كشفت مصادر فلسطينية لـ «الحياة» أمس، ان دمشق قدمت «وعوداً» الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس “ابو مازن” لـ «حلحلة» أربع قضايا، بينها «تسهيل» دخول الفلسطينيين و «اعادة» ممتلكات تعود الى حركة «فتح»، وان عدداً من قادة المنظمات الفلسطينية المعارضة أثار موضوع «محاصصة» الاراضي العامة (قدرها أحد المصادر بنحو 98 في المئة من اجمالي المساحة البالغة 360 كيلومتراً مربعاً) في غزة التي ستنسحب منها اسرائيل، وان «ابو مازن» طلب منهم «عدم التعرض لقوات الاحتلال خلال عملية الانسحاب» المتوقعة بعد ايلول “ٍسبتمبر” المقبل.

في غضون ذلك، علمت «الحياة» ان عباس اتصل أمس هاتفياً برئيس المجلس الوطني الفلسطيني السابق خالد الفاهوم، طالباً منه التحدث الى زعيم «الجهاد الاسلامي» رمضان عبدالله شلح كي يصدر «بياناً يكذب فيه المسؤولية عن عملية نتانيا» التي وقعت أول أمس وأدت الى سقوط ثلاثة قتلى ونحو 30 جريحاً.

وكان «ابو مازن» أجرى الاسبوع الماضي محادثات مع الرئيس بشار الاسد الذي أبدى الاستعداد لـ «المساعدة لاجراء المزيد من الحوار الفلسطيني لتعزيز الوحدة الوطنية»، ومع جميع قادة المنظمات الفلسطينية بما في ذلك زعيم «فتح-الانتفاضة» العقيد ابو موسى المنشق عن «فتح» الام في بدايـة الثمانينــات. وعلمت «الحياة» ان رئيس المكتب السياسي لـ «حمـــاس» خالد مشعل أقام مأدبة عشـاء على شرف عباس والوفد المرافق له، في اشارة الى ضرورة «الاعتراف بالوزن السياسي لحماس».

وأوضحت المصادر الفلسطينية لـ «الحياة» أمس ان عباس تحدث خلال لقائه مع قادة «حماس» و «الجهاد» وباقي المنظمات عن ضرورة «التمسك بالتهدئة، وعدم الانجرار الى استفزازات شارون التي تستهدف الاستفراد بأي من هذين الفصيلين للانقضاض عليهما لاعطاء الانطباع ان انسحابه من غزة جاء بعد القضاء على حماس والجهاد».

ونقلت المصادر عن قادة المنظمتين تأكيدهما «التزامنا التهدئة التي خرقها الجانب الاسرائيلي مرات عدة، وان ما يحصل هو الرد على الاعتداءات الاسرائيلية».

وقال احدهم: «الردود كانت محسوبة، والا تكون التهدئة استسلاماً. اننا ملتزمون التهدئة على قاعدة التبادلية. وان الدفاع عن شعبنا ضد الخروقات هو التزام بالتهدئة»، قبل ان يشير الى ان «التزامنا التهدئة هو التزام لوعودنا لك (عباس) والمصريين وليس للاسرائيليين».

إنسحاب بهدوء

وتابعت المصادر ان عباس «اقترح» على قادة المنظمات الفلسطينية «عدم التعرض لقوات الاحتلال خلال عملية الانسحاب من غزة»، ونقلت عنه قوله ما مفاده: «علينا ان نجعل الانسحاب يتم بهدوء كي لا يخرب شارون الانسحاب وكي لا يختلق المستوطنون الذرائع».

واستبعدت «حماس» و»الجهاد» فكرة الدخول في حكومة وطنية، اذ اعتبر احد القادة ذلك «حرقا للمراحل. هل نحن داخلون في (المجلس) التشريعي حتى ندخل في الحكومة».

وأشارت المصادر الى ان عدداً من القادة «طلب من عباس التفكير في توزيع قسم من الاراضي العامة التي ستنسحب منها اسرائيل، على أسر الشهداء والسجناء أو اقامة مشاريع استثمارية لمصلحة هذه الأسر»، مع التحذير من «خطوة استئثار بعض المسؤولين بهذه الاراضي، لأن هذا يعني اضافة ملف جديد الى ملفات الفساد».

وفي الشق السوري-الفلسطيني، أوضحت المصادر الفلسطينية ان مسؤولين سوريين نوهوا بـ»صدقية وشفافية» عباس على عكس «الشكوك» التي كانت قائمة بين دمشق والرئيس الراحل ياسر عرفات (ابو عمار). وتابعت ان عباس أثار أربع نقاط مع الجانب السوري، هي: «فتح سفارة فلسطينية في دمشق، وتسهيل دخول الفلسطينيين واعتماد جوازات سفر السلطة، وفتح النداء الدولي الفلسطيني باعتباره ليس تابعاً لاسرائيل، وممتلكات «فتح» التي يقع بعضها في يد «فتح-الانتفاضة» وشقة واحدة في أيدي شخص سوري».

التريث في السفارة

وفي مقابل اتجاه دمشق الى «التريث» في موضوع السفارة باعتبار ان الدولة الفلسطينية لم تؤسس بعد، وبالتالي بقاء الموضوع «عالقاً»، فان الجانب السوري «وعد خيراً» في شأن «تسهيل» دخول الفلسطينيين، باعتبار ان نحو 40 شخصاً يطلبون الدخول يومياً ويحتاجون الى موافقات مسبقة واجراءات روتينية. كما وعدت دمشق بـ «بحث الجانب التقني» لفتح الاتصالات الهاتفية بين الطرفين.

ممتلكات «فتح»

وفي شأن ممتلكات «فتح»، قالت المصادر ان عباس استعاد أخيراً منزلاً من طابقين في منطقة «العباسيين» كان في أيدي شخصية سورية كبيرة، وأن الشقة الأخرى لا يزال الحسم في شأنها في يدي القضاء مع فنان سوري.

وأشارت المصادر ذاتها الى ان عباس ومسؤولين آخرين أثاروا موضوع ممتلكات كانت «فتح-الانتفاضة» تصرفت فيها مثل فندق كبير في رأس بيروت كان الامين العام أبو موسى ونائبه ابو خالد العملة باعاه بثلاثة ملايين دولار، و»أراض واسعة» في البقاع اللبناني ومزرعة حيوانية في منطقة «الكسوة» قرب دمشق كان سعد الدين غدور يديرها.

وتابعت المصادر ان الجانب السوري «لم يتدخل في الشأن الفلسطيني-الفلسطيني، بينما سهل أمر عودة الشقة التي كانت بحوزة شخصية سورية مع تأكيدها انها كانت في الحفظ والصون».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)