فشل القادة العراقيون في الوفاء بالمهلة التي انتهت عند منتصف الليلة الماضية لانجاز مسودة الدستور. وعقب ذلك اعلن حاجم الحسني رئيس الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) تعديل قانون إدارة الدولة لتمكين لجنة صياغة الدستور من اكمال عملها.

وقرر البرلمان الذي اجتمع الليلة الماضية بأغلبية الثلاثة ارباع المطلوبة تمديد المهلة قبل نهايتها بعشرين دقيقة الى الثاني والعشرين من الشهر الجاري.

كما أعلن السفير الأميركي في العراق زلماي خليل زادة ان مسودة الدستور العراقي ليست جاهزة بعد. وصرح خليل زادة الذي كان حاضراً في قاعة البرلمان وشارك في الاجتماعات الماراثونية امس ان القادة السياسيين لا يزالون بحاجة إلى «أسبوع أو عشرة أيام أخرى قبل التوصل إلى اتفاق».
وكان قادة الكتل السياسية وأعضاء لجنة صياغة الدستور يصارعون الوقت طوال يوم أمس لتسوية الخلافات حول البنود العالقة.وقال النائبان الكرديان محمود عثمان ومنذر الفضل ان نقاطاً عدة كانت عالقة حتى مساء أمس، مشيرا الى أن السفير الأميركي شارك في اجتماعات ما أسماه «المطبخ السياسي» ناقلاً ضغوط واشنطن لإنجاز الدستور في موعده.

وكانت الخلافات بين القوى السياسية العراقية قد حالت دون حل البنود الخلافية من الدستور وخاصة بشأن الصيغة النهائية للفيدرالية مما جعل قادة الكتل البرلمانية يكثفون اجتماعاتهم ويؤجلون مرتين موعد اجتماع الجمعية الوطنية العراقية.

وكشف عضو لجنة كتابة الدستور جواد المالكي في تصريحات لإذاعة «سوا» الأميركية مساء أمس انه تم الاتفاق على أن ينص الدستور على أن العراق فيدرالي وان كل محافظة فأكثر من حقها أن تقيم فيدرالية وأن يبقى هذا البند محمياً بضمانات دستورية بحيث لا يمكن إلغاؤه مستقبلاً.

مضيفاً ان الأمر سيترك لكل محافظة أو إقليم أو مجموعة محافظات لاختيار النظام الفيدرالي الخاص بها. وأوضح أن المحافظات التي يقل عدد سكانها عن مليوني نسمة لا يحق لها إقامة فيدرالية إلا في حال اتحادها مع محافظة أخرى حتى لو كان عدد سكان المحافظتين معاً لا يصل إلى المليوني نسمة.

وفي إشارة إلى رفض محتمل للنص من قبل المفاوضين السنة المعارضين للدستور لأنه يكرس الفيدرالية في العراق، قال الناطق باسم الحكومة ليث كبة «ان هذا الدستور لن يرضي الجميع وهذا دليل على نجاحه لأن الكل سيعمل مساومات فيه لكن مبادئه الرئيسية تم إقرارها». وقالت عضو الجمعية الوطنية

السفير الأميركي

تعرض مسودة الدستور العراقي على الجمعية الوطنية في الموعد المحدد فلا مناص من حل الجمعية الوطنية طبقا لقانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية. وانتقدت ما يطالب به الأكراد من حق تقرير المصير ونصيبهم في الثروات الطبيعية بصرف النظر عن الكثافة السكانية.

يذكر أن قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية ينص في مادته 61 على انه إذا لم تستكمل الجمعية الوطنية كتابة مسودة الدستور الدائم بحلول أمس 15 أغسطس 2005 عندها يتم حل الجمعية الوطنية وتجرى الانتخابات لجمعية وطنية جديدة في موعد أقصاه 15 ديسمبر 2005.

وكان النقاش يدور حول 18 نقطة خلاف على الأقل، كما أفادت وثيقة أعدتها لجنة صياغة الدستور، خصوصا بشأن مكانة الإسلام في التشريع والنظام الفيدرالي. ومعظم النقاط العالقة في مسودة كتابة الدستور لها علاقة بالأكراد مثل الفيدرالية وقضية كركوك ومسألة اللغة وعلاقة الدين بالدولة وهوية العراق واسمه وتوزيع الثروات الطبيعية خصوصا النفط.
وقال مسؤول أميركي لـ «البيان» في واشنطن أمس أن عدم الإتفاق يمثل «انتكاسة لجهودنا وجهود الآخرين.. ان ذلك لا يعني نهاية المطاف. فالجهود ستتكثف. وتمديد المهلة بات واردا. رغم أن العراقيين لم يكونوا يريدونه».

وبقيت واشنطن وبغداد على اتصال دائم أمس ساعة بساعة مارس خلالها المسؤولون الأميركيون الضغط المتواصل للاتفاق على مسودة الدستور في الموعد المحدد. ورغم الشعور السائد في البيت الأبيض بنفاد الوقت، ظل الأمل قائماً في أن يتم الاتفاق في اللحظة الأخيرة. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن احتمال أن يتقدم الشيعة والأكراد بمسودة الدستور للبرلمان دون موافقة السنة سيؤدي إلى انهيار الجهود لأنه لا يمكن إقرار دستور دون موافقتهم.

وأكد البيت الأبيض أن السفير الأميركي في بغداد زلماي خليل زادة يصارع الوقت للتوصل إلى اتفاق، وحذر أن التأخير سيكون بمثابة إعطاء المتمردين قوة زخم، وانه سيترك آثارا سلبية على نجاح مجمل العملية السياسية التي «نعتبرها أقوى سلاح لإلحاق الهزيمة بالمتمردين وبناء عراق ديمقراطي ومستقل» كما قال المسؤول الأميركي.

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)