لا يمكن فك الارتباط عن قطاع غزة ثم مواصلة الحصار البري، الجوي والبحري على القطاع بعد ذلك. فإذا استمر حصار الجيش الإسرائيلي بعد فك الارتباط، فسيشكل ذلك استمراراً للاحتلال لأن الأمر يتعلق بفعل حربي من جانب إسرائيل. وسيكون للحصار، الذي سيشمل محور فيلادلفي عند الحدود بين القطاع وسيناء، منطق عسكري لأنه يهدف الى منع تهريب السلاح، وبشكل خاص السلاح البعيد المدى الذي من شأنه المسّ بالمدن الإسرائيلية البعيدة عن القطاع، مثل اشكلون. ومن اللحظة التي يتم فيها الحديث عن فك ارتباط منسق مع الفلسطينيين وبالتعاون مع مصر، يجب السعي لوقف الحصار العسكري على القطاع. فلا يمكن القول للفلسطينيين في القطاع أنهم أحرار وتركهم في زنزانة.

مثلما يتعيّن على فك الارتباط عن قطاع غزة أن يكون منسقاً مع الفلسطينيين والمصريين، كذلك يجب أيضاً تنسيق رفع الحصار وشروطه معهم. فموعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفي، وكذلك رفع الحصار، يرتبط كثيراً بالفلسطينيين والمصريين. وتقول الاستخبارات الإسرائيلية أنها منذ شهر أيار لم تتلق أي معلومات عن تهريب سلاح جدّي عبر محور فيلادلفي. فمن خلال عمل استخباري ناجح أفلح المصريون والفلسطينيون، كل على حدة، في كبح عمليات تهريب السلاح خلال هذه الفترة. والخلاصة هي أن المصريين والفلسطينيين قادرون على منع أمواج التهريب. وإذا ما استمر هذا الميل، فلن تنقضي سوى أشهر معدودة حتى يتحقق انسحاب الجيش الإسرائيلي من فيلادلفي. وقد جرى الاتفاق في مكتب وزير الدفاع على إجراء تقدير جديد نهاية العام.

سيكون للانسحاب من محور فيلادلفي مغزى أيضاً إزاء ما سيحصل في الحدود البحرية بين مصر وقطاع غزة بعد فك الارتبط. ويوضح البروفيسور جدعون بيغر من القسم الجغرافي في جامعة تل أبيب، أن القاعدة الدولية تنص على أن الخط الحدودي سيمتد الى داخل البحر من الزاوية ذاتها التي يصل فيها الى الشاطئ. وبكلمات أخرى، لن يكون لسفن سلاح البحرية ما تفعله بالمستقبل على الحدود البحرية الممتدة بين مصر وقطاع غزة. ومسؤولية المراقبة ستنتقل للمصريين والفلسطينيين.

من الواضح لإسرائيل أيضاً أنه في اللحظة التي يتم فيها رفع الحصار عن محور فيلادلفي لن يكون ثمة مغزى أمنياً للحصار الجوي على قطاع غزة. وهذا هو السبب الذي دفع وزير الدفاع، شاوول موفاز، للسماح لوزير الداخلية الفلسطيني، الجنرال نصر يوسف، بالبدء بالتخطيط لتشغيل المطار الفلسطيني الذي دمّره الجيش الإسرائيلي خلال المواجهة. أما بناء المرفأ البحري فيحتاج الى وقت أطول.
يتعيّن على إسرائيل ومصر استكمال الاتفاق العسكري بصدد وضع قوة من 750 جندياً من حرس الحدود المصري في المنطقة الحدودية مقابل قطاع غزة. وعلى مصر تحمّل المسؤولية الكاملة المتعارف عليها بين الدول إزاء كل ما يحصل طرفها الحدودي. ومن الناحية القانونية، فمن الواضح أنه من خلال الانتشار العسكري الجديد، الذي سيبقى الى الأبد، أُدخل تغييرٌ على الملحق العسكري باتفاق السلام مع مصر. لكن المسألة الرئيسية ليست قانونية، بل هل أن هذا الواقع يزيد التهديد العسكري على مصر. يبدو أن الجواب على هذا السؤال سيكون سلبياً.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)