توجه رئيس الدولة، موشيه كتساف، الى الامة نهاية الاسبوع الماضي طالبا الصفح. "باسم دولة اسرائيل انا اطلب منكم، المستوطنين، الصفح على الطلب منكم المغادرة بعد عشرات السنين من البناء والضحايا، قال كتساف كلامه في محاولة منه للتغطية على الاعتذار الذي لن يأتي من جانب رئيس الحكومة، اريئيل شارون.

لم يكن يتعين على الرئيس كتساف الاعراب عن هذا الاعتذار، فدولة اسرائيل الرسمية ما كان ينبغي لها ارسال رئيسها الرمزي لمعالجة هذا الموضوع. وكان يتعين على رئيس الحكومة شارون بالذات الوقوف امام عدسات التصوير وتقديم الاعتذار. بيد ان من ابتكر، بادر، دفع وضغط ونجح في النهاية في الوصول الى تطبيق الاقتلاع الفظيع لا يملك على ما يبدو جرأة الوقوف امام اولئك الذين سيلقون هذا الاسبوع من بيوتهم ليطلب الصفح منهم.

الرئيس، صاحب المنصب الرمزي، هو الذي ارسل لتنفيذ المهمة، رئيس الدولة هو ليكودي حقيقي في قرارة نفسه، فعضو الكنيست والوزير السابق من حركة الليكود لا يحب فعلا هذه الخطة. لكن المشكلة تكمن في ان كتساف، كما تقتضيه منه طبيعة منصبه، لا يعبر عن رأيه علانية حول الخطة.

اعتذار كتساف كان حقيقياً وصادقاً. فهو حقيقة يأسف لطرد اليهود من بيوتهم. وهو يطلب فعلا الصفح من مستوطني غوش قطيف. ربما كان قصده طلب الصفح ايضا باسم رئيس الحكومة، لانه يعرف ان شارون لن يقف امام الامة.

وعلى كل حال، ما هو السبب الذي دفع شارون الى منح مقابلة للقناة الأولى نهاية الاسبوع الماضي؟ فقط من اجل مهاجمة بنيامين نتنياهو. كأنه لا يوجد شيء في الدولة غير الصراع السياسي داخل الليكود. كيف يستطيع رئيس الحكومة الانشغال بالامور الصغيرة قبل ايام معدودة على طرده عشرات الاف السكان من بيوتهم في قطاع غزة وشمال الضفة؟ كيف يمكن لرئيس الحكومة الاصرار على معالجة ميزانية الدولة قبل اسبوع من رميه مواطنيه الى الشارع؟

يتضح ان الضمير ليس هو الجانب الاقوى عند شارون. في الواقع نحن نعرف هذا الامر منذ زمن بعيد. فشارون ليس بالضبط من يهتم بالاعتذار المؤثر للرئيس. هو بلدوزر، هو يخلي ولن يقف احد في طريقه. واذا كان قيل سابقا ان عمق الاقتلاع كعمق التحقيق، فيمكن القول اليوم ان عمق السقوط كعمق الاقتلاع. فبعد الاقتلاع القاسي سيضطر شارون للعودة الى حزبه حيث سيجد نفسها وحيدا هناك. وهو لا يستطيع الاعتذار امامهم. فما من احد في مركز الليكود يصدق اليوم الرجل الذي وعد بقبول حكم الحركة.
الليكود لم يعد يعني شارون، تماما كما توقف المستوطنون في غوش قطيف عن ان يشكلوا موضع اهتمام بالنسبة اليه. فهو منشغل بالمراحل التالية في خارطة الطريق وبما يمكن ان يساعده للتمسك بكل قواه برئاسة الحكومة لفترة قصيرة اضافية على الاقل.

مصادر
هتسوفيه (الدولة العبرية)