أعلنت مجموعة من الشخصيات السورية المعارضة المقيمة في الولايات المتحدة امس، تشكيل “المجلس الوطني السوري” من أجل “تحقيق التغيير الديموقراطي في سوريا”، من طريق التنسيق مع قوى المعارضة داخل سوريا وخارجها.

وجاء الاعلان عقب اجتماع موسع لممثلي بعض الاحزاب والشخصيات السورية في واشنطن في 18 حزيران الماضي و19 منه اخفق في التوصل الى استراتيجية واحدة للعمل على “تغيير النظام” في دمشق، وأدى الى انسحاب حزب الاصلاح السوري لاسباب عدة منها الخلاف على تأليف حكومة سورية في المنفى، وهو ما يدعو له رئيس الحزب فريد الغادري وتعارضه بعض القوى الاخرى، ولقلق البعض مما سموه “النبرة الاسلامية” لبعض المشاركين وبروز دور جماعة “الاخوان المسلمين” في سوريا.

هذه التطورات في أوساط المعارضة السورية في الخارج وتحديدا في الولايات المتحدة، والتي تمثل اما شخصيات مستقلة واما أحزابا صغيرة تسعى الى عقد تحالفات او ائتلافات مع فئات معارضة في الداخل، تأتي في الوقت الذي تشدد واشنطن ضغوطها السياسية والاقتصادية على سوريا، في سياق ما يعتبره بعض المراقبين في واشنطن، وبعض المعارضين السوريين، اتجاه ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش ببطء الى الدفع لتغيير النظام السياسي في دمشق، مع ان السياسة الاميركية الرسمية حيال سوريا لا تزال تطالب بتغيير “السلوك السوري” وليس “تغيير النظام”.

وجاء في بيان وقعه خمسة معارضين يشكلون اعضاء اللجنة التنفيذية للمجلس ووزعوه خلال مؤتمر صحافي عقدوه في واشنطن، ان توقيت اعلان تشكيل المجلس يعود الى «انه اصبح جلياً ان النظام السوري، وهو واحد من اكثر الانظمة الشمولية ظلامية في العالم، انما يحاول الالتفاف على المتغيرات الدولية والداخلية المتسارعة وامتصاص انتفاضة الشعب للخلاص من جلاديه بادخال تعديلات تكتيكية واهية على صفوفه دون المساس بجوهر المعضلة السياسية في سوريا التي مردها احتكاره المتعاظم للسلطة وتمسكه بالقوانين الاستثنائية التي يشكل قانون الطوارئ السيىء السمعة عمودها الفقري».

وشملت اهداف الموقعين بناء دولة جديدة مبنية على نظام سياسي تعددي وديموقراطي، وسيادة القانون، وضمان حقوق الانسان في سوريا بالمواطنة وممارسة الحريات العامة، والفصل بين السلطات. وستوجه الدعوة الى مؤتمر موسع لهذه القوى وغيرها من الفئات المعارضة داخل سوريا وفي اوروبا الخريف المقبل، ربما في اوروبا، لتسهيل مشاركة شخصيات معارضة مقيمة في سوريا.

ووقع البيان محمد الجبيلي عن حزب التجمع من اجل سوريا، ومحمد الخوام عن منبر التضامن للحريات، وحسام الديري عن تجمع الاحرار الوطني الديموقراطي، وعبد المهيمن السباعي عن الجمعية الاميركية السورية، ونجيب الغضبان كمستقل. وشارك بعض هؤلاء في الاجتماعين اللذين نظما في وزارة الخارجية الاميركية بين شخصيات معارضة ومسؤولين اميركيين في آذار واواخر حزيران.

وامتنع الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك عن التعليق مباشرة على الاعلان، قائلاً انه لا يعرف المجموعة، لكنه كرر موقف حكومته بدعم الحريات العامة للجميع بمن فيهم السوريون، دونما خوف او ترهيب، واكد ان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ايدت هذه الحقوق ومنها حق تشكيل الجمعيات التي تنشط في المجتمع المدني.

وطالب موقع البيان الحكومة الاميركية «برفع الغطاء عن النظام السوري ودعم جهود المعارضة في التحول الديموقراطي في سوريا»، وكذلك الضغط على الحكومة السورية واتخاذ مواقف قوية ضد اي انتهاكات لحقوق الانسان في سوريا" كما قال نجيب الغضبان.

وقال محمد الجبيلي: “نتطلع الى تغيير النظام في سوريا”. وعن علاقة الموقعين بجماعة “الاخوان المسلمين” في سوريا، ان لا اتصالات رسمية مع "الاخوان المسلمين" في سوريا، لكن “المجلس الوطني السوري” يرغب في العمل والتنسيق مع جميع القوى المعارضة بمن فيها “الاخوان”، مشيرا الى ان الاسلاميين هم من ابرز القوى المعارضة في سوريا.

وردا على اعلان تشكيل المجلس، اصدر حزب الاصلاح الدستوري بيانا لمح فيه الى ان انسحابه من الاجتماع الذي انعقد الشهر الماضي للمعارضة يعود الى تباين في رؤى بعض المشاركين. وبعدما تبين «ان مجمل محتوى هذا التكتل لا يعكس طموحات مكونات الشعب السوري كافة، قرر الحزب الانسحاب منه». وقال الغادري في البيان ان حزبه ينظر «الى كل السوريين بالتساوي بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية، وقد كرسنا نضالنا لكفالة المساواة دستوريا». من اجل اقامة «دولة مؤسساتية علمانية تكون مظلة تحمي كل السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية»، في اشارة ضمنية الى تباين المواقف مع “الاخوان المسلمين”.

مصادر
النهار (لبنان)