لا شك في ان اتفاق السلام الاسرائيلي ـ المصري هو احد الاحداث الاكثر دلالة في تاريخ الشرق الاوسط خلال القرن الماضي. وبسبب اهمية هذا الاتفاق بالنسبة لاسرائيل تحديدا، ينبغي الحفاظ على سلامته واستقراره.

يعرف كل من شارك في المفاوضات بين اسرائيل ومصر في كامب ديفيد ان جعل سيناء منزوعة السلاح شكل عنصرا اساسيا في المحادثات. فمن دون سيناء منزوعة السلاح ما كانت اسرائيل لتوافق على توقيع هذا الاتفاق، وكانت مصر عارضت في حينه اي تطرق لمسألة “منطقة منزوعة السلاح”، وهكذا كان المصطلح المستخدم في هذا المجال: “ستكون هناك اجراءات امنية، تشمل قيود على القوى في اراضي مصر واسرائيل”، وجاء في البروتوكول العسكري الملحق باتفاق السلام انه “في المنطقة C سيتواجد فقط شرطة مدنية مصرية، وهذه الشرطة ستكون مزودة أسلحة خفيفة فقط” “البند الثاني من البروتوكول العسكري”.

عارضت اسرائيل بشدة كل محاولة مصرية للقول انه بعد ثلاث سنوات، او خمس سنوات على ابعد تقدير، من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، سيحصل نقاش حول الغاء القيود المذكورة، كما سيتم فحص امكانية اخراج القوة المتعددة الجنسية من سيناء، لذا، تفاجأت جدا من الرأي القائل ان ادخال قوات من الجيش المصري الى المنطقة C لا يشكل تغييرا في الاتفاق، او انه في حال تم ادخال القوات ضمن اطار اتفاق بين رجالات الجيش “فان هذا الامر سيحل المشكلة”، آمل من قادة الدولة، ايا تكن ميولهم السياسية، الاخذ برأي رئيس لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، وغالبية اعضاء هذه اللجنة، في هذا الموضوع، فالمخاطر الكامنة في تغيير الاتفاق كثيرة. ومن دون التطرق الى البعد الامني حيث ثمة تغيير لا سابقة له، فقد كرر جميع زعماء اسرائيل المتعاقبين على ان “اسرائيل لم تطلب ابدا ان يقوم جنود اجانب بالدفاع عنها”.

لقد اوفت اسرائيل بكل التزاماتها تجاه مصر، بما في ذلك قضية طابا، عندما انسحبنا من آخر ذرة تراب في سيناء، وينبغي لمصر ان تفي بالتزاماتها، وعلى الرغم من البند الوارد في اتفاق السلام الذي ينص على عدم ارتباط هذا الاتفاق بأي تطور في المنطقة، لم يتردد المصريون في سحب السفير في اعقاب حرب لبنان، وهذا ما شكل خرقا لبند واضح في اتفاق السلام، لقد تحلت اسرائيل بضبط النفس طوال سنوات، ولم تشن حربا ضد المقالات اللاسامية في الصحف المصرية، وفي الآونة الاخيرة فقط حصلت تهدئة معينة، بضغط اميركي. ولذلك فإن اي تغيير في اتفاق السلام سيخلق الانطباع انه يمكن، بالضغط والارهاب، الحصول على تنازلات من اسرائيل.

تتحمل مصر مسؤولية كل ما يحصل في اراضيها، وهي لا تستطيع ابدا التنصل من تعهدها بمنع حفر الانفاق وتهريب السلاح، وهي اعمال تعرض حياة مواطنين اسرائيليين للخطر. هذا واجبها كدولة ذات سيادة ازاء كل ما يحصل على اراضيها، كما انه من واجبها في اطار التزاماتها تجاه اسرائيل.

يعتقد معظم رجال القانون ان الغاء المنطقة المنزوعة السلاح يشكل تغييرا جوهريا في اتفاق السلام. ومنذ حرب يوم الغفران نشأ عرف دستوري مفاده ان كل اتفاق ذي مغزى، يعرض للنقاش وللمصادقة عليه من قبل الكنيست، ومن المناسب عرض هذا الموضوع على الكنيست هذه المرة ايضاً.

مصادر
معاريف (الدولة العبرية)