ما يجمع الرقص الشرقي بتصريحات بعض السياسيين اليوم هو الغواية، لأن هز البطن يشكل استعراضا لقدرات لينة تحمل بداخلها مخزونا جنسيا، والتصريحات التي تنبع فجأة من زعماء الطوائف اللبنانيين تشكل أيضا نوعا من الرشاقة في إضفاء إثارة وغواية لا مثيل لها.

وإذا كانت "الحرية" في لبنان تتلخص في عمليات التراشق السياسي والإعلامي، وتتخذ تقسيما طائفيا ومحاصصة، فإن "الحرية" تدفعنا أيضا نحو صورة أكثر كوميدية لما يمكن أن تقودنا إليه المفاهيم المعاصرة مثل الديمقراطية والحرية عندما تلصق بثقافة تراثية، أو بمجتمعات ما قبل الحداثة. والمسألة هنا لا تنطبق على لبنان ... لأنها حالة ربما تتسع لتأخذ مجالا حيويا أوسع من هذه الجغرافية، لكنها في لبنان أكثر وضوحا لأنها بلد الحرية!!!

تناقضات الثقافة التراثية تجعل من الحرية صورا لرموز الطائفية في لبنان ... وتجعل من حركة "كفاية" المصرية مزيجا من الأخوان والليبراليون الجدد ... وتدفع السلطات السياسية في العالم العربية لمهادنة التيار الإسلامي المعتدل ... كما تخلق تحالفا ما بين العلمانية والدين بحجة الحريات أو حقوق الإنسان. ووسط هذه الفوضى تضيع ملامح ما يمكن أن يحدث مستقبلا. وهنا نتذكر "هز البطن" كحالة لا نعرف مستقبلا له كونها تقدم الإغراء بينما احتمالات القادم مفتوحة.

"هز البطن" السياسي يشكل الصورة النهائية لمحاولاتنا عدم اختراق "المحرمات" باتجاه الحداثة، مما يجعل زعماء الطوائف روادا للديمقراطية، وأمراء الحروب أبطالا للحرية ... ويجعل عمليات "الديمقراطية" للشرق الأوسط الكبير نموذجا لاقتسام الدولة بين مرجعيات التراث....

في النهاية في الصورة ستبقى "شرقية" بمعناها الاستشراقي ... فألوان ألف ليلة وليلة ممتزجة اليوم بكل التحوير الذي نشهده لمفاهيم الحداثة، وإجبارها على التلون بنزعات ما قبل ظهور "الديمقراطية" و "الدولة الحديثة" .....