في الكلام العام عن زيارة الرئيس بشار الاسد الى طهران التي بدأت الاحد، قيل إن اهداف الزيارة حسب المصادر الايرانية <<بحث الأوضاع في العراق وفلسطين ولبنان والجدل الدائر بشأن حزب الله اللبناني>>، وكلها تقع بين الاهداف المباشرة للزيارة، والتي تتضمن الى ما سبق بحث العلاقات بين البلدين في جوانبها وخاصة السياسية والاقتصادية.

والزيارة كما هي مواضيعها، تحتل أهمية خاصة من ثلاث زوايا، الاولى، انها تشكل الفرصة الاولى للقاء الاسد مع الرئيس الايراني الجديد محمود أحمدي نجاد والبحث معه في القضايا التي تهم البلدين استناداً الى التوجهات التي يحملها نجاد، والتي لا شك انها تختلف عن توجهات الرئيس الاصلاحي المنتهية رئاسته محمد خاتمي.

والنقطة الثانية في اهمية زيارة الاسد وموضوعاتها، هو توقيتها. إذ هي تأتي في ظل التصعيد الاميركي الغربي ضد البلدين، رغم التباين النسبي في الموضوعات التي تشكل مادة للضغط. حيث العراق ولبنان مادة الضغط الرئيس على سوريا، فيما يشكل الملف النووي ودعم حزب الله الاساس في مواد الضغط على إيران.

اما النقطة الثالثة في اهمية الزيارة وموضوعاتها، فهي الموضوع العراقي، حيث يتمايز الموقفان السوري الايراني بصدد العراق، رغم وجود توافقات سورية إيرانية في جوانب كثيرة منه، وهي التوافقات التي دأب السوريون والايرانيون على تأكيدها في اجتماعات دول الجوار العراقي منذ العام 1998، ولا سيما بصدد وحدة أرض العراق وسيادته واستقلاله، لكن ذلك لم يعد يغطي الاختلافات بين الجانبين، ومنها تقارب ايران مع الحكومة العراقية الجديدة، وقد استقبلت في الآونة الاخيرة عدداً من اركانها بينهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع، في حين ما زال خط علاقات دمشق مع الحكومة العراقية غير سالك، بل متشنج بفعل الاتهامات العراقية الاميركية بالاشارة الى دور سوري في تسلل العابرين لمقاتلة القوات الاميركية وقوات الحكومة الى العراق من الاراضي السورية، وتقديم دعم ومأوى لبعض انصار النظام العراقي السابق في سوريا، ويختصر بعض خبراء الوضع العراقي قاعدة الخلاف السوري الايراني هناك، بأنها تتمثل في موقف الايرانيين الى جانب الشيعة العراقيين وجماعاتهم التي تمسك بالسلطة، فيما تقف سوريا في الخندق القريب من السنة في العراق والذين يشكلون اساس المعارضة والجسد الاساسي للمقاومة العراقية.

وإذا كانت الوقائع المحيطة بالزيارة وموضوعاتها على هذا النحو، فإن السؤال عن نتائج الزيارة، يشكل موضوعاً ثانياً، ينبغي التوقف عنده، والتدقيق فيه، بهدف تلمس النتائج الممكنة لزيارة يمكن القول انها محاطة بالالتباسات، التي قد لا توصل الى نتائج إيجابية ومهمة في وقت مطلوب فيه، أن تكون النتائج إيجابية ومهمة بالنسبة للبلدين في آن معاً.
والنتائج على صعيد العلاقات الثنائية، قد لا يكون فيها مشاكل جدية، ذلك ان المجال ما زال مفتوحاً لتقاربات سياسية عامة في علاقات البلدين، وهي التقاربات التي ما زالت تمنع خلاف البلدين في الموضوع العراقي من الصعود الى السطح، كما ان العلاقات الثنائية على صعيد التعاون الاقتصادي، لن تتعرض لمشاكل جدية رغم سعي ايران للمطالبة بديونها السورية في حين تسعى سوريا الى تصفية هذه الديون في سياق علاقات التعاون التقليدية من خلال المشاريع والخدمات المشتركة ومنها الزيارات الدينية، التي يقوم بها الايرانيون الى مقامات دينية في سوريا.

