مقاومة الخوف بمزيد من الحريات.. والبريطانيون خسروا كثيراً برحيل "كوك"

التأكيد على عدم التخلي عن العراق حتى ينعم بالاستقرار والديمقراطية، والفرص المتاحة أمام الاقتصاد البريطاني، والخسارة الكبيرة التي تعرض لها البريطانيون برحيل "روبن كوك"، والتحذير من المبالغة في السياسات الأمنية... موضوعات نعرض لها في إطلالة سريعة على الصحافة البريطانية.

" لا تتركوا العراق وحيدا"

هذا هو عنوان افتتاحية "الصنداي تلغراف" يوم الأحد الماضي، التي خلصت خلالها إلى أن السطور الأخيرة في المفكرة الإليكترونية للصحفي الأميركي "ستيفن فنسنت" الذي تم اختطافه واغتياله في العراق الأسبوع الماضي، قد احتوت على وصف للحياة اليومية في مدينة البصرة العراقية الجنوبية، التي تحولت إلى مرتع لرجال من المليشيات الدينية الذين يجوبون الشوارع ويفرضون على النساء العراقيات ارتداء العباءة الإسلامية التي تغطي الجسم بالكامل. وتذهب الصحيفة إلى أنه بصرف النظر عما يراه البعض عن عدم مشروعية الحرب في العراق - انطلاقا من مبررات أخلاقية وليست عملية- إلا أن الأوضاع السائدة حاليا في هذه المدينة وفي غيرها من مدن هذا البلد التي تشهد هجمات إرهابية وانتحارية تطال المدنيين العراقيين ولا تقتصر على قوات الاحتلال، وتهدف إلى خلق حالة من البلبلة والفوضى، تحتم على الأميركيين والبريطانيين عدم التخلي عن هذا البلد المنكوب، وعدم تركه فريسة لقوى التخلف والظلام التي تريد إعادة عقارب الساعة فيه إلى الوراء، والبقاء إلى أن يتم التأكد من قيام حكومة عراقية ديمقراطية فعالة قادرة على إدارة البلد، وعلى إتمام عملية التحول الديمقراطي التي يمر بها في الوقت الراهن.

"الرأسمالية البريطانية في مفترق الطرق"

تحت هذا العنوان كتب "جورج تريفجارن" يوم الاثنين الماضي مقالاً في صحيفة "الديلي تلغراف"، يقول فيه: إن بريطانيا تبدو في الوقت الراهن وكأنها تشهد أزمة خلافة؛ فتوني بلير قال إنه سيترك الحكم، ولكن لا أحد يعرف متى وأين، و"المحافظون" يشهدون معركة على كرسي القيادة، وهو ما يقلدهم فيه "الديمقراطيون الأحرار".

ويذهب الكاتب إلى أن بريطانيا تمر حاليا بلحظة تاريخية، وأن الجيل القادم من المسؤولين هو الذي سيحدد مستقبل بريطانيا لسنوات طويلة قادمة، وأنه يتوجب على البريطانيين لذلك التدقيق عند قيامهم باختيار شخص ما لموقع المسؤولية. ويقول الكاتب إن تورط أميركا في حرب العراق قد أدى إلى صعوبات جمة لاقتصادها، وإن القوانين التي يجري تشريعها للوقاية من حالات الانهيار والفضائح المالية التي طالت اقتصاد أميركا قد ساهمت في إعاقة الاقتصاد هناك ودفعت الكثير من المشاريع للقدوم إلى بريطانيا. والكاتب يرى أن هناك فرصة تاريخية أمام بريطانيا كي تتبوأ موقع القيادة المالية العالمية مرة أخرى، وذلك من خلال استغلال ظروف الاقتصاد الأميركي وتوثيق علاقاتها بالصين والهند العملاقين الاقتصاديين الناميين، وإعادتها إلى ما كانت عليه أيام الإمبراطورية، بدلا من الدخول في منافسة معهما كما يفكر الأميركيون، لأن ذلك هو الذي سيعزز الرأسمالية البريطانية التي قامت على الثقة والعلاقة الطيبة وعلى اللغة الإنجليزية وأعراف القانون الإنجليزي من جديد.

