بداية الحصار الذي يمارسه النظام السوري على الاقتصاد اللبناني هو من علامات العداء الذي يكنه هذا النظام للبنان الحر السيد والمستقل. هكذا نفهم التدابير التي يتخذها سوريو النظام على الحدود وما يفعلونه لاذلال العابرين من سائقي الشاحنات والمواطنين العاديين من البقاع الحر والشمال المتمرد، برمي الطعام والماء على الارض، والقول لهم جهارا فليطعمكم... فلان! ولا ننسى قضية الكهرباء والغاز وغيرها من الوسائل التي يستخدمونها.

في المقابل لا تزال بقايا المافيا المخابراتية من سياسيين وامنيين سابقين وحاليين يعبرون ذهابا وايابا حاملين معهم تهديدات و"قراءات" سورية حول الازمة بين البلدين. فمن الحديث عن اعتراض سوري على دعوات لبنانية لاعادة النظر في الاتفاقات التي عقدت في ظل الوصاية، إلى حديث عن رد على مضايقة مواطنين سوريين في لبنان، فالكلام عن امتعاض من حملات اعلامية وسياسية لبنانية على سوريا. وكلها مبررات يحاول النظام السوري ان يقدمها في سياق ممارسته اقدم وسيلة سبق ان مورست ضد لبنان الاستقلال في الخمسينات للي ذراع الاحرار والاستقلاليين.

انها رسالة سورية لنا جميعا ابناء الرابع عشر من آذار بان ثمة قوة لا تزال ترفض قبول التحرر اللبناني.

رسالة للبنانيين جميعا، ولا فرق بين هذا او ذاك، بان ثمة قوة ما في الجوار لا تزال تعمل على اعاقة التغيير في حياة اللبنانيين، وتجتهد في سبيل وأد الحلم اللبناني الذي تفجر في انتفاضة الاستقلال.

ان النظام السوري يظن ان الضغط الاقتصادي يمكن ان يكسر الارادة اللبنانية. والحق انه يرتكب خطأ كبيرا بالحؤول دون بناء علاقات جوار ممتازة على قاعدة التطلع الى الامام، واصلاح ما فسد في تلك العلاقات. وسوريو النظام عندما يعبرون عن غضبهم، كيلا نقول اكثر، انما يتناسون ان لبنان هو الطرف المتضرر. وهو الذي كان تحت الوصاية والهيمنة. كما يتناسون ان لبنان هو الذي عاش تحت حكم مافيا مخابراتية مشتركة طوال خمسة عشر عاما، وان النظام اللبناني الديموقراطي هو الذي تعرض على مدى هذه الاعوام لضربات بقصد تذويبه في ديكتاتورية التوريث.

ويتناسون كذلك ان لبنان هو الذي نهبت مؤسساته العامة والخاصة، وان مناضليه وصحافييه ومثقفيه هم الذين اغتيلوا من حسين مروة الى سمير قصير وصولا الى جورج حاوي.

انها لمهزلة حقا.

بالتأكيد، نحن لا نكن عداء لسوريا، كما لا يعنينا النظام القائم فيها. وجل ما يهمنا هو ان يتوقف التدخل في شؤوننا، ومحاولات التأثير على المسار الديموقراطي فيه.

ان التدابير السورية على الحدود بين البلدين لن تعزل لبنان واللبنانيين، ولكنها بالتأكيد لن تساهم في فك عزلة النظام السوري العربية والدولية. ولن تحسّن من الصورة التي لا يختلف اثنان على انها سلبية الى حد بعيد. من هنا دعوتنا الصادقة للنظام في دمشق من اجل المسارعة الى اجراء مراجعة نقدية حقيقية لكل المسار السابق في العلاقة بين البلدين، وان يكون هناك من يمتلك الجرأة على القول اين اصابت سوريا، والاهم اين اخطأت لان هذا هو بيت القصيد.

في خلاصة الامر نقول نعم لافضل العلاقات بين البلدين. ونعم والف نعم لعلاقات سوية بين بلدين مستقلين وسيدين. ولكن لا والف لا لعلاقات يحاولون فيها كسر الارادة اللبنانية او اذلال شعبنا وتدمير نظامنا الديموقراطي الحر في هذا الشرق المظلم بالديكتاتورية.

مصادر
النهار (لبنان)