أطلق رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الليلة قبل الماضية العنان لجيش الاحتلال باستباحة الأراضي الفلسطينية معلنا بذلك انهيار الهدنة الهشة بين الجانبين، وأصدر شارون أوامر للجيش «لا حدود لها» لاستكمال العدوان على الفصائل الفلسطينية التي استشهد سبعة من عناصرها أمس في غارات على قطاع غزة والضفة الغربية.

ولوحت اسرائيل أمس بتأجيل الانسحاب المقرر من قطاع غزة الشهر المقبل إذا لم تتمكن السلطة الفلسطينية من ضبط الوضع الأمني، الذي شهد أمس اشتباكات مسلحة بين السلطة وحماس، سقط خلالها قتيلان وأصيب 28 آخرون، تبادل خلالها الطرفان المسؤولية عن تطور الأوضاع. لكن الأبرز كان اتهام مسؤول فلسطيني كبير لحركة حماس بتنفيذ مخطط انقلابي للاستيلاء على السلطة مع اقتراب استحقاق الانسحاب.

وصرح شارون مساء أمس للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي «أمرت الجيش باتخاذ كل التدابير اللازمة ضد المنظمات الارهابية».ورداً على سؤال عن استئناف عمليات «التصفية المحددة» التي تستهدف ناشطين أو مسؤولين في منظمات فلسطينية، أكد أن الأوامر التي أعطيت للجيش «لا حدود لها».وفي ما يتعلق بالانسحاب من قطاع غزة، جدد شارون التأكيد على أن هذه العملية ستتم في موعدها المقرر في أواسط أغسطس «ولكن ليس تحت نيران» الفلسطينيين.وعرضت محطات التلفزة الإسرائيلية مشاهد لدبابات ومصفحات للجيش تتجمع عند المدخل الشمالي لقطاع غزة، وقال المعلقون ان الجيش يحمل قائمة أهداف برسم التدمير للحؤول دون اطلاق صواريخ أو قذائف على أهداف اسرائيلية.من جهته، قال ناطق باسم حماس لوكالة فرنس برس انه «بشنه هذه الهجمات فإن العدو الصهيوني فتح أبواب جهنم عبر نسف وقف اطلاق النار».

وشن الطيران الحربي الإسرائيلي الليلة قبل الماضية ونهار أمس سلسلة غارات جوية على قطاع غزة والضفة الغربية، وأعلنت مصادر أمنية وطبية فلسطينية أن أربعة من ناشطي كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة «حماس» استشهدوا في غارة جوية شنتها مروحيات اسرائيلية على غزة.

وقالت المصادر ان «الغارة الاسرائيلية استهدفت أربعة من أعضاء كتائب القسام هم «عاصم أبو راس وعادل هنية شقيق اسماعيل هنية القيادي في الحركة وأمجد عرفات وصابر أبو عاصي»، موضحة انها أدت إلى جرح خمسة أشخاص من المارة بينهم طفل.

وأكد شهود أن «ناشطي حماس كانوا في سيارة فولكسفاغن كبيرة كانت بها متفجرات ورشاشات وصواريخ كتب عليها حسن البنا».

وفي السياق نفسه أطلقت مروحية حربية اسرائيلية صواريخ عدة باتجاه سيارة في بلدة سلفيت القريبة من مدينة نابلس في الضفة الغربية ما أسفر عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين احدهم قيادي في حركة حماس. وقال شهود ان طائرة اسرائيلية استهدفت السيارة المدنية بأكثر من صاروخ ما أدى الى استشهاد ثلاثة فلسطينيين، هم محمد عياش ورامي حرب وربيع فهمي حرب، وأضاف الشهود ان جثامين الشهداء اخرجت من السيارة التي تعرضت للقصف متفحمة للغاية ولم تتضح معالمها.

وفي غارات أخرى تعرضت أهداف رسمية اخرى تابعة لحركة حماس والجهاد الاسلامي لأضرار مادية دون الاعلان عن اصابات.

وردت حماس باطلاق دفعات من الصواريخ اليدوية الصنع وقذائف الهاون على أهداف اسرائيلية داخل قطاع غزة وخارجه.

وأجرى وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز مداولات مع قيادة الأجهزة الأمنية الاسرائيلية بحضور رئيس الأركان دان حلوتس لتقييم الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.

