هل سيحل حزب البعث العربي الاشتراكي قيادته القومية؟ وكيف سيكون البعث دون قيادة قومية؟ وهل سيستطيع البعث ان يستمر دون قيادة قومية؟

وفي المقابل أليست القيادة القومية عبئا على حزب البعث الحاكم في سوريا؟ ألم تسبب بعض منظمات البعث في بعض الدول الشقيقة إحراجا لقيادة البعث في سوريا‚ هل يمكن تصور حزب بعث عربي اشتراكي دون امتداد عربي؟

حول هذا الموضوع .. لقاء مع الدكتور فواز الصياغ عضو القيادة القومية الاحتياط ورئيس تحرير مجلة «المناضل» الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي‚

هل صحيح ما يشاع من أن الحزب سيستغني عن قيادته القومية ويستعيض عنها بمجلس قومي؟

 هذا الامر نوقش منذ فترة طويلة ضمن شعار التطوير والتحديث في الحزب‚ تطوير فكر الحزب وأساليب عمله بما يتناسب مع كل مرحلة يمر فيها الوطن العربي والعالم‚ والتحديث هو تحديث اساليب عمل الحزب بمختلف مؤسساته‚ طبعا القيادة القومية احدى هذه المؤسسات‚ وهي المؤسسة الاولى المعنية بشؤون الفكر وتحديث أساليب العمل‚

ومن المعروف ان حزب البعث العربي الاشتراكي يواكب مسيرة حياة المواطن ويلبي رغبات وحاجات الجماهير في كل فترة زمنية في الاقطار العربية المختلفة وبما انه يقود الدولة والمجتمع في سوريا فهو معني بالحياة السورية المعاصرة ومستقبل التطور فيها‚

مؤتمر وزراء الداخلية العرب الذي عقد مؤخرا في تونس اقر عدم جواز امتداد الاحزاب من قُطر عربي الى اقطار عربية اخرى وسوريا وافقت على ذلك هل يعني ذلك أنكم ستتخلون عن المد القومي لحزب البعث؟

 أولا هذا جزء من السيادة الوطنية لكل قُطر عربي‚ ولكل نظام عربي‚ وهو أمر تعترف به سوريا وتقره‚ لا يمكن الغاء الحالة القُطرية إلا ضمن توافق عربي وتنسيق عربي واتفاق حقيقي يوصلنا في المستقبل البعيد الى الوحدة العربية وهي هدف الحزب‚

لكن مؤتمر البعث الأخير لم يتكلم عن الوحدة العربية؟

 لا يؤثر هذا لأن حزب البعث العربي الاشتراكي له أهداف عامة وهي الدعوة الى وحدة الوطن العربي‚ والى تحقيق حرية المواطن العربي‚ والى تطبيق الاشتراكية وهي العدالة الاجتماعية‚ وهذه الأهداف لم تعد مقتصرة على حزب البعث على الرغم من ان البعث كان أول من نادى بها إلا انها اصبحت هدفا لمعظم الحركات السياسية في الوطن العربي وحتى انها اصبحت هدفا لمعظم الانظمة العربية حتى ان دساتير بعض البلدان العربية تقر بأن ذلك القُطر هو جزء من الامة العربية وتسعى هذه الدساتير الى حرية مواطنيها والى تحقيق نظام اقتصادي يحقق العدالة بين الناس وهذه النصوص كلها نستطيع ان نجملها في المبادئ العامة لحزب البعث‚

أوصى المؤتمر العاشر للحزب بفصل الحزب عن السلطة وبنفس الوقت نرى ان رئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء أعضاء قيادة قُطرية في حزب البعث إذن أين الفصل؟

 حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع وهو يقود جبهة وطنية تقدمية وهو ليس حزبا حاكما‚ هو حزب يضع السياسات العامة ويخطط لمستقبل سوريا ويطلب من الجهات التنفيذية بالاشتراك مع احزاب الجبهة الوطنية التقدمية‚ يطلب من الحكومة ان تنفذ هذه السياسة والحكومة ليست كلها بعثية‚ من اصل 30 وزيرا يوجد عشرة وزراء مستقلين‚

وجود رئيس للبرلمان لا يعني ان البعث احتكر السلطة التشريعية هنالك عدد كبير من الاعضاء المستقلين ومن اعضاء الجبهة في البرلمان‚ والبرلمان هو الذي يشرع وليس حزب البعث‚ والبعث لا يفرض رأيه‚

أما بالنسبة لرئيس الوزراء فهو بعثي لأنه يتلقى توجيه السياسة العامة من مجلس الشعب ومن قيادة الحزب لكن هناك الكثير من عمل الدولة هو عمل يومي لا يتدخل به الحزب وقد عزز المؤتمر العاشر هذا التوجه بفعل فصل عمل الحزب عن عمل الدولة وهذا التوجه كان قد بدأ منذ اكثر من سنتين حيث اصدرت القيادة القُطرية القرار رقم (8) لذلك عندما قرر المؤتمر ان يختار القيادة القُطرية قال ان عدد القيادة القُطرية 12 يضاف لهم رئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء بصفتيهما الرسميتين‚ وليس لأنهما اعضاء قيادة‚ وهذا جزء من التحديث والتطوير في عمل المؤسسة الحزبية‚

تحدث المؤتمر عن اقتصاد السوق الاجتماعي ولم يتحدث عن الاشتراكية وهي أحد أهدافه الثلاثة هل يعني هذا ان البعث تخلى عن الاشتراكية؟

