تابعت الصحف الاسرائيلية امس انعكاسات العملية الارهابية التي قام بها جندي اسرائيلي ضد ركاب حافلة من عرب 1948، فرأى اكثر من معلق ان العملية وسعت دائرة المعارضة للإنسحاب من غزة بحيث باتت تستهدف ايضاً العرب من سكان اسرائيل، وتخوف عدد منهم من عودة الارهاب اليهودي في ضوء الكلام الذي قارن مرتكب جريمة الحافلة بباروخ غولدشتاين الذي اقدم قبل سنوات على قتل عدد من العمال العرب بدم بارد.

في صحيفة "هآرتس" رأى يوئيل ماركوس ان ما حدث هو نتيجة لحملات التحريض التي قام بها زعماء المستوطنين. وجاء في المقال: "الجريمة الشنيعة التي أودت بركاب حافلة ينتمون الى القطاع الاكثر ولاء لإسرائيل هي نتيجة مباشرة لدوامة الكراهية والجنون التي دخلت اسرائيل فيها بسبب مجالس المستوطنات في يهودا والسامرة. فجو التمرد والتحريض ضد تنفيذ القرار الذي اتخذ بأساليب ديموقراطية هو الذي زرع خطر قيام باروخ غولدشتاين جديد، او احتمال حدوث عملية عنيفة الى حد الجنون يمكن ان تعرقل فك الارتباط... لقد عرض جهاز الامن العام "الشاباك" كل الاحتمالات المتخيلة لأعمال مجنونة من شأنها عرقلة فك الارتباط، من تفجير المسجد الاقصى الى اغتيال رئيس الحكومة. لكن لشدة الاهتمام، لم يخطر في بال الامن العام ان المجنون سيكون شاباً في التاسعة عشرة من عمره من تبواح، احد معاقل حركة كاخ. لقد كان الشاب معروفاً لديهم وكانوا يعرفون افكاره، ولكن لم يخطر على بالهم ان يوقفوه ادارياً في صورة مسبقة، أو محاصرة تبواح كلها. فما حدث كان متوقعاً جداً، لذا الفشل هو فشل الاجهزة.

قيادة مجلس يهودا والسامرة ما زالت مصرة على الانضمام الى الاخوان في غوش قطيف، لكنها ادخلت الدولة في دوامة الحقد المتبادل بين مواطنيها اليهود والعرب. نأمل ان تعمل الدولة وزعماء القطاع العربي معا من اجل الحؤول دون توسع دائرة العداء والثأر. فاذا لم يجر إهماد الحريق فوراً فسيكون المتعصبون لأرض اسرائيل الكبرى وزعماؤهم المجانين من أكبر المنتصرين. وبدلاً من القيام بخطوة في اتجاه السلام مع الفلسطينيين سنعود الى ايام الاحداث والحرب الاهلية المدمرة.

لو لم تكن قيادة يهودا والسامرة من الذين يبتهجون لسفك الدماء، كان يمكن التوجه الى ضميرها ومسؤوليتها الوطنية. ولكن نظراً الى وجود عدد غير قليل من المستوطنين الذين يحتفلون بقيام باروخ غولدشتاين جديد، من المهم ان تمارس الدولة صلاحيتها بكل الوسائل من اجل وقف الدوامة التي يجر رجال يهودا والسامرة الدولة من خلالها الى الدمار.

المطلوب من رئيس الحكومة أرييل شارون المتمسك كثيراً بفك الارتباط القيام بخطوة جديدة: عليه ان يتخلى عن ديبلوماسيته وان يوضح في صورة قاطعة لرفاق الامس ان الثور قد سقط، وانه لن يسمح للجنون بالإنتصار".

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)