ولم تستبعد مصادر عسكرية اسرائيلية اتخاذ قرار بتنفيذ حملة عسكرية في قطاع غزة بسبب استمرار اطلاق الصواريخ باتجاه أهداف اسرائيلية في القطاع وفي فلسطين المحتلة العام 1948. ونقلت اذاعة الجيش الاسرائيلي عن حلوتس قوله امس ان «حماس اخرجت نفسها من لعبة التهدئة». واضاف «اذا لم تسيطر السلطة الفلسطينية على التنظيمات الارهابية فان ذلك سيقود اسرائيل إلى اتخاذ قرار يقضي بمعالجة الارهاب أولا، وفقط بعدها سنتوجه إلى استكمال فك الارتباط».

في إشارة إلى الانسحاب المقرر الشهر المقبل. ومع اقتراب هذا الاستحقاق ازداد الوضع الداخلي الفلسطيني تأزماً وتعقيداً وصل إلى حد الاشتباكات المسلحة. وقالت مصادر فلسطينية ان فلسطينيين قتلا وأصيب 28 في الاشتباكات المسلحة العنيفة امس فى غزة بين ناشطين من حماس وقوات أمن فلسطينية، اثر منع الاخيرة لمقاومي حماس من اطلاق صواريخ على المستوطنات الاسرائيلية فى القطاع.

وحملت «حماس» قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية وقادة الأجهزة الأمنية مسؤولية التصعيد الخطير وإطلاق الرصاص المقصود على أفراد من المقاومة الفلسطينية» وقالت ان من شأن ذلك ان يحدث « إرباكاً كبيراً داخل الساحة الفلسطينية سيفرح بنتائجه الاحتلال الاسرائيلي وحده»، وطالبت باقالة وزير الداخلية الفلسطيني نصر يوسف لكن وزارة الداخلية الفلسطينية رفضت ذلك وحملت «حماس» كامل المسؤولية عن تدهور الوضع وسقوط الضحايا، موضحة أن إصرار الحركة «على تصعيد الموقف باستخدام كافة أنواع الاسلحة لا يمكن السكوت عليه».

بدوره اتهم جبريل الرجوب مستشار الرئيس الفلسطيني للأمن القومي حركة «حماس» بانها تقوم بهجمة اعلامية تحريضية ضد القيادة لتحل محلها. وقال لرويترز ان «خطاب حماس الاعلامي القائم على اتهامات وتحريض بأسلوب يفتقر للحد الأدنى من المسؤولية يثير الريبة والشك بأن هناك مخططا لافتعال مواجهات داخلية اعتقادا منهم بأن من شأن ذلك ان يهيئ للاستيلاء على السلطة».

واضاف «ما يحدث في غزة امر مؤسف وكنا نتمنى الحفاظ على الأجواء الايجابية لكن ما قامت به حماس موجه لجهود السلطة ورئيسها الهادفة إلى تهيئة الظروف للخلاص من الاحتلال الاسرائيلي والاستيطان في قطاع غزة وشمال الضفة». وأكد ان: «الاخوة في حماس بسلوكهم على الأرض قد تجاوزوا حدود قواعد اللعبة الديمقراطية ونحن في السلطة وفي فتح لدينا مشروع سنحميه ولن نسمح لأحد ان يملي اجندته على شعبنا».

وأضاف «اذا كانوا صادقين فلينتظروا صندوق الاقتراع ويحسموا المعركة بالوسائل الديمقراطية لكن نحن الآن كسلطة لدينا الشرعية الدستورية لقيادة دفة السفينة في هذه المرحلة».وأفادت مصادر فلسطينية الليلة الماضية بأن وفداً من حركة «الجهاد الإسلامي» التقى ظهر أمس وزير الداخلية الفلسطيني نصر يوسف في إطار الجهود التي تبذلها الحركة من أجل انهاء الاحتقان بين الشرطة الفلسطينية وحماس.

وقالت المصادر إن وزير الداخلية الفلسطيني أبدى تجاوباً واضحاً مع جهود الوساطة التي تقوم بها الجهاد، موضحة أنه شدد خلال اللقاء على وجود سلطة واحدة وقانون واحد وتخفيف المظاهر العسكرية في ظل عودة الهدوء إلى شوارع غزة.وأضافت المصادر أن وفد حركة الجهاد الإسلامي التقى قبيل لقائه مع الوزير يوسف قادة حركة حماس الذين أبلغوه برغبتهم في خفض حالة التوتر بين الجانبين وحل القضايا الخلافية عن طريق الحوار.

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)