يوشك توقيع اتفاق مع مصر قريباً، ينص على تغيير ملحق اتفاق السلام معها. ويسمح لها بأن تنشر على أراضيها، على طول 15 كلم من محور فيلادلفي “الممتد على طول الحدود بين قطاع غزة وبين مصر”، 750 من عناصر حرس الحدود، مزودين بأسلحة خفيفة، ناقلات جند خفيفة وعدد محدود من القاذفات الصاروخية من طراز أر بي جي. والهدف الرئيسي لهذه القوة هو منع عمليات التهريب، وقبل كل شيء منع تهريب الوسائل القتالية من مصر الى قطاع غزة. حتى الآن، وبحسب عناصر “نزع السلاح من سيناء” التي تحددت في الملحق، محظور نشر قوات من الجيش المصري في المنطقة الواقعة على طول الحدود المصرية ـ الإسرائيلية المنطقة (C).

ثمة مدرستان في إسرائيل إزاء النظرة لتغيير هذا الاتفاق. الأولى، المدرسة المعارضة، ترى في أُسس نزع السلاح من سيناء مركباً ضرورياً لأمن إسرائيل، وقاعدة للمنظومة المستقرة للعلاقات الإسرائيلية ـ المصرية. ويعتقد أنصار هذه المدرسة أن إدخال 750 عنصراً من حرس الحدود المصري الى المنطقة (C) يشكل سابقة خطيرة لمستقبل نزع السلاح من سيناء، وهذا ما يشكل خطراً فادحاً على أمن إسرائيل. ويستند موقفهم، من جملة الأمور، الى الأمور الآتية:
في إطار المفاوضات مع إسرائيل، طلب المصريون السماح لهم بنشر ثلاثة ألوية من حرس الحدود على طول خط الحدود حتى إيلات، كشرط لنشر 750 عنصراً من حرس الحدود مقابل قطاع غزة. وسأل المصريون “إذا كان لا بد من منع عمليات التهريب، فلماذا لا نمنعها على طول الحدود؟”. لكن إسرائيل عارضت هذا الأمر بشدة، وجاء في الاتفاق أن مثل هذا الانتشار لن يكون ممكناً في المستقبل إلا بموافقة إسرائيل ومصر على حد سواء. ويشدد أصحاب هذه المدرسة على أن هذا المطلب المصري يعكس النية الأساسية المصرية باستعادة مصر للسيادة الكاملة على سيناء، وإلغاء كل القيود العسكرية المفروضة على جيشها في اتفاق السلام مع إسرائيل.

في المقابل، يقف أصحاب المدرسة المؤيدة للتغيير، الذين يقولون أن المشكلة الرئيسية التي تواجه إسرائيل اليوم وفي المستقبل، هي الإرهاب وتهريب الوسائل القتالية الى القطاع. لذلك فإن ضم مصر لمحاربة الإرهاب يشكل مصلحة حيوية لإسرائيل، وأن الفائدة من هذا الأمر تفوق الضرر المحتمل الكامن في تغيير الاتفاق في كل ما يتعلق ببند تجريد سيناء من السلاح.

أنا أؤيد المدرسة الثانية، لكن من الأهمية بمكان إثارة نقطتين: الأولى، إن الأمر المحدد والحاسم ليس شكل وحجم وتسليح القوة المصرية المنتشرة على الحدود لمنع عمليات التهريب، بل الرغبة المصرية في منع هذه العمليات، والقدرة الاستخبارية المصرية على تغطية هذه الرغبة. فمن دون استخبارات وقائية جيدة، فإن انتشار ألفي مظلي مصري مع كامل عدتهم وعتادهم، لن يمنع عمليات التهريب من سيناء. في مقابل ذلك، وفي ظل استخبارات مصرية جيدة، فإن بوسع رجال الشرطة المصرية المدنية وحدهم منع عمليات التهريب.
الثانية، إذا بقيت قوات من الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفي بعد فك الارتباط، فستنتظرنا كل المشاكل الممكنة: سنبقى نُعتبر قوة احتلال. هذه هي الصورة التي ستّلصق بنا، ولن يفيدنا الادعاء أننا أخلينا 99.999 في المئة من قطاع غزة. والمغزى العملي لذلك هو أن الهجمات ضد قوات الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفي ستحظى بالشرعية الدولية.

مصادر
معاريف (الدولة العبرية)