قال مصدر سوري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أمس إن اجتماع القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية، الأحد الفائت، برئاسة الرئيس بشار الأسد، تناول القضايا الراهنة في المنطقة وخاصة على الساحات العراقية والفلسطينية واللبنانية، ومواقف سورية من هذه القضايا.

وبالنسبة للشأن اللبناني لفت المصدر إلى أن الرئيس الأسد أكد لأعضاء قيادة الجبهة أن سورية تريد علاقات طبيعية مع لبنان وأنها تنتظر إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة وبيانها الوزاري، حيث سيتضح في ضوء ذلك الكثير من الأمور، وستفتح الطرق أمام بحث الامور السياسية وبحث العلاقة المشتركة السورية اللبنانية، كما أن سورية تنتظر نتائج التحقيق في ما يتعلق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، ملاحظاً أنه في ضوء التحقيق سيصبح موقف سورية واضحاً في ما يتعلق بلبنان.

كما لاحظ الرئيس الأسد بالنسبة لمن يطالب بإلغاء الاتفاقات بين سورية ولبنان، أن سورية لا تقلق من ذلك انطلاقاً من أن جميع الاتفاقات تصب في مصلحة لبنان، وأن إلغاءها لا يضر بسورية ولا يسيء إليها بشيء، مؤكداً أن سورية ليست مؤسسة خيرية تجاه لبنان، بل إنها دولة تتابع علاقاتها مع لبنان كدولة مثلها مثل باقي دول العالم.

وأشار المصدر إلى أن الرئيس الأسد أكد في الاجتماع أن سياسة سورية تجاه الموضوع العراقي ثابتة، وتنطلق من تطلعها بالدرجة الأولى إلى وحدة العراق وعدم تجزئته والمحافظة على كيانه وعروبته، موضحاً أن سورية قامت بجهود عديدة لتحقيق كثير من المطالب منها ما يتعلق بالحدود بين البلدين، حيث تم إرسال قسم كبير من الجنود السوريين الذين عادوا من لبنان إلى الحدود مع العراق، كما تم تنظيم زيارة للحدود السورية العراقية للدبلوماسيين الأجانب للإطلاع على الواقع فيها، في حين أعربت سورية عن استعدادها لفتح سفارة في العراق. وأكد الرئيس الأسد لقيادة الجبهة أن سورية، وتعبيراً عن حسن النية، أرسلت وفداً دبلوماسياً وأمنيا إلى بغداد لبحث الكثير من الأمور والاتفاق عليها مع العراقيين، وقد طالب الوفد بإطلاعه عما لديه من أشياء ملموسة متعلقة بسورية، غير أن الجانب العراقي لم يطلعه على شيء، حتى أن استقبال الوفد لم يأت بالشكل المطلوب.

وكشف الرئيس الأسد ـ حسب المصدر ـ عن أن سورية وجهت دعوة لرئيس الوزراء إبراهيم الجعفري وللرئيس جلال الطالباني لزيارتها، معربة عن استعدادها لبحث أي أمر سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي يتعلق بالعراق، لكن وعلى الرغم من حسن النية هذه لا تزال تصدر تصريحات مختلفة من المسؤولين العراقيين تجاه سورية وذلك تحت ضغط أميركي كان له دور كبير في طبيعة استقبال الوفد السوري. ورأى الرئيس السوري أن دمشق تعتبر أنها قامت بواجبها في هذا الموضوع وأن لديها رغبة بأن ترسل وفوداً على مستوى أعلى لكنها تكتفي بالوفد الذي أرسلته وستتابع موقفها نفسه في ما يتعلق بهذا الموضوع، مشدداً على ضرورة الانتباه إلى أن سورية بدأت تشعر بأن الكثير من السلفيين الموجودين في العراق يتوجهون الآن إلى سورية للقيام بأعمال تخريبية، وأن بعض السلفيين أعلن أن وجوده في العراق هو للتدريب وأن الهدف هو سورية. موضحاً أن سورية قامت بجهود عديدة لتحقيق كثير من المطالب منها ما يتعلق بالحدود بين البلدين، وأعربت سورية عن استعدادها لفتح سفارة في العراق. وأشار المصدر السوري إلى أن الرئيس الأسد أوضح في هذا السياق أن لسورية مصلحة في ضبط الحدود وأنها تمارس في هذا المجال سياسة واضحة وتقوم بواجبها وتستمر فيه، مبدية استعدادها للقيام بواجبها في ما يتصل بالشأن العراقي. وبالنسبة للشأن الفلسطيني أكد الرئيس السوري أن بلاده رحبت بزيارة الرئيس محمود عباس وأن ثمة علاقات جيدة تربط سورية معه حيث لا يوجد أي إشكال بين الطرفين، خاصة أن سورية تدعم الوحدة الوطنية الفلسطينية، وأنها تألمت لسفك دماء الفلسطينيين وبذلت جهوداً في هذا الميدان وهي تتابع السياسة ذاتها في هذه القضية، وقد أبدى محمود عباس رغبة عندما أتى إلى دمشق في أن تساهم سورية في جهودها في تلك القضية، ولذلك تساهم سورية في جمع الجميع لتحقيق الوحدة الوطنية وتتابع التنسيق مع الفلسطينيين وإذا لم يكن ممكناً الآن توحيد المسارين السوري والفلسطيني فعلى الأقل القيام بالتنسيق ما بين هذين المسارين. ووصف المصدر المسؤول اجتماع قيادة الجبهة بأنه كان تعبوياً وإجرائياً باعتباره أول اجتماع يعقد بعد إعادة تشكيل هذه القيادة، حيث طلب الرئيس الأسد من الأمناء العامين لأحزاب الجبهة دراسة قانون الأحزاب وقانون الأحكام العرفية وقانون الإعلام ووضع ملاحظاتهم عليها تمهيداً لتقديمها للحكومة لتضع مشاريع لها، وأيضاً دراسة توصيات المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث والتي يحتاج بعضها إلى قوانين حكومية إو إلى قرارات من مجلس الشعب، أو التي يحتاج بعضها إلى عمل سياسي.

وقال المصدر إن الرئيس الأسد أكد أثناء الاجتماع ضرورة أن تلعب الجبهة دوراً أساسياً في مواجهة الضغوط والحملة الدعائية التي تتعرض لها سورية والتي تقوم في جزء كبير منها على الكذب، ما يستدعي طرح الحقيقة بما يقطع الطريق على الكذب. وفي هذا السياق أشار الرئيس الأسد إلى أن الإعلام السوري «يعاني حالة من الضعف» وأن تحسين الوضع الإعلامي يتطلب زمناً وجهداً ، ما يستدعي القيام بنشاطات سياسية والقيام بجولات واجتماعات واستقطاب جماهيري في مختلف المحافظات وطرح القضايا والإجابة على الأسئلة المتعلقة بها.

مصادر
الشرق الأوسط (المملكة المتحدة)