الاهم في النتائج، ثلاث نقاط اساسية، سيكون من الصعب التوصل الى اتفاقات قوية ومهمة بصددها في زيارة الاسد الى طهران ولقائه مع القيادة الايرانية، اولى هذه النقاط، ان البلدين لن يشكلا تحالفاً ثنائياً في أي مستوى كان على نحو ما جاء تصريح رئيس الوزراء السوري في خلال زيارته الى طهران قبل عدة اشهر حول قيام جبهة سورية إيرانية، الامر الذي استوجب تصحيحاً ينفي ذلك، وقد أكد خبراء في العلاقات السورية الايرانية، ان اعلاناً كهذا لن يكون أثره ايجابياً على البلدين في ظل الهجمة التي يتعرضان لها.

والنقطة الثانية، تتعلق بموضوع حزب الله اللبناني الذي طالما حظى بدعم واهتمام مشترك من جانب السوريين والايرانيين معاً، وهو يحتاج اليوم سواء في لبنان او على الصعيد الدولي دعماً أكبر، خاصة في ظل مساعي نشطة هدفها تنفيذ ما تبقى من القرار الدولي 1559 الخاص بلبنان ونزع اسلحة المليشيات التي قصد بها سلاح <<حزب الله>>، وقد طرأ تبدل كبير على علاقات مثلث سوريا إيران <<حزب الله>> بعد انسحاب القوات السورية من لبنان، وإعلان سوريا انها لا تتدخل في الشؤون اللبنانية وحزب الله بينها ، وفي ظل حقيقة، ان خط دمشق بيروت لم يعد سالكاً لمرور الدعم والاسناد الايراني ل<<حزب الله>>، مما يفرض إيجاد مسرب مباشر بين طهران و<<حزب الله>> يعوض عن الدور السوري، وربما كان ذلك في جملة ما بحثه الامين العام لحزب الله مع القيادة الايرانية في الايام القليلة الماضية في طهران. وإذا كان لما تقدم من معنى فهو تكريس انفصال عملي معلن في العلاقة الثلاثية، وربما تخفيض سقفها السياسي المعلن ايضاً تجنباً لاثارة مشاكل اضافية بالنسبة لسوريا على وجه الخصوص.

ولعله لا يحتاج الى تأكيد استمرار التمايز في موقفي دمشق وطهران من الموضوع العراقي، وهو النقطة الثالثة، التي لا ينتظر الوصول فيها الى نتائج مفاجئة من خلال زيارة الاسد الى طهران. ذلك ان تمايز المصالح بين الجانبين صار واضحاً، اذ يسعى كل منهما في طريق ومع فريق من العراقيين مختلف في وقت توفر البيئة الاقليمية والدولية قدراً افضل من حرية الحركة للايرانيين في العراق وعلى صعيد المنطقة.

لعل الاهم في النتائج الايجابية المتوقعة لزيارة الاسد الى طهران، انها تتيح الفرصة لتجديد الحوار المباشر في الموضوعات المختلفة بين الجانبين في المستوى الرئاسي، وهي مناسبة ليتعرف فيها الرئيسان السوري والايراني الى بعضهما، وليقوم الرئيس السوري بوداع الرئيس خاتمي بمناسبة انقضاء ولايته، وكله يضاف الى نقطة مهمة، وهي تصفية ما قيل انه التباس في علاقات دمشق طهران، قال خبراء في علاقات البلدين انه كان السبب في تأجيل زيارة الاسد الى طهران والتي كانت ستتم في الشهر الماضي.

مصادر
السفير (لبنان)