اكد الرئيس الاميركي جورج بوش في رسالته الاذاعية الاسبوعية ان الولايات المتحدة وحلفاءها سيواصلون «حربهم العالمية ضد الارهاب، من جبال افغانستان الى المنطقة الحدودية لباكستان، الى القرن الافريقي، الى جزر الفيليبين، وحتى سهول العراق». واضاف عقب عودته من قمة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى في بريطانيا: "سنبقى في حال الهجوم، لنحارب الارهابيين في الخارج كي لا نواجههم في الوطن، وسنواصل حرمان الارهابيين الملجأ والدعم الذي توفره الدول المارقة ... وفي الوقت ذاته سنواصل نشر القيم العالمية مثل الامل والحرية التي ستطغى على ايديولوجيتهم المبنية على الطغيان والحقد ".

وقال انه «بينما كان الزعماء المشاركون في القمة الصناعية يناقشون سبل مكافحة الفقر ومرض العوز المناعي المكتسب "الايدز"، وايجاد بيئة صحية أكثر وتحسين نوعية حياة الناس، كان الارهابيون يقتلون الرجال والنساء الابرياء في لندن».

واتت كلمة بوش في الوقت الذي استعاد الاميركيون وهم يراقبون صور العنف العشوائي في لندن وضحاياه، ذكريات هجمات 11 ايلول 2001 في نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا. وعاش ملايين الاميركيين مخاوف جديدة وهم يستخدمون وسائل المواصلات العامة من القطارات والاوتوبيسات، مع عودة دوريات الشرطة المسلحة الى محطات القطارات، وهم يدركون الحقيقة المقلقة التي لا مفر منها في عصر الارهاب المعولم، أي انعدام المناعة ضد القتل العشوائي مع ما يحمله ذلك من شعور بالضعف وهشاشة الامن الشخصي.

وفور وقوع الهجمات، سارعت المنظمات العربية - الاميركية، وكذلك المنظمات الاسلامية الى اصدار بيانات الادانة والتذكير بانه اذا كان القائمين بها من المسلمين فانهم خارجون عن دينهم، ولا يمثلون المسلمين. ونبهوا من خطر لوم الجاليات العربية والمسلمة، التي استعادت اوساطها ايضا مشاعر القلق والاحباط التي عاشتها عقب هجمات ايلول 2001.

وحض بوش الاميركيين على التيقظ وابلاغ السلطات المحلية أي نشاطات مشبوهة. واشار الى الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها وزارة الامن الوطني، رغم عدم وجود أي معلومات محددة تشير الى احتمال تعرض البلاد لخطر وشيك.

وأثنى بوش واكثر المعلقين والسياسيين الاميركيين على مواقف رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير وادائه، وعلى هدوء البريطانيين وشجاعة سكان لندن، وذكروا باداء هذه المدينة وشجاعتها خلال صمودها ضد الغارات النازية المدمرة في الحرب العالمية الثانية، وخلال تعرضها لاحقا لارهاب “الجيش الايرلندي الجمهوري”.

وحفلت افتتاحيات الصحف ومقالات المعلقين والمحللين بالاسئلة المقلقة والمحيرة من نوع لماذا لم تتوقع السلطات الامنية البريطانية هجمات ارهابية كهذه؟ ولماذا لم تقم الدول الصناعية بما فيه الكفاية لمعالجة جذور الارهاب الاقتصادية والسياسية؟ ولماذا اخفقت الولايات المتحدة حتى الان في اعتقال زعيم “القاعدة” اسامة بن لادن؟ هذا مع ربط الاخفاق باستمرار التورط الاميركي العسكري في العراق.

وكتبت صحيفة “النيويورك تايمس” في احدى افتتاحياتها ان التفجيرات وقعت فيما كانت القمة الصناعية تبحث في خطة لمساعدة اولئك الذين يعيشون في حال يأس في افريقيا "حيث يولّد الفقر والمرض مشاعر الكراهية بين الذين لا يملكون شيئاً ضد الذين يملكون الكثير ". وقالت: «هذه المقارنة بين الامل والخوف هي سلاح عضوي للارهابي الذي لا يسعى فقط الى تدمير الحياة والممتلكات، ولكن ايضا الى تقويض حياتنا بطرق تجلب المزيد من الدمار». واضافت: «الخوف كان ايضاً الرد الذي لا مفر منه، الخوف الطبيعي ان مثل هذا النوع من الهجوم الذي يشنه افراد لا يحترمون حياتهم او حياة أي شخص آخر، يمكن ان يقع في أي مكان».

كما تطرقت مقالات في صحف مثل “الوول ستريت جورنال” وغيرها الى ما اعتبرته الخطر المحتمل ضد الولايات المتحدة، والذي تمثله تنظيمات اسلامية تنشط في اوروبا . واشارت الى وجود جاليات مسلمة وعربية كبيرة في اوروبا بين اعضائها افراد يعيشون على هامش هذه المجتمعات ولا ينتمون اليها، ويمكن تجنيد بعضهم في التنظيمات الاسلامية المتشددة او الارهابية، في ظل سهولة عبور الحدود بين الدول الاوروبية، وسهولة حصول مواطني هذه الدول من المسلمين والعرب على تأشيرات الدخول الى الولايات المتحدة، وشن هجمات ارهابية.

وتحدث المعلق والخبير في شؤون الارهاب بيتر بيرغن عن ظاهرة الارهابيين الاسلاميين من المواطنين البريطانيين مثل ريتشارد ريد “الذي حاول تفجير طائرة في طريقها الى اميركا من خلال تفجير قنبلة في حذائه” واخرون قيد الاعتقال مثل ساجد بادات واحمد عمر الشيخ وابي عيسى الهندي وغيرهم. واشار الى الظروف الاقتصادية السيئة التي يعيش فيها العديد من الشباب المسلمين في بريطانيا، حيث تزيد نسبة البطالة بين الشباب 10 نقاط عن المعدل الوطني. كما ان نسبة البطالة بين الشباب الذين تراوح اعمارهم بين 16 و24 سنة تصل الى 22 في المئة، الامر الذي يجعلهم يتقبلون تعاليم المتطرفين.

وشدد المعلق في “النيويورك تايمس” توماس فريدمان على ضرورة احتواء ما سماه “المضاعفات الحضارية لهذه الهجمات”، وعدم تعميق مشاعر العداء بين المسلمين وغير المسلمين، وحذر من مضايقة الجاليات المسلمة في الغرب، لكنه حض العالم الاسلامي على «التنبه لوجود ثقافة موت جهادية في اوساطهم». ورأى انه اذا لم يحارب المسلمون هذا «السرطان في جسمهم السياسي، فانه سيصيب العلاقات الاسلامية - الغربية في كل مكان . وحده العالم الاسلامي يستطيع ان يستأصل ثقافة الموت هذه».

ورأت الصحف الاميركية ان القمة الصناعية كانت ناجحة، ولكن جزئياً، وعزت النجاح الى تصميم بلير وقيادته. وفي المقابل قللت بعض الصحف دور بوش في القمة، واعتبرته “النيويورك تايمس” حتى اكثر من هامشي.

واثنت صحيفة “الواشنطن بوست” في افتتاحيتها على دور بلير في اقناع القمة بتخصيص 50 مليار دولار لافريقيا بحلول سنة 2010 وتخصيص ثلاثة مليارات دولار سنوياً للفلسطينيين خلال السنوات الثلاث المقبلة، وان نبهت الى ان الحكم النهائي على تصرف الدول الغنية يأتي بعد تنفيذ هذه التعهدات وليس الان.

مصادر
النهار (لبنان)