اذا كانت ازمة الشاحنات على الحدود اللبنانية – السورية هي العنوان الأبرز لزيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لدمشق امس بعد ساعات من نيل حكومته ثقة مجلس النواب، فان العنوان الأكبر كان مستقبل العلاقات اللبنانية – السورية بعد الانسحاب السوري من لبنان.

والسنيورة الذي عاد “مرتاحاً” من دمشق قال ليلاً لـ“النهار” ان زيارته «كانت ناجحة بكل المقاييس في هذه الظروف بالذات. واهم ما فيها انها كسرت الجمود الذي ساد العلاقات في الاشهر الأخيرة وأسست لمرحلة جديدة». ولمس السنيورة «ادراكاً للمتغيرات ورغبة صادقة في دفع العلاقات الى الامام انطلاقاً من هذه المتغيرات». وليس هناك حنين الى الماضي بل ثمة رغبة اكيدة وصادقة في انطلاقة جديدة وبأقصى درجات الوعي. وهو ادراك يأخذ في الاعتبار ان الدنيا تغيرت".

وبدا السنيورة مرتاحاً الى اللقاء الأهم في زيارته مع الرئيس السوري بشار الاسد ووصفه بانه كان “لقاء ودوداً واخوياً وصدوقاً”.

وعن سبب اقتصار مدة اللقاء على نصف ساعة قال السنيورة انه "كان لقاء اخوياً، والرئيس الاسد وانا دخلنا مباشرة في جوهر الأمور وهذا طبيعي ودخلنا مباشرة في مستقبل العلاقات".

ولمس رئيس الحكومة “حرصاً صادقاً على بناء علاقات جيدة”. ولفت الى ان البيان الرسمي السوري عن لقائه مع الرئيس السوري كان مستوحى من البيان الوزاري واستعمل عبارات في البيان تؤكد علاقات تحفظ مصلحة البلدين وتقوم على الاحترام المتبادل.

واستعمل السنيورة هنا عبارة “ندية” مضيفاً «سنحترم الاتفاقات كما ورد في البيان الوزاري وكل اتفاق يجب ان يكون دائماً موضع اعادة نظر، وبين لبنان وسوريا ننظر الى الأمر من زاوية التمسك بتحسين العلاقات». واشار في حديثه الى “النهار” الى ان “لبنان لم ينقض يوماً اتفاقاً مع دولة”. ولاحظ “ارتياحاً سوريا الى ما تضمنه البيان الوزاري” مذكراً بـ“النَفَس العربي” لهذا البيان. وكرر التمسك بهذا “النفس” رافضاً اي حديث عن تنكر لبنان لعروبته. واكد «اننا لن نتخلى عن اقتناعاتنا القومية والعربية وماضينا معروف لدى الجميع وخصوصاً لدى الاخوان في سوريا». وقد حرص السنيورة في حديث جانبي مع مسؤول سوري «ان لا وجود لانتصار وهزيمة بين الاخوة ولا يحق للسوري ان يتحدث عن انتصار على اللبناني ولا يحق للبناني ان يتحدث عن انتصار على السوري. فبين الاثنين قضية مشتركة هي علاقات تحفظ مصلحة البلدين».وفي سياق حديثه عن لقاءاته في دمشق ذكر السنيورة ببيت شعري للمتنبي «والعين تدرك من عين محدثها ان كان من حزبها او من يعاديها». واكد ان الزيارة كانت "بداية وتم التفاهم على تنشيط المؤسسات المشتركة من مجلس اعلى وهيئة عليا وسواهما. ولاحظ ان «الاعلام يعكس مناخاً وينبغي ان يعالج المناخ فينعكس على الاعلام» مشددا على حفظ حرية الاعلام وازالة كل مناخاً ينعكس سلباً ويؤثر سلباً على جوهر العلاقات بين البلدين. ولم تفته الاشارة الى ان زلزال استشهاد الرئيس رفيق الحريري «كان الغائب الحاضر الأكبر في زيارته ولقاءاته التي تناولت كل ما حصل في الفترة الاخيرة».

ووسط تكتم السنيورة عن المعلومات التفصيلية لنتائج الزيارة، افادت اوساط مطلعة غير رسمية مواكبة للزيارة ان الجانب السوري أثار موضوع معلومات لديه عن انعقاد اجتماع لحركة الاخوان المسلمين في الشمال وانه طرح تحسين علاقات مشروطاً بجوانب امنية. واضافت هذه الاوساط ان الزيارة في الشكل “كانت كاملة ولم تنقصها أي اجراءات في الاستقبالات واللقاءات”. اما في المضمون فان سوريا طرحت ثلاثة مواضيع: الاول امني يتحدث عن هواجس امنية من حيث تحركات للأخوان المسلمين في طرابلس. والثاني اعلامي يتحدث عن تعامل عدائي مع سوريا عبر الاعلام الخاص وتحديداً التابع لجهة معينة. والثالث موضوع الحدود ويتحدث عن تهريب اسلحة الى سوريا.

واشارت الاوساط الى ان خلاصة الزيارة تتمثل في اجراءات تخفيفية على الحدود وانفراجية ولكنها مرتطبة بأجوبة أمنية من السنيورة في مرحلة لاحقة علماً انه اتفق على ايلاء موضوع المفقودين في لبنان وسوريا الى لجنة مشتركة بعدما اورد الجانب السوري ان لديه اكثر من 700 مفقود سوري في لبنان.

وعلمت “النهار” ان السنيورة كان اتصل قبيل توجهه الى دمشق برئيس الجمهورية اميل لحود ثم عاد واتصل به مساء بعد عودته واطلعه على اجواء زيارته. واتفق الرئيسان على عقد جلسة لمجلس الوزراء في الخامسة مساء اليوم ستخصص للبحث في تشكيل وفد لبنان الى قمة شرم الشيخ ونتائج زيارة السنيورة لدمشق. وفهم أن لحود يعتزم التوجه الى شرم الشيخ للمشاركة في القمة على رأس الوفد اللبناني.

مصادر
النهار (لبنان)