أستطيع تقمص التعب الذي يهبط من غير إنذار على وجهي، فيأخذني كم الإرهاق نحو مسافات تتجاوز حلبة الرقص، وربما أشعر للمرة الألف أن "التعب" لا يرتبط بالعمر أو عدم اعتياد السهر أو حتى القلق على مستقبل الأسرة.
عندما أتحرر من أنوثة الشرق المرسومة خيالات للماضي تصحبني السهرة الصاخبة نحو الأسئلة المرافقة للخمول الذي لا يتحرر رغم الضجيج:
  لماذا يبقى الصوت العالي رفيقا دائما لحفلات تختلف هويتها وطبيعة المشاركين فيها .. والصوت العالي لا يتناقض مع طبيعة المناسبة .. فما الفرق ما بين الصخب لموسيقى الديسكو و حماس مقرئ أما المايكروفون يحاول فرض ضخامة صوته للحضور .. الصوت العالي يملك مهمة واحدة: قتل لذة المشاركة مع الآخر القادم خصيصا كي يراك ..
  لماذا تنهمر علينا خلطة من الأغاني التي لا نعرف منها سوى التمايل الذي تشهده حلبة الرقص، فنستمتع بالتعبير الجسدي بينما تضيع هوية الموسيقى والصوت مع ارتطام مزيج من الكلمات التي أضاعت هويتها أو ربما أضاعتنا في متاهات سلمها الموسيقي الخاص.
  أما ظهور راقصة فهو ليس تعبيرا عن الرغبات الذكورية للحاضرين .. ومع الإشفاق على الراقصة التي تحاول تلبية رغبات متفرقة لكنا "لماذا" تعود للظهور: فهذه البطولة الفردية لحالة متشابكة ما بين "العري" و "الإيماءات" الجسدية ستبقى سؤالا يحتكر مساحة الرقص، سواء في سهرة تتشابك فيها أيادي الإناث مع الذكور، أو في جلسات أحادية الجنس ...
  ثم لماذا كانت هناك غصة في صوت المحتفى به – وهو المتخرج من الجامعة الأمريكية – عندما قال قطعت المسافة بين بيروت ودمشق بعد أن حفظت كل سائق على الطريق .....
  أخيرا لماذا يختلط دسم الموائد مع مشروب كحولي في حالة تناقض مريرة ....
لا حدود للأسئلة ... ولا أجوبة تستطيع انتشالي من التعب المزمن وسط خليط الثقافة الاجتماعية المختصرة في سهرة روعتها في أنها لا تستطيع القفز على تناقضاتنا ... لكن الأسئلة ربما حملتني نحو أجوبة غير حاسمة ... أجوبة من خارج إطار السهر الاجتماعي:
  أحد الحاضرين قضى ساعات ليعبر عدة امتار بين سورية ولبنان ...
  منافذ الحدود ليس لديها معبر خاص للسوريين وهم أصحاب الأرض، ولا حاجة للمقارنة مع دول أخرى.
  الذوق العام خليط لكن هذا الإقرار ليس جوابا ..
  لأن الشباب الذي يتخرج يحتاج لسورية كما تحتاج سورية له ...
ونستطيع سرد أجوبة هي نتائج وليس مجالا لأي سؤال رافقني في زمن التعب والسهر ومكاسرة الذكورة، أو حتى تحطيم معالم الأنوثة.