حذرت السلطات العراقية دمشق من أن حمم بركان العراق المتفجر ستصيبها‚ مدعية ان معظم السيارات المفخخة التي تنفجر في العراق تأتي من سوريا‚ وقال وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي ان لديه أدلة ووقائع تشير الى تسلل الارهابيين من ثلاثة محاور على الحدود العراقية - السورية وترمي الى استهداف بغداد في المحصلة النهائية.

وكان وزير الداخلية العراقي بيان جبر ادعى في بيان مماثل‚ ان لديه ادلة ضد سوريا.

دمشق من جانبها شجبت هذه التصريحات وكررت نفيها ان تكون سوريا لها اية علاقات بما يحدث في العراق من أعمال عنف‚ واعتبر مصدر سوري ان تصريحات الدليمي وجبر محاولة لإخفاء عدم قدرة الجانب العراقي على تحمل مسؤولية الامن داخل العراق وعلى حدوده مع دول الجوار.

حول هذه التصريحات والاتهامات العراقية لدمشق كان لنا هذا اللقاء مع السيد محمد السعيد ممثل المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق لدى سوريا ولبنان.

بداية انتم تعيشون في سوريا وتعرفون مدى الضغوط التي تتعرض لها دمشق من قبل الولايات المتحدة ما هو دوركم في تلطيف الاجواء بين دمشق وبغداد اذا صح التعبير خصوصا بعد تصريحات وزير الدفاع والداخلية العراقيين سعدون الدليمي وبيان جبر الذي كان يشغل الدور الذي تقومون به الآن في دمشق وبيروت فهل سنراك وزيرا للداخلية ونرى لك تصريحات ضد سوريا؟

- نعتبر ما حدث سحابة صيف زائلة لأن علاقاتنا بالأخوة في سوريا تاريخية لن تهتز بفعل المتغيرات التي تعصف بالمنطقة ودورنا في هذه المرحلة وفي كل المراحل العمل على ترسيخ العلاقات الاخوية بين البلدين وتأصيلها انني اعمل على استمرار العلاقة الطيبة بين البلدين‚ ونحن جديون وواقعيون ولسنا ولن نكون في الموقع المقابل لتلك المفاهيم والتطلعات.

كتبت مقالا في صحيف «المحرر العربي» التي تصدر في بيروت بعنوان «دمشق وبغداد توأمان» هل تعتقد فعلا ان دمشق وبغداد هما الآن في خط واحد؟

- انني اكتب بناء على ما تمليه عليَّ قناعتي وما يحفره عليَّ ضميري من مفاهيم‚ اننا في خط واحد رغم المحاولات التي تستهدف دق اسفين الخلاف والفتنة بينهما إن سوريا والعراق توأمان في الموت والحياة بالنظر لتاريخ طويل من التضحيات والدم الغزير الذي سال دفاعا عن الحدود العربية في جبل الشيخ واعتقد ان هناك ما يرسخ تلك العلاقات إذا ما تطعلنا الى بقايا معارك الشرف التي خاضها العراقيون والسوريون فنلتفت لنجد بقية خوذة لجندي عراقي استشهد في الطريق الى قمة جبل الشيخ حيث كان الجيش العراقي يناضل من هناك لتحرير تلك المنطقة من الاحتلال‚ انهما توأمان وسيبقيان هكذا الى يوم القيامة.

لماذا تتهم سوريا بإيواء الارهابيين وتدريبهم في حين ان هؤلاء أكثرهم يأتي من خارج سوريا وبنفس الوقت تقوم السلطات السورية باعتقالهم؟

-سوريا تضررت من الارهاب فكيف تؤويه لقد سمعنا اكثر من مرة تأكيدات من الأخوة في القيادة السورية وحرصهم على سلامة العراق وضرورة الاستقرار واستتباب الأمن فيه لأن ذلك من مصلحة البلدين.

