اذا كان مقياس التشبيه هو نيويورك بعد احداث 11 ايلول، فان لندن ستعود في غضون وقت قصير الى نفسها. المسارح في وست اند ستكون مليئة. الحرس في قصر باكنغهام سيسير مرة اخرى امام جموع السواح، وسيعود الذين يخلعون ملابسهم للتعرض لشمس الصيف الى اعشاب هايد بارك. والصحف الصفراء ستعود الى عشيقات الامير وليم وديفيد باكهام.
الجروح الخارجية التي يحدثها الارهاب تندمل بسرعة، وما لا يفعله عمال البناء والزجاج والمستشفيات، يفعله اندلاع الوحدة الوطنية والعطف الدولي. المشكلة هي الجروح الداخلية. الهجوم الارهابي في 11 ايلول غير اميركا لسنوات طوال. فقد اخرجها الى حربين خارجيتين، واحدة في افغانستان، اضطرارية وناجحة جدا، والثانية في العراق، فتاكة وموضع خلاف من الداخل. هذا الهجوم اجبر الاميركيين على التنازل عن قيم هي في نظرهم مقدسة عن الخصوصية، عن حقوق المواطن للأجانب، عن انظمة القانون والقضاء.
كادت تمر اربع سنوات منذئذ، مليارات الدولارات انفقت، وبن لادن وقسم من رجاله يواصلون التخفي في مكان ما، والارهاب الاسلامي يواصل العمل، يواصل الضرب.
لا يمكن القول ان زعماء اميركا وبريطانيا فزعوا من رعب الارهاب، لا يمكن القول انهم لم يجندوا مصادرهم ولم يكافحوا ضده، ولكنهم فشلوا في اختبار النتيجة، مسّ الارهاب بالممتلكات وبالحياة كان هامشيا، ولكن مسه بجدول الاولويات العالمي، بقواعد اللعب، بالنظام الداخلي، هائل.
من الصعب ان نعرف من مسافة بعيدة ما اذا كان رد الفعل بارد الاعصاب للشارع البريطاني على سلسلة العمليات يدل على حصانة نادرة ام على صدمة شديدة. اقدر بان لهم ما يتعلموه منا، هنا وهناك، ولا سيما في الجانب الاستخباري والعسكري للحرب ضد الارهاب، وربما ايضا في الانتظام السريع لفرق الانقاذ والترميم. لكننا يمكن ان نتعلم منهم ضبط النفس وكبح الجماح. يمكن هضم معنى العملية دون بث اي صورة فظيعة، دون تضخيمها في وسائل الاعلام واستغلالها سياسيا. ولا ضرورة للاحتفال على الدم.