لم تنضج طبخة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة على رغم التفاؤل بإحداث تقدم عبّر عنه العماد ميشال عون بإعلانه استعداد تكتله النيابي للمشاركة فيها بعد تجدد الاتصالات بينه وبين الرئيس المكلف فؤاد السنيورة ورئيس «كتلة المستقبل» النيابية سعد الحريري.

فما تلبث عقدة أن تحل حتى تعود الاتصالات في شأن غيرها الى الوراء كما حصل خلال لقاء السنيورة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ظهر أمس، اذ أصرّ الأول على عدم اسناد حقيبة الخارجية الى وزير شيعي، فيما أصر الثاني على أن تكون هذه الحقيبة من نصيب وزير شيعي مؤكداً توافقه مع “حزب الله” على هذا المبدأ في سياق توزيع الحقائب السيادية على الطوائف. وتزامن هذا التعقيد مع اعلان رئيس الجمهورية اميل لحود عن اشتراطه موافقته على التشكيلة قبل توقيعها.

وكاد الخلاف على حقيبة الخارجية يسبب عودة الى نقطة الصفر بعدما كانت الاتصالات أوحت ليل أول من أمس بأن هناك اتجاهاً لتسليم السنيورة وتيار المستقبل بمبدأ اسنادها الى شيعي على ان يختار الرئيس المكلف وزيراً مستقلاً من لائحة من أربع شخصيات سماها “حزب الله” وحركة «أمل» هي: السفير في لندن جهاد مرتضى، القاضي سامي منصور، ناشر جريدة «السفير» طلال سلمان والوزير السابق أسعد دياب. إلا ان السنيورة أبلغ بري ظهر أمس أنه يفضل توزير غير شيعي لاعتقاده بأن اسناد الحقيبة الى وزير من طائفة أخرى يمكّن لبنان من الدفاع عن موقفه وعن «حزب الله» وسلاح المقاومة أكثر، ازاء الضغوط الدولية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559. إلا أن مصدراً مقرباً من بري أكد لـ “الحياة” ان رئيس البرلمان شدد على التمسك باحتفاظ الشيعة بالخارجية، وان الحجة التي طرحها السنيورة كان يمكن أن تناقش قبل خلق هذا الجو الذي لم يعد يتيح لـ «أمل» و»حزب الله» التراجع عن مطلبهما. وأدى تجدد الخلاف على الخارجية الى دخول رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط على خط الاتصالات مع الحريري والسنيورة داعياً الى اسنادها الى الشيعة تجنباً لخلاف مع القوتين الرئيستين في الطائفة، مؤكداً على تسريع تشكيل الحكومة واستعداده لتسهيل التأليف بالنسبة الى الحقائب التي كان سبق ان طالب بها منعاً لاستغلال لحود لأي خلاف. ورجحت مصادر مطلعة تسمية مرتضى للخارجية.

وفيما قال عدد من مسؤولي “حزب الله” ان ضغوطاً خارجية أميركية وفرنسية هي وراء استبعاد اسناد الخارجية لشيعي، قال السنيورة انه لا يقبل بشروط من هنا ومن هناك وانه مع تسليم الحقائب لمن هو قادر على معالجة أمورها.

وكان عون أعلن أمس إثر اجتماع تكتله النيابي الذي يضم نواب كتلته وحلفاءه «21 نائباً» «أننا كنا أقرينا مبدأ الاعتذار (عن عدم المشاركة في الحكومة) لكن اليوم، بعد الموقف الايجابي (من الفريق الآخر) نعود الى مبدأ المشاركة لعل هذا يساعد في تأليف الحكومة في سرعة والزمن الذي نخسره هو من حسابنا». وفيما علمت «الحياة» ان عون سيسمي لحقيبة العدل مرشحاً جديداً غير مرشحه السابق يوسف سعد الله الخوري، اضافة الى اللواء عصام أبو جمرة لحقيبة ثانية، أما تمثيل حليفيه النائب الياس سكاف والطاشناق فسيناقش في شأنه مع السنيورة.

لكن عون اعتبر انه «اذا كانت الحكومة كلها راديكالية فإن وزير خارجيتها يجب ألا يكون راديكالياً لأن الخارجية هي الفسحة التي يطل منها الحكم على الخارج ولا تقفل عليه. ومن هنا يجب ألا يكون وزير الخارجية ممثلاً لطرف راديكالي بل ان يكون منفتحاً ولا يتسبب بتعكير العلاقات مع الآخرين من خلال سياسة خاصة ينتهجها». وفي المقابل نقل النائب وائل أبو فاعور عن رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط انه مع تولي تيار العماد عون حقيبة العدل وأنه لم يكن ضد هذه الخطوة منذ البداية. وقالت مصادر جنبلاط انه كان منذ البداية مع اسناد الخارجية الى واحد ممن تسميهم حركة «امل» و»حزب الله».

وعلى خط موازٍ لعقدة الخارجية كان لافتاً اعلان لحود أنه كان طالب السنيورة حين التقاه الأربعاء الماضي بأن الحكومة ينبغي أن تتضمن المعطيات التي يراها (لحود) ضرورية لتمكين الحكومة من القيام بالمهمات المطلوبة. وفي موقف أوحى بأن لدى رئيس الجمهورية مطالب عدة في التشكيلة الحكومية قال لحود ان موافقته وتوقيعه على مراسيمها من صلب دوره كشريك وليست مسألة توقيع شكلي.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)