كيف دخل "الإصلاح" إلى قاموسنا؟ رغم أن عصر الإصلاح والنهضة ظهر قبل قرن تقريبا .. إنه السؤال الذي ينسجم مع الرغبة الملحة في الكشف .. والمعرفة .. قبل ثلاث أجيال لم يكن لهذا المصطلح مكانٌ في عقول المتنورين والشباب، فالهم المعرفي والحياتي كان على مفهوم التغير الاجتماعي المرافق لمصطلحات "الثورة" و "العنف الثوري".
لكن "الإصلاح" لم يدخل علينا بشكل هادئ .. ففي سورية على الأقل ترافق مع أحداث لا تتكرر كثيرا في تاريخ المجتمعات .. ترافق مع إقالة وزارة وملاحقة المفسدين وانتحار رئيس وزارة سابق .. وقبل كل شيء ترافق مع مظاهر جديدة للحياة العامة تمثلت بنشاط لجملة من التيارات ..
ظهر الإصلاح وكأنه رديف المستقبل .. وظهر الغد كاستحقاق يصنعه خيال المجتمع. لكن واقع الحال أننا بالفعل دخلنا مرحلة جديدة على المستوى الإقليمي قبل أن يكون موضوع الإصلاح شأنا داخليا محضاً .. صحيح أن الإصلاح كان قرارا يحاول سبق التطورات، إلا أن الحدث أصر على ملاحقته بشكل مقصود وغير مقصود.
ويبقى السؤال قائما: كيف دخل الإصلاح إلى قاموسنا؟
ضمن صور الحياة انتقل الإصلاح من رغبة اجتماعية إلى طموح سياسي .. ومن فكرة لبناء برنامج إلى إجراء إداري .. وأخيرا من مهمة تحديد ماذا نريد إلى تشريعات تتعجل الإنجازات العريضة ..
إننا نكتشف يوميا أن الاستحقاق الكبير ليس حلما بل هو صراع .. وهو يتطلب أكثر من مناظرات الاقتصاديين وتبريرات المسؤولين، فهو عملية ديناميكية لا يمكن أن تقوم دون بناء استراتيجي متكامل ..
دخل الإصلاح إلى قاموسنا، على ما يبدو، من زاوية الحلم المنكسر لأجيال جاهدت منذ الخمسينيات لتحقيق التغيير الاجتماعي، لكنه بقي يسعى خارج الصراع الذي علينا أن نخوضه في تحديد الثقافة التي سترسم صورة الغد .. وربما في الهوية الاجتماعية التي ستصوغ إنسان الغد ..
نزوة المعرفة مازالت تلاحق العقل .. وربما ستدفعنا ليس إلى "مؤتمر وطني" بل إلى "بحث وطني" .. فربما تنتقل سوية السؤال نحو أفق جديد .. لينتمي للمستقبل وليس للماضي ...

مصادر
سورية الغد (دمشق)