فتية فلسطينيون يشاركون في مخيم صيفي قرب مستوطنة سانور في الضفة الغربية أمس (أ ف ب

يترقب فلسطينيو سوريا بحماسة شديدة عملية الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وينظر كثيرون منهم إليها على أنها حدث تاريخي يسجل للمرة الأولى <<تحريرا كاملا>> لأرض فلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي من دون إغفال طموحهم في أن تكون <<الخطوة الأولى>> نحو قيام دولة فلسطين وتحرير باقي الأرض.
وبرغم أن قضايا كثيرة مرتبطة بعملية <<فك الارتباط>> التي تحدث من طرف واحد، لا تزال غير واضحة النتائج، إلا أن فلسطينيين كثرا أعربوا عن رغبتهم في العودة إلى القطاع بمجرد أن تهدأ الأمور وتكتمل عملية الانسحاب، ليس فقط للمساهمة في بناء الدولة الفلسطينية، وإنما بالنسبة لبعضهم لاستكشاف فرص العمل.
تقول أم فادي، الممرضة الفلسطينية والأم لثلاثة أولاد المقيمة في سوريا منذ العام 1980، <<بعد الانسحاب سيصبح هناك فرص عمل، والوضع سيصبح مستقرا بسبب المساعدات التي ستأتي>>. وبرغم أن أكبر نسبة كثافة للسكان في العالم موجودة في القطاع، ترافقها بلا ريب نسبة بطالة قياسية، إلا أن ذلك لا يقلق أسرة أم فادي.
وبحسب أبي فادي، الذي يعمل في مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في دمشق، فإن التعويض المعنوي يؤدي دورا أساسيا في قرار العودة، بعد رحلة طويلة من اللجوء شملت لبنان والعراق ومصر. يقول <<نعيش هنا بشكل ممتاز، ولا ينقصنا شيء، سوى الهوية والوطن. لا أريد أن أبقى لاجئا أنا وأولادي طوال العمر>>.
لكن لا يشارك كل الفلسطينيين المقيمين في سوريا أبا فادي هذه المشاعر. يرى موفق، الذي يعمل بائعا في سوق تجاري في مخيم اليرموك، أن <<وطن المرء حيث يجني لقمة عيشه>>، ولذلك فإن الطموح بالعودة يقتصر على الزيارة المؤقتة. وبحسب مراقبين فلسطينيين، فإن <<السلطة نفسها لن تشرع أبوابها في وجه كل الفلسطينيين>> خصوصا في ضوء الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعيشه اقتصادها.
وتتجه الفصائل الفلسطينية الأكثر نشاطا على الساحة السورية، من جهتها، نحو السماح لكوادرها بالعودة إلى القطاع بشرط <<الاندحار النظيف والكامل>> لقوات الاحتلال. وبحسب مسؤول الجبهة الشعبية في الخارج ماهر الطاهر فإن الجبهة ستعمل على إعادة كل من هو قادر على العودة إلى غزة. ويوضح الطاهر <<سنعيد إلى قطاع غزة كل من هو من أبناء القطاع، هذه سياسة الجبهة الشعبية، وليس هذا فقط، من حق كل فلسطيني أن يعود إلى وطنه سواء من غزة أو الضفة أو أي منطقة أخرى وبالتالي سياستنا أن نعيد أكبر قدر ممكن من الرفاق ومن أبنائنا إلى الوطن>>.
وباعتقاد الطاهر، فإن هذه <<سياسة تتبناها كل الفصائل من دون استثناء>>. ويشير إلى أن حوالى 700 من كوادر الجبهة الشعبية عادوا مباشرة إلى الضفة بعد توقيع اتفاقات أوسلو، وأن آخرين كانوا ينوون العودة لولا الفيتو الإسرائيلي عليهم.
وإذ تقدر مصادر فلسطينية عدد اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في سوريا إثر نزوح العام 67 بحوالى ثلاثين ألفا، تنبه مصادر أخرى إلى أن هذا الرقم غير ناجم فعليا عن إحصاءات دقيقة، مع الإشارة إلى أن غالبية هؤلاء هم من ناشطي الفصائل العاملة في سوريا.
ويقول نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة ل<<السفير>> إن الحركة <<ليست ضد العودة>>. ويضيف أن <<كل من هو في الجهاد الإسلامي ويستطيع العودة فليعد، وسنتعامل معها كأرض محررة إذا كانت خارج سلطة الاحتلال>>، ولكن من دون أن يغفل أن عدد كوادر حركة الجهاد الموجودين في سوريا قليل كون الحركة <<لم تعمل على بنى تنظيمية في الخارج>>.
ورأى نخالة أن <<بقاء أي سلطة للاحتلال بما فيها أي وجود لإسرائيليين على المعابر يعني أن الاحتلال مستمر>>. واعتبر أن <<الاندحار يجب أن يكون نظيفا بالكامل، ومدى نظافة القطاع هو الذي سيحدد موقف المقاومة>>.
وأعربت حركة حماس أيضا عن عدم معارضتها لعودة الراغبين من كوادرها إلى القطاع في حال كانت المعابر إليه خالية من أي وجود للاحتلال الإسرائيلي.

مصادر
السفير (لبنان)