يشهد الوضع الأمني العراقي تدهورا خطيرا بعد الاستهداف المتكرر للمدنيين بينما الحكومة العراقية الحالية تصر على انها حققت تقدما امنيا على التصريحات تلغي الواقع والى أين يسير الوضع الأمني في العراق؟

-الحكومة فعلا تحقق تقدما ملموسا في اطار الملف الأمني لكن الإعلام العربي ليس حسن النية إزاء ما يجري في العراق‚ انه لا يعكس العمليات الأمنية التي تقوم بها أفواج وزارتي الداخلية والدفاع ضد المجموعات الاجرامية والارهابية وقد وجهت تلك العمليات ضربات قاصمة وموجعة لخلايا الارهابيين وهناك خطط واقعية في طريقها الى الانجاز والتنفيذ على هامش خطط الداخلية والدفاع التي نفذت بعد تشكيل الحكومة العراقية المنتخبة وتعتبر عمليات البرق التي نفذتها هاتان الوزارتان عمليات ناجحة بالمقاييس الميدانية‚ ان تلك العمليات لا يأتي على ذكرها الإعلام العربي‚ نعم حققنا ونحقق انجازات مهمة في الملف الأمني وان التصريحات متطابقة مع الواقع ونحن نعمل من أجل تطويق الارهاب لكن ذلك يحتاج الى وقت ليس قصيرا بالنظر لحجم المشكلة وبنية الارهاب لكننا متأكدون اننا سننتهي من الارهاب بارادة شعبنا ولن تأخذنا الحماسة الإعلامية الى تعيين فترة معينة للقضاء التام على الارهاب‚ ان هناك دولا مستقرة أمنيا وسياسيا واقتصاديا ولا تعاني ضغط الواقع لكنها تعاني من عمليات الارهابيين كالمملكة العربية السعودية ومصر واسبانيا والولايات المتحدة الأميركية وتركيا وبريطانيا على الرغم ما يواجهه الشعب العراقي من العمليات الارهابية فنسمع وتسمعون يوميا ان الحكومة العراقية تلقي القبض على العشرات من المجرمين وقد عثرت على مخابىء عديدة للسلاح قد منعت عددا كبيرا من السيارات المفخخة من ان تنفجر بوقتها اعتقد ان هذه انجازات كبيرة قامت بها الحكومة وان شاء الله سوف تستمر بتحقيق الانتصار التام.

هل لك ان تعطينا لمحة عن الدور الحالي للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق بعد الاحتلال وحتى اليوم؟

- يعتبر المجلس الأعلى من القوى السياسية الميدانية صاحبة الحضور الواسع والتي وقفت بوجه النظام البائد لثلاثة وعشرين عاما في مختلف الميادين والمجالات وبعد سقوط النظام كان من ضمن التركيبة السياسية الوطنية التي قادت البلد في اطار ما سمي في حينه بمجلس الحكم الانتقالي وقد ترأس السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى احدى الدورات الرئاسية لمجلس الحكم الانتقالي ولعب دورا أساسيا في طرح مشاريع وطنية لضبط الأوضاع المتردية ومحاربة الفساد الإداري المستشري في مؤسسات ومرافق الدولة لزمن طويل‚ مثلما كان للمجلس الأعلى دور في التفاهم مع القوى السياسية الوطنية بمختلف مكوناتها من أجل إعادة اعمار العراق وحماية المواطن العراقي والاهتمم بعائلات الشهداء وإعداد الخطط والصيغ التي من شأنها احياء مفهوم الدولة لدى الشعب العراقي بعد ان حول النظام البائد الدولة الى مرتع لغربان القبيلة وكواسر القرية!

هل هذا الائتلاف الذي أنتم عضو فعال فيه كله مشارك في الحكومة؟

-نحن في المجلس الأعلى نترأس كتلة الائتلاف العراقي الموحد صاحب الأغلبية البرلمانية ولدينا 17 وزيرا موزعين على الكتل والأحزاب والتنظيمات والشخصيات السياسية الوطنية والعشائر المنضوية في الائتلاف‚ ولهذا فإن مشاركتنا في الحكومة العراقية المنتخبة الحالية هي مشاركة فعالة.

