لا خلاف على أن قتل الأبرياء الأربعة في شفاعمرو على يد مخرب يهودي يوم الخميس الماضي هو عمل مقيت ويوجب استخراج عاجل للعبر من قبل قادة السلطة والمحافل الأمنية. كما يمكن أيضاً تفهّم الغضب والإحباط لدى العرب في إسرائيل، الذين يعانون أصلاً من تمييز وحرمان بنيوي، ومن تحريض وتهديدات على خلفية سياسية. على الرغم من ذلك، لا يمكن المر مرور الكرام على بعض الردود الصادرة عن قادة الجمهور العربي بعد الاعتداء. منها، على سبيل المثال، ادعاء عضو الكنيست عزمي بشارة، الذي اقتُبس أمس: "كان للشاباك أسباب جيدة لعدم منع هذا الاعتداء، الذي يخدم شارون" ـ وهذا تفوّه شرير وأحمق في وقت واحد. كذلك، ومع كل التفهّم لألم من أُصيب، لا يمكن التسليم بكلام حنا عاصلة (والد أسيل عاصلة، الذي قُتل خلال أحداث تشرين الأول 2000): "هذه المذبحة تُضاف الى مجموعة الأعمال التي نفّذتها الدولة ضدّنا، هذه الأمة فاشية منذ قيامها في العام 1948" وذلك رداً على عملية القتل التي نفذها فرد والتي جرت موجة من الإدانات والتعاطف من جانب "هذه الأمة" وقادتها. مثل هذه التصريحات تثير الخشية من أنه حتى لو تم إصلاح الحرمان وإزالة التمييز، لن يتم جسر الهوة الفاصلة بين متطرفي الجمهور العربي وبين الدولة.

ما يثير القلق أكثر هو ردّ لجنة المتابعة العليا، الهيئة العليا للعرب في إسرائيل: ففي نهاية جلستها يوم السبت قررت اللجنة، من جملة الأمور، الطلب من الشرطة عدم التحقيق مع سكان شفاعمرو حول مقتل الجندي الذي أطلق النار في الحافلة. فأعضاء اللجنة قدّروا بشكل صحيح في تلك اللحظة طبيعة ما حدث في الحافلة التي مارس فيها القاتل جموحه: تم تقييده من قبل رجال الشرطة الذين صعدوا الى الحافلة بعد وابل النيران وجرى تجريده من سلاحه. بيدَ أن عدداً من سكان المدينة دخلوا الى الحافلة، هاجموا الجندي، ضربوه ثم قاموا بالتنكيل به بمساعدة آخرين ممن ألقوا الحجارة من الخارج عبر النوافذ. رجال الشرطة أُبعدوا أو أُرغموا على الابتعاد بعد تعرّض حياتهم للخطر؛ وبعضهم أُصيب خلال محاولة حماية القاتل المُقيّد وخلال هروبهم من الحافلة.

ما من دولة سليمة تقبل بالمرور مرّ الكرام على مثل هذا الحادث، حيث يتم أخذ القانون باليد، من دون التحقيق في الأسباب والتحقيق مع المتورطين، في ظل التنازل مسبقاً عن تقديم لوائح اتهام ضد المشتبه بهم بتنفيذ الجريمة. ولا يمكن القبول بادعاء أن من شأن مثل هذا التحقيق أن يؤدي الى هيجان الخواطر في المدينة. فالشرطة حققت واعتقلت، كأمر بديهي، شباناً يهوداً ممن كانوا ضالعين نهاية حزيران في محاولة تنفيذ التنكيل بشاب فلسطيني من سكان المواسي. وثمة حالة أخرى عندما اعتقلت الشرطة يورام شكولنيك، في نيسان 1984 الذي أُدين بقتل عربي مُقيّد، وحكم عليه بالسجن. فالحكم الذي يسري على المشاغبين اليهود في المناطق الفلسطينية يجب أن يسري في دولة القانون السليمة على المشاعبين العرب في شفاعمرو أيضاً.

يتعين على الشرطة التي بدأت الآن بالتحقيق في ظروف مقتل القاتل عدان نتان ـ زاده، أن تستنفد التحقيق وأن تستخرج العبر. يجب أن يحصل التحقيق من دون مساومات ومن دون اعتبارات غريبة، ومع إدراك أنه لا يُعقل أن يحصل في إسرائل مثل هذا الفعل الخطير من دون أن ينال المتورطون فيه العقاب الكامل جراء أفعالهم.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)