 الاشتراكية هي مجموعة من المبادئ وهذه المبادئ تمس الاقتصاد والاجتماع والاخلاق والفكر‚‚الخ‚ هنالك انماط من الاشتراكية يوجد النمط الماركسي‚ النمط الصيني‚ النمط الستاليني‚ النمط اللينيني‚ النمط الفابي‚ وتوجد الاشتراكية الديمقراطية‚ والاشتراكية الليبيرالية‚ هناك كثير من الانظمة الاقتصادية في عدد من الدول الرأسمالية ذات مضمون اشتراكي اكثر من بعض الدول التي كانت تدعي الاشتراكية‚ وهذه الانظمة تتبنى نظام التأمين الصحي للمواطنين‚ وتصاعد الدفع الضريبي المتزايد على رؤوس الاموال‚ ونظام التأمينات الاجتماعية لكبار السن وأنظمة التعليم المجاني والاجباري في سنوات معينة‚ وهذه تصب في خانة العدالة الاجتماعية‚ وحزب البعث العربي الاشتراكي لم يحدد نمطا معينا من الانماط الاشتراكية‚ بل ترك الامر للتطور مع الزمن‚ ولحاجات المواطنين‚ وللنظام الافضل الذي يحقق العدالة الاجتماعية في زمن معين‚ وهذا المؤتمر ناقش قراراته في ضوء الواقع الاجتماعي والسياسي والتاريخي على ضوء التجارب التي مرت بها الانظمة الاقتصادية العالمية‚

وهنا نقول انه لكل حكومة خيارات كثيرة لكن في النهاية هذه الخيارات يجب ان تصب في تحسين دخل الفرد وضمان عيش كريم له والعيش الكريم يضمن الصحة والتعليم وتأمين الشيخوخة الى آخره مع المحافظة على المكتسبات لدى الطبقات الفقيرة التي تحققت خلال السنوات الماضية بمعنى المحافظة على حقوق العمال والفلاحين والموظفين والطبقات الشعبية التي شملتها الانظمة السابقة‚

في الحديث عن قانون الأحزاب أوصى المؤتمر باصدار قانون أحزاب‚ والناطقة باسم المؤتمر قالت ان الاحزاب ستكون لا عرقية ولا دينية ألا يعني هذا قفزا فوق الواقع السوري؟

 بالطبع لا‚ لأن الهدف من اصدار قانون احزاب هو ضمان المشاركة الوطنية في الحياة السياسية في سوريا على قاعدة تعزيز الوحدة الوطنية‚ ولم تذكر توصيات المؤتمر ان الاحزاب لن تكون احزابا ذات طابع ديني‚

هل أفهم من قولك أننا قد نرى أحزابا ذات صبغة دينية أو عرقية؟

 كل شيء ممكن‚ لكن ليس بالمعنى الحرفي‚ قد نرى احزابا ذات توجهات دينية او عرقية لكنها يجب ان تكون على قاعدة تعزيز الوحدة الوطنية وهذا الامر يحدده قانون الاحزاب الذي ستصدره الحكومة والذي تعده الجهات التشريعية في سوريا لكن بالضرورة ومن المهم ان يحافظ القانون الجديد على القاعدة التي تنص على تعزيز الوحدة الوطنية‚ لكن هذا لا يمنع في تقديري ان تكون لبعض الاحزاب توجهات ثقافية معينة او اهتمامات دينية معينة‚

هل هذا سيفسح المجال أمام الاخوان المسلمين؟

 موضوع الاخوان المسلمين هناك قانون يحظر نشاطهم لأن الوطن قد عانى من هذا التنظيم سنوات طويلة كما تعرفون ولأن سوريا ليست بلدا مبنيا على نظام طائفي او ديني‚ فسوريا انصهرت فيها الثقافات والديانات وشعبها موزع على هذه الديانات وكانت عامل توحيد وليس عامل تقسيم المجتمع‚

تسربت بعض الأخبار التي تقول إن بعثيي العراق يحاولون الانضمام الى حزب البعث من خلال قيادته القومية هل تلقيتم أية اتصالات من هؤلاء؟

 غير صحيح لم تحدث أية اتصالات ابدا‚ نحن انفصلنا في عام 1963 وخرج هؤلاء من الحزب وأسسوا تنظيما يحمل نفس اسم الحزب وكانت لنا معهم معاناة ووقعت بيننا حروب سياسية‚

ولكن مؤسسي الحزب في سوريا هم أنفسهم مؤسسوه في العراق؟

 هذا لا يعني شيئا‚ كنا حزبا واحدا ثم انفصلنا‚

كيف تفسرون تصاعد الضغط ضد سوريا على الرغم من اعلان الحكومة السورية أنها لبت العديد من المطالب الاميركية؟

 بالتأكيد الضغوط ستستمر لأسباب متعددة:

أولا: الولايات المتحدة تواجه مأزقا كبيرا في العراق وهي تريد ان تحمل الآخرين‚ خصوصا سوريا مسؤوليات هذا المأزق‚

ثانيا: ان هنالك عناصر كثيرة في الادارة الاميركية متأثرة بالفكر الصهيوني وأحد اهم أهداف هذا الفكر هو ضرب سوريا واضعافها لأنها ما زالت تشكل الحاجز الذي يقف في وجه اطماع اسرائيل التوسعية‚

ثالثا: هناك المأزق اللبناني الذي لم تنجح اميركا في السيطرة عليه وتعزو ذلك الفشل الى مسؤولية سوريا في هذا الموضوع‚

هذه النقاط الثلاث المتوترة في العراق ولبنان وفلسطين هي التي تدعو الولايات المتحدة للضغط على سوريا وتحميلها مسؤولية الفشل في معالجة بؤر التوتر هذه بالاضافة الى ما تشكله سوريا من موقع ثقل جيبوليتيكي في الوطن العربي

مصادر
الوطن (قطر)