بعد مرور خمس سنوات على توليه السلطة، لم يباشر الرئيس السوري بشار الاسد الاصلاحات المنتظرة، بينما بلاده تعاني أكثر من اي وقت مضى عزلة على الصعيدين الاقليمي والدولي.

وكان الرئيس الشاب أعاد الامل الى الشعب السوري لدى تسلمه الحكم في 17 تموز 2000 بعد وفاة والده الرئيس الراحل حافظ الاسد، في ختام ثلاثة عقود سيطر خلالها حزب البعث على البلاد من دون منازع.

وقال الكاتب ميشال كيلو الذي يعدّ احد ابرز الوجوه المعارضة ان «النظام في جوهره محافظ على نفسه وعلى هيكليته وطريقته في العمل، فالتغييرات كلها في الهوامش والمجتمع لا علاقة له بالسياسة وهو خارج الشأن العام». وأضاف :«حريتنا في ان نتكلم توسعت من دون شك، على الا يكون ما نقوله يثير الشبهة ان وراءه تنظيماً او حركة اجتماعية».

وقبل انعقاد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث في حزيران الماضي، وعد الرئيس السوري بتغييرات في العمق، لكن النتائج كانت دون مستوى الآمال.

صحيح ان المؤتمر استبعد “الحرس القديم” او الرفاق القدامى لحافظ الاسد وأوصى بسلسلة تدابير منها انشاء احزاب سياسية، الا ان البعث ظل عملياً يحتكر الدولة والمجتمع، وللمرة الاولى دخل قادة في اجهزة المخابرات مؤسسات الحزب.

ولكن أخيراً عين تكنوقراط شباب مقربون من الرئيس السوري في مناصب مهمة، في مقدمهم اديب ميالة الذي بات حاكماً للمصرف المركزي وعبدالله دردري الذي اختير نائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، علما انه الأوفر حظاً في تولي رئاسة الوزراء في مرحلة لاحقة.

وأكد المسؤولون السوريون مراراً انهم يريدون المضي في الاصلاحات، ولكن “بخطى صغيرة” للمحافظة على الاستقرار. غير ان السلطة صارت أكثر تشدداً في الاشهر الاخيرة، وضاعفت الاعتقالات في صفوف المدافعين عن حقوق الانسان. فمنتدى الاتاسي اقفل في ايار بعدما كان الوحيد المسموح له باجراء مناقشات سياسية.

ورأى معارضون ان هذه “الانتهاكات” تدل على ان ارادة الانفتاح لدى السلطة محدودة بدليل انها لم تلغ بعد قانون الطوارئ المطبق منذ عام 1963.

ولاحظ المحامي انور البني الناشط في الدفاع عن حقوق الانسان انه "بعد خمس سنوات، اثبتت السلطات انها لم تنجح الا في اطلاق الوعود بينما الامور تتدهور في الواقع وخصوصاً على صعيد حقوق الانسان التي شهدت تراجعاً حاداً، مشيراً إلى عودة إلى أجواء الدولة الأمنية الضاغطة.

وعلى الصعيد الخارجي بلغ الحوار مع واشنطن وباريس نقطة الصفر. فالعقوبات الاقتصادية الأميركية التي فرضت على سوريا منذ ايار2004 لا تزال سارية، والتهمة عدم مساهمة دمشق في تأمين استقرار العراق. وتخلت باريس عن دعمها لدمشق بسبب الأزمة اللبنانية وجمد اتفاق الشركة بين سوريا والاتحاد الاوروبي بناء على قرار بروكسيل.

وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك قال في الثامن من تموز امام قمة مجموعة الثماني في غلين ايغلز باسكوتلندا ان مصلحة «سوريا تكمن في ان تأخذ تطور الشرق الاوسط والعالم في الاعتبار، وعلى المجتمع الدولي الا ييأس من ترددها أمام التغيير، فمصلحتها ليست هنا والوقت يمر».

كما فقدت سوريا معظم أوراقها الاقليمية بعد اضطرارها إلى الانسحاب من لبنان في نهاية نيسان وتوجيه أصابع الاتهام إليها في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في 14 شباط.

مصادر
النهار (لبنان)