصخب في مسألة التعاون مع حماس. وعندما يحين دور المفاوضات السياسية سيكون بوسع إسرائيل أن تطالب بأن تعترف كل منظمة ممثلة في السلطة الفلسطينية بحق إسرائيل في الوجود كشرط لمثل هذه المفاوضات. أما الآن فإن إسرائيل مخوّلة بأن تتمنى النجاح لعباس في أن يجمع تحت إمرته كل حامل سلاح غير قانوني، كل منظمة وكل حركة من شأنها أن تعرّض أمن إسرائيل وأمن فك الارتباط للخطر.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)