لعلّه من المفرح جداً,أن الحديث عن الفساد- بكافة أنواعه وصنوفه ومعاييره- لم يعد مجرّد حديث يتمّ تناقله همساً,كما كان من قبل، بل بات يقرّ بوجوده عمودياً وأفقياً في البلاد....!،وهو "نقلة"متواضعة ايجابية، طبعا ً. وإن كان الفساد,نتيجة طبيعته,يمكّن المرتمين في فخاخه من ممارسته في الخفاء,لا في العلن,وعدم ترك أيّة آثار لإدانة مرتكبيه ،وهو- تماماً- ما يمنح هؤلاء-عادةً-شعوراً بالطمأنينة،بل والحصانة أحيانا ً......!

وعلى الرغم من أن الفساد بات يتحوّل يوماً وراء يوم، من الهلامية إلى اتّخاذ هيئة واضحة له,وهذا يدلّ على درجة استشرائه,واستفحاله,لما يتركه- دائماً- من آثار- فتّاكة وراءه:وطنياً، واجتماعياً، واقتصادياً، وبعيداً عن أيّ تنظير,يمكن التأكيد أنه ما إن يكتب أيّ صحافي عن الفساد,حتّى يواجه-عادةً –بسؤال تقليدي صاعق : وما هي أدلتك,ووثائقك التي تمتلكها,لإدانة هذه الحالة أو تلك؟!....

في ما يلي,قصّة,ولا أقول حكاية,أعتبر شاهد عيّان عليها,ومعايشاً لها ،لأنّها تتعلق بشقيق لي,يحمل شهادة الهندسة الكهربائية، تعيّن في محطة تحويل القامشلي في 1/6/1998وكان يسيّر أمورهذه المحطّة مساعد فنّي- ميكانيك!،ولأنّ شقيقي وهو"المهندس أحمد اليوسف",ونتيجة تربيته,وأخلاقه المعروفة عند كلّ من له صلة به,في العمل ,أو الشارع,يتعفّف عن المزاحمة واللّهاث من أجل-مهمّة- يتشبّث بها سواه,أوبعثة إلى الخارج ، دون غيره ،أجدر منه..، كما يحدث عادة ،فإنّه قبل بالأمر الواقع-لمدّة سبع سنوات -ولأسباب كثيرة,دون أن يتأفّف,أو يتذمر,أو ينعكس ذلك على طبيعة عمله.....

طبعاً,علمنا عدّة مرات بصدور توجّهات بضرورة مراعاة الشهادة العلمية,ولكن شقيقي لم يكلّف نفسه- ولو مرّة واحدة- بإعلام مديريته,ووزارة الكهرباء بالغبن الذي لحق به،بيد أن الأمر اتّخذ منحى آخر,عندما علمنا منذ فترة قصيرة ، بأن المؤسّسة العامة لتوليد ونقل الطاقة،كانت قد أصدرت كتاباً كلّفت بموجبه عدداً كبيراً من المهندسين بتسيير أمور محطّات كثيرة في "كافة المحافظات" السورية، ومنها ثلاث المحطّات في محافظة الحسكة (محطات التحويل 230كيلوفولط) حيث إنه وبموجب هذا القرا ر، يكلّف المهندس أحمد اليوسف بتسيير أمور محطّة القامشلي,والقرار كان قد صدر بتاريخ23/4/2003برقم680
ولكن، لم يبلّغ المهندس أحمد اليوسف بالقرار،وبعكس حال زميليه الآخرين في محطّتي الحسكة والسويدية, اللذين باشرا عمليهما, فورا ً ،وبموجب القرار المسار إليه ، عينه ،ودون أن يصدر قرار آخر- معاكس- طوال هذه الفترة يقضي بإنهاء تكليفه!!!؟....

وبما - أن الساكت عن الحقّ شيطان أخرس-فلقد قمت، و"كصحفي"، طالما تناولت - خلال ربع قرن من الزمان- قضايا المواطنين-من هذا النوع- ونشرتها عبر الصّحافة, ضمن حدود المستطاع ،لأريح ضميري,دون أن أقوم مرّةً واحدة بإثارة أيّ قضية بدافع شخصي,فلقد وجدت أنه من الّلزام عليّ الكتابة في هذا المجال,وإيصال-صوت أخي-إلى كافة الجهات المعنية:رئاسة مجلس الوزراء- مجلس الشعب- وزارة الكهرباء........إلخ, لاسيما في أوج الدعوة إلى الشفافية ومكافحة الفساد ،متوهمّاً في قراراتي,أنه سوف يتمّ رفع هذا الغبن عن شقيقي,ويتمّ محاسبة من حجب القرار ، متحديّا ً القانون ، ورغم أن هذه- الفضيحة ذات "التوتّر العالي"عرفت على نطاق واسع,داخل المحافظة وخارجها، وتمّ استهجانها،فإنّ المؤسّسة العامة لتوليد ونقل الطاقة، أصدرت القرار 1259 تاريخ 27تموز2005 ,والذي يقضي- ودون أي مسوّغ مشروع - ترقين اسم المهندس أحمد اليوسف من القرار 680,أي دون محاسبة منتهكي الأنظمة والقوانين,وإبقاء الأمور على حالها...؟!، ودون أن يكون قد مارس مهمّته كمدير" لهذه المحطّة خلال أكثر من سنتين ، اعتبرخلالها مديراً للمحطّة، بحسب القرار،آنف الذكر، إلا" على الورق" فقط ،دون أن ينفذ هذا القرار، وهو ما أجزم أنه نتاج"حالة فسادإداري " جديرة بإدخالها سجل "غينيس" للأرقام القياسية....!

أجل ،ها أنا,مرّة أخرى-أثير-هذه القضية,على أمل- فتح ملفها بشفافية وعقلانية لا بعقلية،وصائية، ثأرية....إلخ....
لا سّيما أننا أمام حالة فساد إداري،دامغة ،كما أشرت ، لا تقبل أيّ تأويل,لمجرّد الإمعان فيها من قبل أيّ منصف ،مؤّكداً أنني لن أتراجع البتة عن متابعتها، بكلّ إمكاناتي الإعلامية المتواضعة،وهو أقصى ما أملكه ، ولا هوادة أمام " الفساد".......مهما كانت ضريبة ذلك....!