ما بعد الملك فهد... وقلق على السودان... إدانة لانقلاب موريتانيا...و تجسس إسرائيلي على أمريكا

جاء هذا الأسبوع مليئا بالأحداث الهامة عربيا في الصحافة الأمريكية، فكانت أنباء وفاة الملك السعودي فهد، ومقتل نائب الرئيس السوداني جون جارانج، بالإضافة إلى فقدان قوات المارينز في العراق لما يقرب من 22 جنديا في ثلاثة أيام متتالية. كذلك كانت هناك تغطية للانقلاب في موريتانيا. ومن ناحية الأخبار الأمريكية، كانت هناك تغطية واسعة لمهمة مكوك الفضاء ديسكفري بالإضافة ألي تعيين جون بولتون سفيرا للولايات المتحدة في منظمة الأمم المتحدة، وأخيرا قضية اتهام اثنين من أعضاء منظمة آيباك (أكبر منظمات اللوبي التي تعمل لصالح إسرائيل) بتهم تسريب أسرار عسكرية لحكومة أجنبية!

ما بعد الملك فهد قالت صحيفة واشنطن بوست Washington Post إن أهم إنجازات الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز هي تمكنه من الحفاظ على دولته متماسكة والحفاظ على حكم أسرته في فترة اتسمت بضغوط محلية ودولية حادة. وتحت عنوان "المملكة والسلطة" قالت نيويورك تايمز New York Times إن صانعي السياسة في واشنطن حضروا لما بعد موت فهد لئلا يتفاجؤوا بأي تغييرات غير سارة قد ترافق تحول السلطة داخل أسرة آل سعود. واعتبرت الصحيفة أن مرور وفاة العاهل السعودي دون حدوث مشاكل حول تعيين خلفه يجب أن لا يثني واشنطن عن التحرك بسرعة كي تضمن أن يظل اتجاه الأمور في صالحها, مشيرة إلى أن الحكام الجدد للسعودية طاعنين في السن وأن على أمريكا أن تتهيأ للتعامل مع الفترة التي ستلي غيابهم. وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت أموال النفط والمذهب الوهابي سيظلان يمثلان صمام أمان لوحدة السعودية بعد أن تتحول السلطة إلى أجيال شابة مثل بندر بن سلطان والوليد بن طلال.

مستقبل السعودية
تحت هذا العنوان كتبت صحيفة لوس أنجلوس تايمز Los Angles Times في إحدى افتتاحيتها قائلة إن السلطة انتقلت بصورة سلسة إلى الأمير عبد الله بعد وفاة أخيه الملك فهد في السعودية التي تعتبر مملكة فتية يديرها رجال طاعنون في السن.
وقالت الصحيفة إن الملك السعودي الجديد والذي يدير البلاد بالفعل منذ 1995 قد لا يغير الكثير في سياساته التي تعتمد على الاستمرار في الموازنة ما بين محاولة القضاء على التطرف والتمسك بالتقاليد الدينية المحافظة, مشيرة إلى أن الرهان الآن في السعودية يكمن في قدرتها على استخدام وارداتها النفطية كي تصبح قوة تحديث في منطقة خطرة للغاية.
وتنبأت الصحيفة بتغييرات كبيرة في السعودية في العقود القادمة خاصة عندما يأخذ الجيل الشاب من الأمراء والذي تشبع بالثقافة الغربية وأصبح أكثر وعيا بما يجري في العالم زمام الحكم. وختمت بقولها إن العربية السعودية لا تزال في أيدي الرجال الطاعنين في السن, مشيرة إلى أن مصير هذا البلد يكمن في قرارات هؤلاء الرجال وفي مدى السرعة التي سيدخلون بها إصلاحات سياسية ومدى الشراسة التي سيواجهون بها "التطرف الإسلامي" في بلادهم.

