مشاعر متضاربة تجاه الانسحاب من غزة... والفقر يهدد الدولة العبرية

الصعوبات النفسية التي يواجهها الجنود في إخلاء المستوطنين من غزة، وإحياء ذكرى عيد خراب المعبد وتزامنه مع عملية الانسحاب من القطاع، والقوى المتعددة التي تشكل الحكومة الإيرانية الجديدة، والتقرير الصادر عن البنك الدولي حول الفقر في إسرائيل، قضايا تناولتها الصحافة الإسرائيلية الأسبوع الماضي.

"عملية (يد الإخوة) لإخلاء المستوطنات"

اختارت صحيفة "إسرائيلي إنسايدر" هذا العنوان ليتصدر افتتاحيتها يوم الإثنين الماضي. وتسجل الافتتاحية أجواء عملية إخلاء المستوطنات في غزة التي نفذها الجيش الإسرائيلي. وركزت الافتتاحية بالخصوص على تلك المشاعر الملتبسة التي طغت على الجنود وهم يقومون بالإخلاء. ففي مستوطنة "نيفي ديكاليم" ما إن تسلل الجنود إلى داخل المستوطنة عبر ثقب أحدثوه في الحائط حتى أجهشوا بالبكاء وانهار العديد منهم نتيجة ما يعتقدون أنه عمل غير أخلاقي القيام بطرد اليهود من منازلهم. وفي مشهد آخر انهار جنرال إسرائيلي وهو يعانق مستوطِنة كانت تحاول إقناعه بعدم طردها من بيتها. وفي مستوطنة "جان أور" وصلت قوات الجيش إلى اتفاق مع المستوطنين تم بموجبه إرسال مجموعة صغيرة من الضباط الكبار لإخطار المستوطنين بضرورة الإخلاء، لكنهم ما أن رأوا المستوطنين حتى نز العرق من جباههم وتمنوا لو لم يروا هذا اليوم.

"احذروا المتطرفين"

هذا هو عنوان افتتاحية صحيفة "هآرتس" يوم الأحد الماضي، والتي خصصتها لإلقاء الضوء على ذكرى أليمة في تاريخ اليهود هي عيد خراب الهيكل في القدس. غير أن تخليد هذه الذكرى تزامن هذه المرة مع الانسحاب الإسرائيلي من غزة الذي بدأ في منتصف ليلة الإثنين الماضي. فبعد ألفي سنة من إقامة اليهود في الشتات بعيدا عن إسرائيل حيث تلاشى أي أمل في إحياء وطن قومي لليهود، استطاعت الصهيونية انتزاع هذا الحلم من الخيال وتجسيده على أرض الواقع، خصوصا بعد المرور من محطات قاسية في التاريخ كان آخرها المحرقة النازية التي مازالت ندوبها ماثلة في الذاكرة. وترى الافتتاحية أنه حتى بعد مرور 60 سنة على قيام دولة إسرائيل مازال "عيد خراب الهيكل" يشكل مناسبة لاستخلاص العبر من الماضي السحيق والإفادة منها في الحاضر. ومن هذا المنطلق يتعين التعامل مع تحطيم المعبد الثاني في القدس ليس كخراب مادي فقط لحق بالرموز اليهودية، بل يتعين التعامل معه كخراب للوطن القومي. ولئن كان "الأغيار" هم من دمروا المعبد، فإنه يجب ألا يتكرر دور المتطرفين اليهود في التعجيل بحلول الكارثة ونسف الوطن. أما اليوم وإسرائيل تقوم بالانسحاب من غزة فتدعو الصحيفة كافة اليهود إلى الالتفاف حول هذا القرار وتفادي تكرار المصير المؤلم الذي حل باليهود في سالف الأزمان.