"على قدم المساواة مع أبطالنا"

هذا هو عنوان المقال الذي كتبه الصحفي "روي هاترسلي" في صحيفة "الجارديان" يوم الاثنين الماضي، والذي تحدث فيه عن أن وزير الخارجية البريطاني الراحل "روبن كوك" الذي رأى أن وفاته تمثل خسارة فادحة لحزب "العمال" ولبريطانيا كلها لأن "كوك" لم يكن فقط واحدا من أكثر السياسيين البريطانيين موهبة بل كان هو الأكثر موهبة بين جيله من السياسيين، وأنه يستحق لهذا أن يوضع على قدم المساواة مع زعماء الحزب البريطاني التاريخيين. ويقول "هاترسلي" إن الشيء الذي أضفى طابعا بطوليا على "كوك" هو قيامه بتقديم استقالته من الحكومة البريطانية اعتراضا على قيام بلاده بمشاركة الولايات المتحدة في شن الحرب على العراق، وهو ما يدل على أنه رجل يقدم المبادئ على كافة الاعتبارات الأخرى، وأنه سياسي يراعي ضميره في المقام الأول. ويقول الكاتب أيضا إن الرجل السياسي صاحب المبادئ يحتاج إلى ثقة للدفاع عن مبادئه، وأن "كوك" بالذات كان يتمتع بثقة لا حد لها. ويختتم الكاتب مقاله بالقول إن كوك الذي كان سياسيا ماهرا صاحب حجة قوية، ورجلا يتمتع بفصاحة لغوية لا تبارى، لم يكن يصلح لأن يكون رئيسا للوزراء، لأن لحيته وصوته وأسلوبه الخشن في التعامل لم تكن من المؤهلات التي تصلح لشغل هذا المنصب وخصوصا في عصر ثقافة الصورة، ولكنه ذلك لن يحول بينه وبين أن يكون واحدا من رجال بريطانيا العظماء على مر عصورها.

" قاوموا الخوف بالحرية"

كتبت "ماري ريدل" مقالا تحت هذا العنوان في صحيفة "الجارديان" في عددها الصادر الأحد الماضي، استهلته بالقول إن أنفلونزا الطيور توشك على أن تتحول إلى وباء بشري. وانطلقت الكاتبة من هذه المقدمة لتقول إن كل شيء يمكن أن يتحول إلى وباء إذا ما وجد الظروف الملائمة، ثم انتقلت بعد ذلك للحديث عن التفجيرات الأخيرة التي وقعت الشهر الماضي في لندن والقول إن التحكم في الأوبئة يشبه تماما التحكم في الخوف، وإن تلك التفجيرات لا يجب أن تدفع البريطانيين للإتيان بتصرفات غير مسؤولة، وأن الحكومة البريطانية هي وحدها القادرة على التحكم في منسوب العواطف الوطنية. فهي- الحكومة- هي التي يمكن أن تتسبب بما تتبعه من سياسات أو بما تسنه من تشريعات في إصابة المجتمع بالفزع، أو يمكنها بدلا من ذلك أن تجعله يتصرف بعقلانية لتجاوز الموقف. ونوهت الكاتبة إلى أن ردود أفعال البريطانيين حتى الآن كانت أهدأ كثيرا من ردود فعل شعوب غيرها، وأن ذلك يرجع في رأيها إلى طبيعة الشعب البريطاني التي تتسم بالميل إلى المغامرة والقدرة على مواجهة الأخطار، ولكنها عادت على الرغم من رأيها هذا للتأكيد على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومة والبرلمان في احتواء أي نوع من أنواع الهستيريا والرعب الجماعي الذي يمكن أن ينشأ عن تكرار مثل هذه الحوادث.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)