قلق على مستقبل السودان
قالت واشنطن بوست إن السؤال الذي يطرح نفسه بعد مقتل زعيم متمردي الجنوب السودانيين جون جارانج هو "هل لا تزال هناك فرصة للسلام؟ وقالت إن موت جارانج مثل صدمة للمواطنين السودانيين الذين اعتقدوا أن الحرب وضعت أوزارها وبدؤوا يناقشون الدستور الجديد للبلاد ويرسمون خططا لبناء المدارس والمستشفيات ويحتفلون بأول فرصة حقيقية للسلام بعد سنوات من الحرب والحرمان.
وتحت عنوان "موت في السودان"، قالت نيويورك تايمز في إحدى افتتاحياتها إن الآمال التي بعثها توقيع الفرقاء السودانيين اتفاقية سلام في كينيا والتي تبعها تكوين حكومة وطنية ائتلافية تضررت كثيرا بالموت المفاجئ لجارانج. وطالبت الصحيفة الأفارقة بعدم التشبث بالشخصيات الكارزمية وأن يطوروا بدلا من ذلك مؤسسات ديمقراطية تضمن استمرارية إصلاحاتهم السياسية، لأن ذلك سيمثل أفضل إجلال لروح الزعيم جارانج الذي ضحى بحياته من أجل إسماع صوت ملايين السودانيين في الجنوب والذين لم يستطيعوا إسماع أصواتهم بأنفسهم.

ما بعد جارانج
قالت واشنطن بوست في افتتاحيتها إن المروحيات ليست مؤمنة ضد التحطم خاصة في حال سوء الأحوال الجوية، مشيرة إلى أن كل الدلائل تؤكد أن المروحية التي كانت تقل زعيم الجنوبيين في السودان جون جارانج لم تتحطم بفعل غادر. لكن الصحيفة لاحظت أنه رغم هذه الحقيقة فإن الاشتباه في أن سبب سقوط تلك المروحية كان بسبب فعل فاعل أدى إلى أعمال عنف تمخض عنها مقتل العشرات وزادت بسببها حدة التوتر بين سكان الجنوب والشمال في السودان. واعتبرت أن التحدي الآن بالنسبة لزعماء السودان والولايات المتحدة والدول الأخرى يكمن في التأكد من أن تظل عملية السلام تتقدم ولو ببطء على أمل أن يخمد هذا العنف المتجدد. وذكرت الصحيفة أن السودان يحتاج الآن إلى تكاتف جهود الإدارة الأمريكية وحلفائها كي لا ينزلق من جديد لحرب أهلية كان قد عانى منها أكثر من اللازم

تجسس لصالح إسرائيل
قالت صحيفة يو أس إيه توداي USA Today إن هيئة محلفين فدراليين في مدينة ألكسندريا اتهمت كلا من ستيفن روسن وكيث وايسمان باستغلال موقعهما الوظيفي في آيباك (لجنة العلاقات اليهودية الأمريكية) لتطوير علاقة مع محلل في وزارة الدفاع الأمريكية للحصول على معلومات سرية وإطلاع جهات رسمية أجنبية وبعض الصحفيين. وذكرت الصحيفة أن محامي أحد المتهمين رفض الحديث عن الموضوع, كما نقلت عن السفير الإسرائيلي قوله إن الإسرائيليين لا يحتاجون للتجسس هنا بسبب متانة وكثافة التعاون بين البلدين.

أخيرا السفير بولتون في الأمم المتحدة
تحت هذا العنوان قالت نيويورك تايمز في افتتاحيتها إنه إذا كان هناك أي شيء إيجابي في تعيين الرئيس الأمريكي لجون بولتون سفيرا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة فهو اقتصار عمله على نيويورك لئلا يتسبب في إحداث فوضى دبلوماسية في مكان آخر.
واعتبرت الصحيفة أن خبر تعيين بولتون في هذا المنصب كان له وقع الصاعقة على دبلوماسيي الأمم المتحدة الذين سمعوا خلال مناقشات مجلس الشيوخ لمسألة تعيين بولتون أن هذا الرجل لا يكن أي احترام لهيأتهم، فضلا عن كونه متكبرا ويفتقر إلى الدبلوماسية في التعامل.
وحيت السيناتور جورج فينوفيتش الذي قال أمس إنه سيرسل لبولتون كتابا حول كيفية التسيير الناجحة، مشيرة إلى أن هذه أول مرة تقوم فيها دولة عظمى بتعيين موظف حكومي مزعج في أسمى وظيفة في الأمم المتحدة. ولخصت الصحيفة المشكلة مع بولتون في قلة احترامه للأمم المتحدة وللدبلوماسية الدولية عموما. ونقلت صحيفة لوس أنجلوس تايمز عن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تعليقا على تعيين بولتون قال فيه "أعتقد أن من حق أي سفير ينضم إلى الأمم المتحدة أن يضغط من أجل الإصلاح، لكن عليه ألا ينسى أن هناك 190 سفيرا آخر يجب إقناعهم أو إقناع أغلبيتهم بالخطوات التي يريد تنفيذها

