يذهب شعار “الدم الفلسطيني خط أحمر” المعلن كاتفاق مقدس بين الفصائل الفلسطينية، يذهب ساحبا معه خصوصية النضال الفلسطيني إلى معمعة العنف والإرهاب، هذه الخصوصية الناتجة عن الحق الواضح بالأرض أي الحق القومي الوطني الدنيوي الذي ميز النضال الفلسطيني كفعل مقاومة عن أفعال العنف والإرهاب الذي دمر البنية الذهنية قبل أن يقطع ويناثر الجثث على أرصفة محطات القطارات، ليبدو الدم الفلسطيني كخط احمر هو بداية لدوامة عنف وليس نهاية أو غاية عمل وطني مقاوم.

واليوم في وسط إعلامي مفتوح لم تعد الشعارات أو التقييمات مجرد وجهات نظر تنم عن حب أو كراهية، أو إعجاب أو عدم إعجاب، وإنما مواقف يترتب عليها خطط ومناهج وغايات لا تشفع لها حقوق منطقية أو شكوى من سلالات اغتصابية قسرت الزمان والمكان لصالحها، كما لا تشفع لها أحاسيس التفاؤل الثوري ولا العناد والإصرار على حق مبدئي ثابت بالوثائق. فمع الصعوبة الناتجة عن كم العداء الممنهج الذي يواجه المقاومة الفلسطينية رغم خصوصيتها، سوف تواجه هذه المقاومة في حال إدغامها مع العنف العمومي بنية عالمية ممنهجة تقف في وجهها نظرا لما يمكن تسميته انكشاف الوجه غير الثوري الوطني الذي يمكن أن تتقبله أو تفهمه الذهنية المعاصرة في العالم ما يترتب عليه إدماجها في خريطة الإرهاب العالمي ببساطة، فالدم الفلسطيني / الفلسطيني المهدور على قارعة النوايا لن تقبل به القوى العالمية كطريقة لتحرير فلسطين بل كمحطة على طريق تفجير إرهابي في إحدى ساحات لندن أو باريس أو برشلونة، أو بكلام آخر تحويل الحق إلى باطل أي فقدان أهلية النضال نظرا لفقدان خصوصيته وبالتالي إجماع على القضاء عليه بحيث لا ينفع انتقام أو تشفي لأن القضية الأساسية أضحت بعيدة جدا عن واقع الأمر، فالتذكير بفلسطين المغتصبة على هذه الطريقة لا يؤدي إلا إلى زيادة في كم العداء لهذا الحق المبرم، والعداء في البنية الذهنية المعاصرة ليس مجرد شعارات أو وجهات نظر، انه خطط ومناهج وغايات تحقق المصالح.

اليوم تبدو خصوصية النضال الفلسطيني ضرورة لوجوده بعد أن تم القضاء على خصوصية النضال العربي من اجلها أن كان عن طريق المعاهدات أو التطبيع أو عن طريق الإرهاب والترويع العشوائي وردود الأفعال عليه، انه ضرورة للتأكيد على الحق بفلسطين هو حق متمدن، وليس حقد تاريخي محتقن لم يصدق أن أصبح السلاح بين يديه حتى بدأ بتوزيع الجثث، وكأن الجيش الإسرائيلي يرمي الناس بالزهور.