في نفس الوقت نرى أن هذا الائتلاف لم يستطع أن يجمع شمل العراقيين بأجمعهم هل هذا ناتج عن تقصير من قبل المجلس أو عن ظروف أخرى؟

-نحن ائتلاف سياسي مكون من مجموعة من التنظيمات والأحزاب والتيارات الوطنية والقومية والدينية والفكرية الرئيسية في البلاد مع احترامنا الشديد للتجمعات والأحزاب الوطنية العراقية الأخرى وبحدود علمنا ومن خلال القاعدة الجماهيرية المليونية التي انتخبتنا وجاءت بنا إلى الجمعية الوطنية نستطيع القول إن الذي أوصلنا إلى الجمعية الوطنية ومكننا من تشكيل الحكومة وقيادة البلاد في الانتخابات التي جرت في يناير الماضي هو الغالبية العظمى من الشعب العراقي وهي القاعدة الأكبر والأكثر أهمية فعن أي شمل تقول إن الائتلاف الموحد لم يستطع استيعابه؟

هل تسعون إلى إقامة دولة إسلامية شيعية على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو فيدرالية عراقية كما يحدث في الشمال؟

-نحن لا نسعى إلى اقامة دولة إسلامية في العراق ولا نعمل على اقامة نموذج شيعي على غرار النموذج الإسلامي في إيران طموحنا بناء العراق الواحد وإذا كانت هناك اصوات سياسية تنطلق من هذا الطرف أو ذاك عن ضرورة إقامة فيدرالية في مجموعة من المحافظات الجنوبية والوسطى فهذه الفيدرالية لا تخرج عن إطار المفهوم الوطني للفيدراليات في العالم‚ هناك أكثر من فكرة مطروحة حول مشروع الفيدرالية فكرة تقول ان تنضم 9 محافظات تقع في إطار فيدرالية المنطقة الواحدة وتشمل الوسط والجنوب والفكرة الثانية تقول ان كل ثلاث محافظات تشكل فيدرالية واحدة والهدف من ذلك الاهتمام بالملايين من أبناء لشعب العراقي الذين كانوا مغيبين بشكل كامل ومهملين في سياسات النظام السابق مع أن البنية الاقتصادية القوية كالبترول والفوسفات وبقية عينات البنية الاقتصادية موجودة في مناطقهم فإذا كانت الفيدرالية تحقق الرفاه الاقتصادي والمتانة الوطنية في كل المجالات وتربط تلك المناطق بدولة المركز وتعمق صلة أبناء الشعب العراقي ببعضه فإن تلك الفيدرالية تمثل حلا واقعيا ونحن ضد أي حل أو صيغة سياسية تتحول إلى عبء إضافي على كاهل الشعب العراقي‚ إن الفيدرالية تمنع التقسيم وتجاربها في العالم مثال على التقدم والانسجام بين المكونات التي تأسست فيها.

كيف تنظرون إلى عودة الأعضاء السنة عن قرارهم مقاطعة صياغة الدستور بعد أن كانوا رفضوا المشاركة في صياغة الدستور بعد مقتل اثنين منهم وهل يمكن صياغة دستور دون مشاركة جميع الأطراف؟

