بالأمس القريب شيّع الآلاف من أهلنا في الجولان المحتل, الشهيد هايل أبو زيد إلى مثواه الأخير في قرية مجدل شمس, بعد أن أمضى ما ينوف عن العشرين عاماً في سجون الاحتلال. وأشهر عديدة من الصراع مع الأمراض الفتاكة الناجمة عن التعذيب وظروف الاعتقال الوحشي في السجون الإسرائيلية. واللافت في هذه الجنازة المهيبة والتي تحدثت عنها أغلب وسائل الإعلام بإعجابٍ وتقدير, أن إعلامنا المحلي والذي له في كل عرس قرص, لم يعطِ هذا الحدث حقه من الاهتمام كما تقتضيه الأصول. فقد اعتمد على مبدأ (وهذا أضعف الإيمان) مكتفياً بنقل وقائع تشييع الجنازة! وكفى الله المؤمنين شرّ القتال.

وقد حرّضني هذا الحدث على إجراء ما يسدّ هذا النقص بل هذه الفضيحة المخزية. فقررت إجراء ريبورتاج أسأل فيه أصدقائي في الأحزاب السورية من موالاة ومعارضة, بالإضافة إلى المستقلين من مثقفين (فنانين, كتاب, أدباء,...إلخ) وغير مثقفين من عامة الناس, الأسئلة العشرة التالية:

1. كم تبلغ مساحة الجولان المحتل وما هي حدوده الجغرافية؟

2. عدد أسماء القرى التي يضمها الجولان؟

3. كم يبلغ عدد المقيمين في الجولان المحتل؟

4. ما هو عدد النازحين من الجولان المحتل وكم تقدّر الخسائر من جراء هذا النزوح؟

5. وكم يا ترى عدد الأسرى الجولانيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي حالياً؟ واذكر على الأقل اسماً واحداً منهم؟

6. ما هي الخطوات التي اتبعتها حكومتنا وأحزابنا بمختلف أشكالها وألوانها لتحرير أسرانا؟

7. ما هي الأهمية الاستراتيجية (العسكرية والسياحية والأمنية والمائية...) لهضبة الجولان؟

8. كم عدد المستوطنات والمستوطنين في الجولان المحتل؟

9. هل سبق وذهبْتَ برحلةٍ (مدرسية أو حزبية) إلى منطقة الجولان, وقام المشرفون على الرحلة بشرح النقاط التي ذكرت في الأسئلة السابقة؟

10. هل تعتبر أن قضية الأسرى أمانة في أعناقنا؟ وهل يشكل احتلال الجولان هاجساً يومياً لك؟ وهل تفكر آناء الليل وأطراف النهار بالطرق المثلى لاسترجاعه؟

ويا للهول كم كانت المفاجأة مُرّة وثقيلة على القلب! تصوّروا أنه لم يُجبْ أحدٌ ممن سألت عن أي سؤال طرحته إلا بالنفي! (لا أعرف!) باستثناء السؤال الأخير, فقد كان الجواب من أغلبهم: يا أخي هاجسنا الديمقراطية ولقمة الخبز وإيجاد فرصة عمل وجرعة من الحرية وقليلٌ من العدل والكرامة والكآبة...

مستحيل! ما هذا؟ أيعقل ذلك؟!!!

مثقفون كبار وصغار, ذكور وإناث ومن مختلف الأعمار والاختصاصات والأحزاب, يدلون بجوابٍ واحد وكأنهم اتفقوا عليه سراً: لا أعرف!

والأنكى من ذلك أنا نفسي كاتب هذه السطور, عندما سألت نفسي تلك الأسئلة كان جوابي مماثلاً للآخرين: لا أعرف!

ترى من المسؤول عن جهلنا وتقاعسنا في معرفة هذه التفاصيل عن جولاننا الحبيب؟

سابقاً كان شرط قبول العضوية في صفوف الحزب الحاكم, القيام بعملية فدائية في الأرض المحتلة.

يا إلهي! كم هو فظيع ما يجري الآن؟

تُرى, لماذا نعرف عن نجوم الطرب والغناء, عن الفرق الرياضية في أصقاع العالم, عن ماركات السيارات وأجهزة الموبايل... أكثر مما نعرف عن قطعة عزيزة من وطننا نقول عنها في المحافل الدولية وفي جميع البيانات والخطابات والندوات والمناسبات, بأننا لن نتنازل عن ذرة تراب واحدة منها؟ والتي ما زلنا بسببها (نكبس الجرح ملحاً) ونتحمّل نير قانون الطوارئ وكابوس الأحكام العرفية وضَيم المحاكم الاستثنائية. ونغضّ الطرف عن الفساد والنهب. ولا صوت يعلو على صوت المعركة. وبالروح بالدم نفديك يا جولان..!

هل المسؤول عن ذلك هو الموساد؟ أم السي آي أيه؟ أم الـ ك جه به ؟ أم العفاريت الزرق؟ أم..؟

ألا تباً لي ولكم جميعاً...

عندما فاضت بي المرارة واصطفق الغضب في داخلي, قلت في نفسي سوف أحطم أمّيتي وأحرّر نفسي من ظلام الجهل ومذهب اللاأدرية. واتجهتُ لفتح التلفزيون فوراً لتثقيف نفسي من خلال برنامج (أبناؤنا في الجولان)..