اذا استمر التوتر السياسي بين لبنان وسوريا، فإن المنطقة العربية سوف تشهد أزمة جديدة تضاف إلى ملف الخلافات العربية - العربية. ويبدو ان دمشق تريد تضييق الخناق على لبنان من خلال وسائل أخرى غير وجودها العسكري،فقد تشددت دمشق مؤخراً في عبور الشاحنات المحمّلة بالبضائع والمنتجات اللبنانية برا عبر الأراضي السورية إلى دول الخليج العربي، كما ارتفع عدد الصيادين اللبنانيين الموقوفين لدى السلطات الأمنية السورية إلى تسعة أشخاص، بعد توقيف خمسة كانوا على متن زورق مخصص لصيد الأسماك بتهمة الصيد في المياه الاقليمية السورية، واحيلوا إلى المحاكمة امام القضاء العسكري السوري.

ومن جهة ثانية طالبت سوريا السلطات اللبنانية بالتعويض المالي لذوي الضحايا السوريين الذين قالت انهم قتلوا في لبنان كرد على اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، كما أعلنت دمشق أن شباناً لبنانيين رشقوا بالحجارة حافلتين سياحيتين سوريتين قرب طرابلس. اذا استمرت هذه التوترات بين البلدين، فإن هذا سيكون عامل إضعاف للعلاقات التاريخية بين لبنان وسوريا، فليس من مصلحة البلدين الاستمرار في هذه التوترات والخلافات، وهذا يقودنا إلى الانطباع العام لدى الكثيرين بأن الدول العربية تعرف كيف تختلف ولا تعرف كيف تتفق، وان العلاقات بين الدول المتجاورة دائماً ما تكون على طريقة “الأخ الأكبر” الذي يمارس هيمنته على “الأخ الأصغر” مثلما يحدث حاليا بين سوريا ولبنان، ويبدو أن دمشق لم تعجبها نتيجة الانتخابات البرلمانية الأخيرة في بيروت بعد أن اكتسحت المعارضة المقاعد النيابية، وبالتالي احتمال تأثيرها على اتخاذ القرار السياسي و“السيادي” باتجاه التعامل مع سوريا ندا بند، وايجاد سفارة سورية في بيروت، وأخرى لبنانية في دمشق، لجعل العلاقة متكافئة وليست علاقة هيمنة سورية على لبنان مثلما حدث طوال السنوات السابقة. لكن يبدو أن دمشق لا تعتبر من أخطاء الآخرين، لأن توتير العلاقات مع لبنان حاليا، يجعل المجتمع الدولي، وبالتحديد واشنطن وباريس ولندن والأمم المتحدة أيضاً، يتجهون إلى تشديد العقوبات الاقتصادية والسياسية على سوريا.. المشكلة، ان الدول العربية لا تتعلم من الأخطاء، بل تكررها من منطلق الإدمان على الخلافات العربية!

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)