-القوى الإرهابية قامت باغتيال الشهيدين مجبل الشيخ وضاري العبيدي وقد اجتمعت الهيئات الرئاسية الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة الجمعية الوطنية) واتفقت على حل يرضي الأطراف المشاركة في كتابة الدستور والتي سبق لها وانسحبت من اللجنة‚ نحن على يقين بأن الدستور يمثل استحقاقا وطنيا ولو كنا نعمل بأجندة لا علاقة لها بالاستحقاقات الوطنية لاستخدمنا حقنا البرلماني وتجاوزنا بقية الأطراف ولكتبنا الدستور بمعزل عن الجميع خصوصا وأن قانون إدارة الدولة العراقية يخول الغالبية البرلمانية كتابة الدستور لكننا لم نشتغل بتلك القاعدة وكان لنا إصرار على مشاركة كل الأطراف العراقية في كتابة الدستور والمشاركة في ادارة السلطة السياسية وأنتم تعرفون جيدا ان هناك عددا من الوزراء في الحكومة من الأخوة السنة العرب كما أن رئيس الجمعية الوطنية هو الآخر من السنة العرب نحن نؤكد على وحدةالعراق والعراقيين وبالتالي نعتقد بضرورة مشاركة الجميع في كتابة الدستور وغيره.

حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين اتهم فيلق بدر الشيعي الجناح العسكري للثورة الإسلامية بتنفيذ عمليات ضد السنة هل صحيح أن هذا الفيلق أصبح جزءا من وزارة الداخلية ماذا تقولون؟

-الحديث عن تاريخ منظمة بدر هو حديث عن الجهاد والشرف والتاريخ النظيف والعمل الصالح فهذه المنظمة الوطنية حملت الهم العراقي وقارعت نظام صدام لفترة 23 عاما وعملت من أجل اسقاط النظام الطائفي التعسفي البائد وقدمت بذلك عددا كبيرا من الشهداء وبعد سقوط النظام المقبور تحول فيلق بدر إلى منظمة مدنية سياسية ثقافية اجتماعية تقف الى جانب إخوانها وأبناء شعبها العراقي من أجل المساهمة في إعادة بناء العراق الذي دمره صدام وأزلامه «فيلق بدر» يعمل للعراق وليس ضده والاتهامات التي صدرت من هنا وهناك اتهامات باطلة وليس لها أساس من الصحة ولا يمكن أن يتحول المظلوم الى ظالم لأنه عانى من مرارة الظلم.

الزرقاوي هدد بتشكيل فيلق عمر مقابل فيلق بدر ألا ترون أن هذا ينذر بحرب طائفية؟

-إذا عرفت الزرقاوي واستراتيجيته في ذبح الناس والتطاول على رقاب أبناء الشعب العراقي وهدفه الأساس المتمثل بإشاعة الفوضى ومحاولته لإشعال نار الفتنة الطائفية التي تأكل الأخضر واليابس ستعرف بالتأكيد أسباب ودوافع هذا الإرهابي الكبير بزج اسم الخليفة عمر بن الخطاب في معركته الطائفية ان الزرقاوي مشروع اجرامي وطائفي ويعمل بالتنسيق مع أيتام النظام السابق في محاولة لعرقلة مسيرة التجربة الحضارية في العراق الجديد.

أنتم متهمون بالتنسيق مع ايران ألا يؤثر ذلك على علاقتكم مع سلطات الاحتلال التي تعتبر ان ايران وسوريا هما مصدر «الإرهاب» الذي يتعرض له العراق؟

-نحن لسنا متهمين ونعتبر ان ايران وسوريا بلدان شقيقان وقفا معنا أيام الكفاح الوطني ومذابح نظام صدام ضد أبناء الحركة الوطنية والإسلامية في العراق وقفة الأخ المواسي والداعم‚ ولا تنسى أن إيران كانت تضم أكثر من 750 ألف عراقي هجرهم النظام البائد بحجة أصولهم الإيرانية‚ مثلما كانت واحدة من أهم المقرات والمواقع الأساسية لعمل المعارضة العراقية وكانت سوريا كذلك.

من هنا نعتبر علاقتنا بهاتين الدولتين الجارتين واحدة من ثوابتنا في العلاقة مع العالم العربي والإسلامي وعلى أساس حماية المصالح المشتركة لكل بلد‚ إن الإرهاب ليس له هوية أو جنس أو لون ونحن نتشاور دائما وننسق مع دمشق وطهران لمكافحة الإرهاب.

مصادر
الوطن (قطر)