لا نتذكر العهد العباسي الأول ولا الثاني.. وتغيب أمجاد الأمويين خلف التناقض الصارخ ما بين العمامة السوداء والسلاح الفردي على يمين "الظواهري" ..

إذا كان غاية إياد الظاهري تذكيرنا بحروب الردة فإننا يأسنا الوعيد الذي يحمله كلما سرب شريطا إلى الفضائيات، فالمسألة لم تعد استرداد التراث والخروج الأمريكي من العراق، إنما خروجه من المغاور التي يقطنها بينما يضحي بأرواح الملايين منا وهو يتوعد الإدارة الأمريكية.

نحن لسنا بحاجة "لفشة خلق" يقدمها "الظواهري" ... ولا نريد أن نكون فيتنام ... فاسترجاع التاريخ أمر كوميدي، وعمليات المقارنة تدفعنا للغوص أكثر في السعي لخلق عمليات فصام بين المعتقد والواقع الذي نحياه.

رفض ظاهرة "الشريط المسجل" لا تختلف عن عملية الرفض لآليات مكافحة الإرهاب ... لأن التحكم بمصير الملايين من خلال الخوف مسألة تعيدنا للوراء، وتدفعنا للدخول في الخيارات المستحيلة التي اختبرناها بداية القرن الماضي مع تفكك الدولة العثمانية، ويسعى البعض لفرضها اليوم علينا.

وإذا كانت المسألة خروج القوات الأمريكية من العراق فإننا نبحث أيضا عن خروجنا من التاريخ نحو المستقبل، وربما علينا أن نحاول فهم الارتباط بين الوجود في التاريخ والاستباحة المتكررة لنا .. فما الذي يقدمه الظواهري!!

العالم اليوم أصبح عصيا على التنوع الثقافي بسبب احتكار الحقيقة داخل طرفين .. والعالم ربما يصدق لاحقا أن حروبا صليبية تدور في المغاور أو أنفاق المترو .. لكن الواقع الذي نمتلكه هو "المجزرة" الحقيقية في العراق ... والمجزرة "المعرفية" في العالم ضد ثقافة الآخر التي اقترنت بالعنف دون أن نقف في وجهه بشكل ثقافي ... الساحة مفتوحة للظواهري كي يقدم ثقافتنا مختصرا "المزيج الحضاري" بعبارات قليلة وبصورة النار المرتسمة من "الجهاديين".

مقارعة الظلم لا يتم عبر الاختباء بالمغاور ... ومقارعة الاحتلال ليس تصفية لشعب بكامله من أجل نتيجة غير محسومة ... المقاومة لا تحتاج إلى فصل حاد بين الشعوب، ولا إلى القيام بحرب طائفية .. مقاومة الاحتلال هي بالدرجة الأولى امتلاك القدرة على الدخول في المستقبل وليس الارتداد إلى الماضي. وإذا كان الظواهري يتباهى بدماء العراقيين .. فإننا نتباهى بأننا موجودون على سطح الأرض وليس في المخابئ والظلام .. ونرفض الاستباحة من "الظواهري" ومن الإدارة الأمريكية.