كانت إسرائيل من بين الدول الأكثر اهتماما بالانقلاب العسكري في موريتانيا. وهو ما يعود إلى حقيقة العلاقات السياسية المتميزة التي أفلحت الدولة العبرية في إقامتها مع نظام الرئيس المخلوع معاوية ولد الطايع. فقد كانت موريتانيا الدولة العربية الوحيدة التي احتفظت بعلاقة دبلوماسية كاملة مع إسرائيل حتى عندما سحبت مصر والأردن سفيريهما من هناك.

وفي وقت كانت دول عربية تتجنب تبادل زيارات علنية مع إسرائيل، وصل وزراء موريتانيون إلى القدس المحتلة واستقبلت موريتانيا ساسة إسرائيليين بينهم وزير الخارجية سيلفان شالوم. بل أن شالوم تحدث عن العلاقات مع موريتانيا بوصفها قصة نجاح تبشر بالمقبل من العلاقات المشابهة مع عشر دول عربية أخرى.

فكيف يتعامل السفير الإسرائيلي لدى نواكشوط بوعز بسموط مع التطورات الأخيرة التي تسارعت مع إعلان الانقلاب والإطاحة بولد الطايع؟

ومعلوم أن السفير بسموط يحمل، على ما يبدو، جنسية فرنسية وسبق له أن وصل إلى موريتانيا مرارا كصحافي. وقد عمل بسموط طوال سنوات مراسلا اقتصاديا ومراسل أزمات في صحيفة <<يديعوت أحرونوت>> التي سبق لوزير الخارجية الحالي سيلفان شالوم أن عمل فيها.

وعلاوة على ذلك فإن شالوم متزوج من واحدة من ورثة مؤسس وصاحب الصحيفة. وقد أفلح بسموط في إقامة علاقات مع عدد من المسؤولين الموريتانيين دفعت وزير الخارجية الإسرائيلي إلى اختياره سفيرا هناك. وقد سمح له ذلك بتطوير العلاقات بين هؤلاء المسؤولين وبين المسؤولين الإسرائيليين، خصوصا في وزارة الخارجية.

وفي أول تعليق إسرائيلي على الانقلاب، أبلغ بسموط موقع <<يديعوت>> الإلكتروني أن <<السفارة مفتوحة وتعمل كالمعتاد، ولكننا بقينا في داخلها وامتنعنا عن الخروج منها>>.

ويبدو أن بسموط الذي سبق أن غطى، أثناء عمله الصحافي، مناطق أزمات عديدة بينها لبنان وإيران وأفغانستان والعراق حاول التصرف كصحافي هذه المرة في موريتانيا أيضا. وبعث بتقرير لصحيفته أوضح فيه أنه لم تقع ضحايا في الانقلاب حتى الآن.

وأشار بسموط في تقريره إلى أن <<هناك جنودا في الشوارع، كما أن محاور الحركة مغلقة، والإذاعة المحلية لم تستأنف بثها منذ الصباح. وقد تم إغلاق المطار والانقلاب في ذروته. وليس معلوما من يقف وراءه. ولكن التقارير تتحدث عن أن الحرس الرئاسي هو الذي يقف خلف الانقلاب>>.

لكن برغم أن لموريتانيا تاريخا طويلا من الانقلابات بما فيها ذلك الذي أوصل ولد الطايع إلى الحكم، فإن السفير الإسرائيلي مطمئن إلى الموقف ومتفائل بشأن الاستقرار هناك. وقال للصحيفة إنه <<بدلا من الحديث عن عدم الاستقرار ينبغي قول العكس. فالرئيس الموريتاني انتخب بشكل ديموقراطي للمرة الأخيرة في تشرين ثاني 2003. وهو يواصل قيادة شعبه منذ العام 1984>>.

وأوضح بسموط أن <<علاقاتنا مع موريتانيا مهمة جدا لنا. فهي الدولة الوحيدة العضو في الجامعة العربية التي ظلت إلى جانبنا طوال سنوات الانتفاضة. ومن الواضح أن هناك جهات غير معنية بذلك. غير أن العلاقة مع الحكومة، الرئيس والشعب الموريتاني مهمة لنا جدا>>.

ليس هناك من تعبير أفضل للعلاقات بين إسرائيل وموريتانيا من مقابلة جرت في التلفزيون الإسرائيلي يوم الأحد الماضي. ففي برنامج <<مساء جديد>> على القناة الأولى وقف رئيس هيئة مكافحة الإرهاب في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية داني أرديتي ليشرح خطورة سفر الإسرائيليين إلى سيناء. وبرغم أنه تلعثم مرارا في ذكر اسم موريتانيا فإنه، بصفته المسؤول عن تحذير الإسرائيليين، أشار إلى أن الدولة المسلمة الوحيدة التي لا يتربص بالإسرائيليين خطر فيها هي موريتانيا. وهكذا فإن أرديتي حذر الإسرائيليين بدرجات مختلفة من السفر إلى كل بلاد العالم الإسلامي بما في ذلك تركيا والأردن واستثنى موريتانيا فقط.

مصادر
السفير (لبنان)