تخلت الولايات المتحدة عن المطالبة بعودة الرئيس الموريتاني المخلوع معاوية ولد سيدي أحمد الطايع إلى رئاسة بلاده، فيما حاز المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية الحاكم في نواكشوط اعترافاً ودعماً من السنغال، واستقبل رئيس المجلس العقيد أعلي ولد محمد فال وفد الاتحاد الإفريقي الذي يزور العاصمة الموريتانية للتشاور مع السلطة الجديدة بشأن إعادة النظام الدستوري. وتحوطا من مفاعيل دعوة ولد الطايع أول أمس القوات المسلحة إلى التحرك لإعادته إلى الرئاسة انتشرت قوات من الجيش الليلة قبل الماضية في العاصمة، ووصف موريتانيون ولد الطايع بالجنون بسبب دعوته هذه. وقد استمرت مظاهرات التأييد الجماهيرية للتغيير الذي أحدثه الانقلاب العسكري الناجح.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ادم إيريلي إن الولايات المتحدة تعتقد أن النظام الدستوري يجب أن يعود إلى موريتانيا، وأن الاتحاد الإفريقي أصدر بيانا حول التطورات في هذا البلد، “ونحن نقاسمه وجهة نظره”. وأضاف: “ندعم مهمة الاتحاد الإفريقي، وسوف نعمل بالتشاور معه ومع شركائنا الآخرين في الأسرة الدولية، كي نتأكد من أن الحكومة الموريتانية تتجاوب مع المعايير الدولية وتحترم إرادة الشعب”.

وكانت الولايات المتحدة قد نددت الأربعاء الماضي بالانقلاب العسكري في موريتانيا، وطالبت بعودة الرئيس معاوية ولد الطايع إلى السلطة.

إلى ذلك، أجرى رئيس المجلس العسكري الحاكم العقيد اعلي ولد محمد فال أمس مكالمة هاتفية مع الرئيس السنغالي عبدالله واد، وذكرت الوكالة الموريتانية للأنباء أن الأخير “أكد دعمه لموريتانيا في جهودها الرامية إلى إقامة مؤسسات ديمقراطية حقيقية”. وكان ولد فال قد اجتمع مع وزير الخارجية السنغالي شيخ ديان كاديو، وتسلم منه رسالة من الرئيس واد، تضمنت دعم بلاده الكامل للمرحلة الانتقالية في موريتانيا، وبذلك تكون السنغال أول دولة تعترف بالقادة الجدد في نواكشوط.

وعقد وفد وزاري من الاتحاد الإفريقي اجتماعات في قصر المؤتمرات مع لجنة موريتانية برئاسة سفير موريتانيا في جنوب إفريقيا محمد الحسن ولد لبات وناقشوا سبل عودة الحياة الدستورية إلى البلاد. واستقبل رئيس المجلس العسكري الوفد الذي يترأسه وزير خارجية نيجيريا أولو أدجيني الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي، ويضم وزير الأمن في جنوب إفريقيا تشارلز نكاكولا الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس السلام والأمن في الاتحاد، ومسؤولا رفيعا من مفوضية الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا.

وكان مجلس السلام والأمن قد قرر إرسال الوفد إلى موريتانيا عقب قرار تعليق مشاركتها في نشاطات الاتحاد حتى استعادة النظام الدستوري، وأن مهمته ستكون “البحث مع السلطات الموريتانية (الجديدة) إجراءات عودة النظام الدستوري”.

وفي خطوة بدت مقصودة من السلطات، مر الوفد من داخل حشد متجمهرين أمام السجن المركزي في نواكشوط في انتظار إطلاق سراح ذويهم، وسط هتافات تندد بولد الطايع.

ولوحظ في منتصف الليلة قبل الماضية انتشار غير مسبوق لقوات الجيش التي كانت تنصب مدافع وأسلحة تشاهد لأول مرة في نواكشوط، عقب بث الكلمة التي وجهها ولد الطايع من منفاه في النيجر عبر قناة “العربية”، وتم سحب أغلب هذه القوات مع الفجر.

وكان أغلبية الموريتانيين قد تابعوا الكلمة، وتجمهروا أمام شاشات التلفزيون لمشاهدة الرئيس المخلوع في أول ظهور له، وقد دعا فيها القوات المسلحة إلى إعادة الأمور إلى نصابها، في إشارة إلى إنهاء حالة الانقلاب العسكري عليه.

وعقب بث المقابلة، خرجت تظاهرات في نواكشوط تندد بولد الطايع، وتصفه بالمجنون، واستهجن قادة المعارضة تصريحاته، وقالوا: إن ما دعا إليه الرئيس السابق يحمل بذور فتنة وحرب أهلية.

وتواصلت في مختلف أرجاء موريتانيا المسيرات المؤيدة للمجلس العسكري الحاكم والخطوات التي أعلن عنها، وشهدت مدن أطار ونواكشوط وروصو وسيلي بابي والنعمة والعيون وتجكجة مسيرات شبه مستمرة طوال اليومين الماضيين.

ونظم التيار الإسلامي إحدى أضخم مظاهراته في انواذيبو التي تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، واعتبرت نوعا من استعراض العضلات بعد إطلاق سراح قادة التيار من المعتقلات الأحد الماضي. وبث التلفزيون الرسمي أغلب وقائع المسيرات، من دون تدخل في الكلمات التي ألقيت فيها، وقال أصحابها انهم سيكونون أشد المؤيدين للمجلس العسكري إذا طبق التزاماته، بالقدر الذي سيكونون معارضين مائة بالمائة له إذا لم يطبق ما التزم به.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)