"وراء الكواليس في طهران"

كان هذا هو العنوان الذي تصدر مقالة للكاتب أمير طاهري يوم الإثنين الماضي في جريدة "جيروزاليم بوست" الذي يسعى من خلاله إلى استجلاء الوضع في طهران بعد وصول أحمدي نجاد إلى الرئاسة وتنصيبه لحكومته الجديدة. فمباشرة بعد تقديم الرئيس الجديد للائحة أعضاء حكومته لـ"المجلس الإسلامي" في طهران وصفها الخصوم السابقون بأنها "مجموعة من المتشددين" اختارها المرشد الأعلى بنفسه. كما وصف عضو سابق في البرلمان الإيراني بيهزاد نبازي أحمدي نجاد على أنه مجرد "سكرتير للمرشد الأعلى". والواقع أن حكومة أحمدي نجاد تبرز كائتلاف يضم العديد من القوى المؤثرة في طهران، حيث لا يشكل المرشد الأعلى، حسب رأي الكاتب، سوى واحد من هذه القوى. وبإلقاء نظرة على التشكيلة الجديدة للحكومة، يتبين بوضوح الأطياف المؤثرة التي تكونها، حيث يأتي في الصدارة فيلق الحرس الإسلامي الثوري الذي يضم 350 ألف فرد، وهو فيلق مواز للجيش لكنه ليس جزءاً منه. بالإضافة إلى ذلك هناك "الباسيج" وهو عبارة عن قوات شبه عسكرية يبلغ عدد أفرادها 4.5 مليون. ويشكل أعضاء هذين الجهازين ثمانية على الأقل من أعضاء الحكومة الحالية. أما المناصب المتعلقة بالاقتصاد والمالية فقد عادت كلها إلى مجموعة أخرى تدعى "أوصولجارا" أو الأصوليين التي تتكون من السياسيين ورجال الأعمال ذوي العلاقات القوية مع "البازار" التقليدي. وفيما يخص وزارات الأمن والعدل والداخلية فقد تولى مسؤوليتها رجال عملوا في أجهزة المخابرات الإيرانية. غير أن الحكومة لا تخلو كذلك من بعض التكنوقراط والموظفين الحكوميين مثل وزير الخارجية، فضلا عن مجموعة "إثاري" وتعني التضحية التي ينتمي إليها ستة وزراء بمن فيهم أحمدي نجاد نفسه.

"صورة بائسة"

عنوان المقال الذي كتبه "إيتان بنتسور" يوم الأربعاء الماضي في صحيفة "يديعوت أحرنوت" يتطرق فيه إلى التقرير الذي أصدره مؤخراً البنك الدولي عن حالة الفقر في إسرائيل. والتقرير على درجة من الخطورة حيث يكشف عن أن ارتفاع نسبة الفقر في إسرائيل فاقت ما كانت عليه في السنوات السابقة. ويبدي الكاتب تحسره على الوضع المتردي الذي وصلت إليه دولة إسرائيل معبرا عن غضبه حيال الإهمال الذي لحق التقرير. ويشير الكاتب إلى مجموعة من العوامل تضافرت لتسفر عن ازدياد معدل الفقر بين المواطنين الإسرائيليين، حيث يأتي في الصدارة وجود نظام سياسي فاسد يتلاعب بأموال الدولة، وغياب قيادة تملك رؤية واضحة لإصلاح الأوضاع، ثم هيمنة أسلوب الحياة المادي على حساب الفقراء. ويدين الكاتب كذلك منظومة القيم في إسرائيل التي تميل أكثر نحو الأشياء المادية وتغفل المعاني الإنسانية التي سادت إسرائيل في بدايتها مثل التعاضد ومؤازرة الغير في المحن. كما أن الحكومات المتعاقبة كفت عن رعاية شؤون الناس البسطاء واهتمت في المقابل بعالم الأعمال ورضخت لضغوطه المتنامية. وحتى الجهات المعنية بالرقابة على الأنشطة الحكومية غاصت بدورها في الفساد وهو ما يهدد تماسك الدولة في المستقبل.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)