مقارنة بين برامج ناسا ومشروع العراق
كتب أل نوهارث مقالا في صحيفة يو إس أي توداي تساءل فيه عما إذا كان على أمريكا أن تتابع مهامها التي تحمل من خلالها رواد فضاء إلى القمر وكوكب المريخ؟ فقال إن المؤيدين لتواصل تلك المهام يشيرون إلى التقدم العلمي الهائل الذي أحدثه برنامج ناسا في كل المجالات العلمية وخاصة المجال الطبي. أما المعارضون له فإنهم يرون أنه باهظ التكاليف وأن المبالغ التي تخصص للبحوث في الفضاء يجب أن تكرس للبحوث على الأرض. وأورد المعلق مقارنات بين التكاليف المالية والبشرية للحرب على العراق وللبرنامج الفضائي لناسا, فقال إن ناسا أنفقت هذه السنة 16.2 مليار دولار ولم يقتل بسببها سوى 17 شخصا, كما أن ما ستكلفه البحوث الخاصة باستكشاف القمر وكوكب المريخ خلال الأربعين سنة القادمة هو 150 مليار دولار. أما الحرب على العراق فإنها كلفت هذه السنة 77 مليار وقد كلفت منذ 2003 مبلغ 200 مليار دولار, كما أنها أدت لمقتل 1788 شخصا وجرح ما لا يقل عن 13000 آخر. وأورد الكاتب قول روبرت زوبرين رئيس مؤسسة المريخ "بعد 500 سنة من الآن لن يتحدث عن العراق سوى المؤرخين، لكن الجميع سيكونون على علم باسم أول من سافر إلى كوكب المريخ". وخلص المعلق إلى أنه لا مجال للمقارنة بين الحرب على العراق والبحوث الفضائية في ما يتعلق بالتكلفة البشرية والمادية، إلا أن الاستثمار في برنامج المريخ والقمر سيستمر في إفادة البشرية، مما يعني أن بوش كان محقا في برنامج الفضاء ومخطئا في حربه على العراق.

انقلاب موريتانيا
أوردت صحيفة واشنطن بوست تقريرا عن الانقلاب الذي أطاح بحكم الرئيس الموريتاني معاوية ولد الطايع، الذي قالت إنه كان حليفا لأمريكا في حربها ضد الإرهاب وسحق دون هوادة معارضيه الإسلاميين. وذكرت الصحيفة أن الرئيس المخلوع الذي يوجد حاليا في جمهورية النيجر، حيث سيمكث لفترة مؤقتة، رفض التعليق على هذا الحدث في اتصال معه. كما أشارت إلى أن المعارضة الموريتانية والمراقبين الدوليين اتهموا ولد الطايع بتضخيم خطر التطرف الإسلامي في بلاده، عندما سجن أعدادا كبيرة من النشطاء الإسلاميين بتهمة الإرهاب. ونسبت الصحيفة إلى "مجموعة الأزمات الدولية" -وهي هيئة بحثية محايدة تتخذ من بروكسل مقرا لها- تحذيرها قبل شهرين من أن اتخاذ السلطات الموريتانية لإجراءات مشددة أكثر من اللازم تجاه خطر الإرهاب الإسلامي المحلي سيمثل "خطأ باهظ الثمن".

مصادر
إيلاف (المملكة المتحدة)